مع انشغال الرأي العام الدولي والقوى الكبرى في أزمة إيران النووية وترسانتها الصاروخية، واصلت طهران وبشكل سري عملها على تطوير قدرات جيشها الإلكتروني بوتيرة متسارعة لشن هجمات ضد أعدائها، ولتتحول إلى واحدة من الدول الأكثر تأثيراً في ميدان الحرب الإلكترونية.
كما تشكل إيران مصدر تهديد دولي، وخاصةً للولايات المتحدة، نتيجة قدراتها بضرب أهداف بعيدة المدى في أنظمة الدول الغربية وتدميرها، رغم عدم امتلاكها وسائل وآليات تمكنها من شن هجمات استراتيجية إلكترونية متكاملة.
بالاستعانة بالقراصنة وخبراء الفضاء الإلكتروني من روسيا، طوّرت طهران عددا من الهيئات الداخلية لتعزيز قدراتها الإلكترونية، الهجومية منها والدفاعية، الأمر الذي وضعها ضمن نادي أقوى 5 دول إلكترونيا في العالم بعد روسيا والولايات المتحدة والصين.
فبعيد الهجمات الإلكترونية التي تعرض لها النظام الإيراني ومفاعله النووي ومؤسسات الحرس الثوري في العقد الأخير، ومنها هجمات "ستاكسنات" على البنية التحتية للطاقة النووية عام 2010 التي خلفت أضراراً جسيمة، توجّه النظام إلى تدعيم قدراته الإلكترونية الهجومية والدفاعية من خلال إنشاء "قبة وقائية إلكترونية" تمنع المعارضين في الداخل والقوى الخارجية "المعادية" من مراقبة أنشطته النووية والعسكرية وخططه السياسية على الصعيد الداخلي، وتحصين فضائه الإلكتروني تحسبا لأي هجمات خارجية، وتعزيز نظامه الدفاعي الإلكتروني لمنع الاختراق الخارجي له.
الجيش الإلكتروني طوّر بدوره برامج وقائية استباقية تمكنه من رصد الهجوم الإلكتروني قبل أو بعد وقوعه بما يسهل من قدرتها على التصدي له.
وعزلت #إيران فضاءها عبر إنشاء برنامج إنترنت داخلي تحت اسم "الإنترنت الحلال" وهو منعزل تماماً عن الشبكة العالمية للإنترنت، لتشديد رقابتها على الشبكة خشية من "ثورة خضراء ثانية". السلطات الإيرانية لم تقف عند هذا الحد بل طورت عددا من التكنولوجيات والبرمجيات، من بينها آلية تشغيل آمنة محصنة للشبكة لإنهاء الاعتماد الإيراني على نظم التشغيل الأميركية.
وبالعودة إلى التصاعد غير المسبوق للقدرات الإيرانية في مجال الحرب الإلكترونية، فقد برز في الهجمات المكثفة التي شنتها إيران على فضاءات "أعدائها وخصومها الإلكترونية ودول الجوار". ففي العام 2012، هاجم جيش إيران الإلكتروني شركة النفط السعودية "أرامكو"، ووجّهت طهران هجمات إلكترونية عدة على الولايات المتحدة وأبرزها الهجوم على المؤسسات المصرفية والمالية الأميركية والقرصنة الإيرانية الإلكترونية على الشبكة الداخلية لسلاح مشاة البحرية الأميركية عام 2012 والهجوم الإلكتروني الإيراني على البنية التحتية الأميركية وشركات الطاقة والتي تتمثل في خطوط الغاز والبترول والأنظمة الكهربائية عام 2013، إضافةً إلى هجمات طالت مؤسسة البريد وحسابات ومواقع التواصل لمسؤولين في الإدارة الأميركية في نوفمبر/تشرين الثاني 2015.
تأسيس جيش إيران الإلكتروني كذراع للحرس الثوري جاء كمنصة فعّالة تتمتع بقدرة تدميرية لإلحاق الضرر بأعداء إيران وتهديد مصالحهم، خصوصاً حينما يعجز النظام عبر فيالقه وأجنحته الممتدة في العالم من التحرك عسكريا لتنفيذ أي مخطط تخريبي، حينها يفعّل #الحرس_الثوري ذراعه الإلكتروني ليغزو فضاءات الدول ويهدد أمنها ويبقى بمنأى عن أي إدانة دولية.