أثارت "بتكوين" جدلا واسع النطاق في الأوساط الاقتصادية والمالية على مستوى العالم، ولعل تذبذباتها الحادة قد قللت من منفعتها كوسيلة دفع يعول عليها.
أكد بعض المحللين على أنه من الممكن اعتبار "بتكوين" مخزنا للقيمة، وحتى لو لم يهتم البعض بشرائها، إلا أن طفرة هذه العملة الرقمية وتحركاتها القوية نحو الصعود أو الهبوط جديرة بالمتابعة، ووفقا لتقرير نشرته "وول ستريت جورنال"، فإن التذبذبات الحادة لـ"بتكوين" يمكن التكهن من خلالها بتقلبات محتملة أو عدم توازن في أصول مالية أخرى.
تكنولوجيا جديدة
- جذبت تكنولوجيا "بلوك شين" – التي يتم تداول العملات الرقمية عن طريقها – أنظار مختلف القطاعات حول العالم سواء المالية والمصرفية أو الصناعية والزراعية.
- كشف الياباني "ساتوشي ناكاموتو" عن أولى شفرات تطوير "بتكوين" لأول مرة في الثالث من يناير 2009، وعن طريق "بلوك شين"، يتم تنفيذ صفقات بين الأفراد دون معرفة بعضهم البعض ودون الاعتماد على نظام حوكمة مركزي.
- ويرى "ناكاموتو" أن المشكلة الأبرز التي تواجه سوق "بتكوين" والعملات الرقمية الأخرى هي عدم الثقة الأمر الذي يزيد الشكوك بشأن استغلالها في غسل الأموال وتمويل أنشطة إجرامية.
- أقبل البعض على "بتكوين" بوصفها تكنولوجيا جديدة في بداياتها خاصة بين المتشائمين الذين تخفوا من سقوط النظام المالي العالمي وانهيار العملات بعد الأزمة المالية، وارتفع سعر العملة الرقمية بشكل معتدل حتى بلغ في نوفمبر 2016 مستوى 700 دولار.
- بعد ذلك، قفزت أسعار "بتكوين" والعملات الرقمية الأخرى في العام الماضي واتجهت "بتكوين" إلى ألف دولار ثم ألفين ثم خمسة آلاف ثم عشرة آلاف دولار، وفي ديسمبر/كانون الأول 2017، اقتربت من حاجز 20 ألف دولار.
- ازداد هوس الكثيرين بـ"بتكوين" وشبهها محللون بفقاعات شهيرة مثل "توليب" و"دوت كوم" كما وصفها خبراء بالاحتيال وآخرون بـ"الفقاعة" التي ستلقى نهاية سيئة.
تذبذبات حادة
- رغم كل السلبيات التي أحاطت بـ"بتكوين" وأخواتها، إلا أن الإقبال عليها لا يزال مستمرا، ولكن تساءل محللون عن أسباب التقلبات الحادة التي انتابت هذه العملة الرقمية.
- أشار البعض إلى عوامل اقتصادية وأخرى جيوسياسية، فعند انتخاب "ترامب" رئيسا لأمريكا، توقع مستثمرون ومديرون تنفيذيون تغيرات داعمة للنمو الاقتصادي في الولايات المتحدة مثل الخفض الضريبي وتخفيف القيود التنظيمية وزيادة الإنفاق على البنية التحتية.
- تحسنت التوقعات بخصوص النمو الاقتصادي الأمريكي والعالمي بشكل ملحوظ، ورفع الفيدرالي معدل الفائدة أربع مرات منذ ذلك الحين حتى نهاية 2017.
- في ظل عدم اليقين حيال السياسات النقدية العالمية واحتمالات زيادة الفائدة، اتجه البعض نحو العملات الرقمية كنوع من المقامرة، فلو استمرت سياسات التيسير الكمي وتوسع الأحوال المالية، فإن أصولا مثل الأسهم والعملات الرقمية ستشهد انتعاشا.
- رأى محللون أن "بتكوين" اعتبرت ملاذا آمنا – ضد التذبذب في الأصول المالية – يمكن التعويل عليه في أوقات النمو الاقتصادي القوية التي من شأنها دفع معدل التضخم نحو الارتفاع وزيادة وتيرة الفائدة من قبل الفيدرالي بالتبعية.
- في الوقت الذي تفاءل فيه المستثمرون بوجه عام، إلا أنه لا يزال هناك بعض القلق حيال إدارة "ترامب" وسياستها التجارية مثل خفض قيمة الدولار لتعزيز الصادرات، وبالتالي، يبحث البعض عن مخزن للقيمة، وكان في هذه الحالة "بتكوين" والعملات الرقمية الأخرى.
- تراجعت الثقة في مؤسسات مالية أمريكية بعد الانتخابات الرئاسية عام 2016، وهو ما اعتبر سببا آخر لدعم العملات الرقمية.
- تتزايد معدلات عدم اليقين في الأسواق العالمية في ظل إجراءات حمائية تجارية اتخذتها إدارة "ترامب" لعل أبرزها مؤخرا فرض رسوم على واردات الصلب والألمنيوم.
- لا تزال الشكوك تحيط بالسياسة النقدية للفيدرالي تحت قيادته الجديدة برئاسة "جيروم باول" ليتجه مستثمرون نحو العملات الرقمية كنوع من التحوط، ورغم أن أغلب تلك العملات حاليا ستكون عديمة القيمة، إلا أن جيلا جديدا من العملات الرقمية يلوح في الأفق ربما يحقق الغرض الذي أطلقت من أجله في البداية بأن تكون وسيلة دفع.
- لاحظ محللون حساسية "بتكوين" وأخواتها لعدم اليقين إزاء السياسات الاقتصادية والمالية، فقد تعرضت "بتكوين" لتذبذبات حادة أواخر العام الماضي وأوائل العام الجاري وسط تقلبات في أصول مالية أخرى من بينها الأسهم والسندات والائتمان.