فازت رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي بدعم كبار وزرائها للقيام بتحرك لم يتحدد بعد مع الولايات المتحدة وفرنسا لردع سوريا عن استخدام الأسلحة الكيماوية مستقبلا وذلك بعد هجوم كيماوي مزعوم على المدنيين.
وبعد أن حذر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب روسيا يوم الأربعاء من عمل عسكري وشيك في سوريا، قال يوم الخميس إنه يعقد اجتماعات بشأن سوريا ومن المتوقع أن يتخذ قرارات ”قريبا جدا“.
وحذرت روسيا الغرب من مهاجمة حليفها السوري الرئيس بشار الأسد الذي تدعمه إيران أيضا وقالت إنه لا يوجد أي دليل على وقوع هجوم كيماوي في مدينة دوما السورية القريبة من دمشق.
واستدعت ماي الوزراء من عطلة عيد القيامة لحضور اجتماع خاص للحكومة في داونينج ستريت لبحث رد بريطانيا على ما وصفته بالهجوم الوحشي الذي لا يمكن أن يمر دون رد.
وأبلغت ماي كبار وزرائها أن الهجوم في دوما أظهر تآكلا ”مقلقا للغاية“ للمعايير القانونية الدولية التي تمنع استخدام الأسلحة الكيماوية.
وقالت المتحدثة باسم ماي في بيان عقب الاجتماع ”اتفق مجلس الوزراء على ضرورة اتخاذ إجراء لتخفيف المعاناة الإنسانية وردع نظام الأسد عن أي استخدام للأسلحة الكيماوية في المستقبل“.
وأضاف البيان ”اتفق مجلس الوزراء على أن رئيسة الحكومة يجب أن تواصل العمل مع الحلفاء في الولايات المتحدة وفرنسا لتنسيق رد دولي“.
ولم يورد البيان إشارة محددة للعمل العسكري.
ويسلط تصاعد التوتر بشأن هجوم دوما الضوء على التقلب في مجريات الحرب الأهلية السورية التي بدأت باحتجاجات مناهضة للأسد في مارس آذار 2011 لكنها تحولت إلى حرب بالوكالة تشارك فيها قوى عالمية وإقليمية ومجموعة متشابكة من الفصائل المسلحة.
وكانت جماعة جيش الإسلام السورية المعارضة هي أول من تحدث عن هجوم دوما يوم السبت. ومن المزمع أن يجري مفتشون تابعون لمنظمة حظر الأسلحة الكيميائية تحقيقا في الواقعة.
* مواجهة بين واشنطن وموسكو؟
قالت هيئة الإذاعة البريطانية (بي.بي.سي) إن ماي مستعدة لاتخاذ قرار المشاركة في التحرك بقيادة الولايات المتحدة دون طلب موافقة مسبقة من البرلمان. وامتنع متحدثون باسم داونينج ستريت مرارا عن التعليق على هذا التقرير.
وقالت ماي للصحفيين يوم الأربعاء ”الهجوم الكيماوي الذي وقع يوم السبت في دوما بسوريا صادم ووحشي. وكل المؤشرات تقول إن النظام السوري مسؤول“.
وماي ليست ملزمة بالحصول على موافقة البرلمان لكن هناك اتفاقا دستوريا غير ملزم بالحصول على تأييد البرلمان وضع منذ التصويت عام 2003 على الانضمام للغزو الأمريكي للعراق.
وجرى الالتزام بهذا الاتفاق في الانتشار العسكري فيما بعد في ليبيا والعراق. وتساور الشكوك العديد من المشرعين والناخبين البريطانيين حيال التورط في الحرب السورية.
وذكر زعيم حزب العمال البريطاني المعارض جيريمي كوربين أنه يجب التشاور مع البرلمان قبل أن توافق ماي على أي عمل عسكري.
وقال كوربين ”تخيلوا السيناريو إذا ما أسقط صاروخ أمريكي طائرة روسية أو العكس... كيف سنتصرف؟“
وأظهر استطلاع للرأي أجرته مؤسسة (يوجوف) ونشر يوم الخميس أن واحدا فقط من بين كل خمسة ناخبين بريطانيين يؤيد توجيه ضربة صاروخية لسوريا. وأضاف الاستطلاع أن 43 بالمئة من الناخبين يعارضون مثل هذه الضربة بينما قال 34 في المئة إنهم لا يعرفون ما ينبغي عمله.
وتشن بريطانيا ضربات جوية في سوريا من قاعدتها العسكرية في قبرص لكنها لا تستهدف سوى تنظيم الدولة الإسلامية.
وصوت البرلمان برفض مشاركة بريطانيا في عمل عسكري ضد حكومة الأسد في 2013 مما سبب حرجا لديفيد كاميرون رئيس الوزراء البريطاني السابق. وردع هذا القرار إدارة الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما عن القيام بعمل عسكري.
وتعقدت خطط الزعماء البريطانيين للانضمام إلى الحروب في السنوات القليلة الماضية بسبب قرار بريطانيا المشاركة في غزو العراق عام 2003 بعدما أكدت امتلاك صدام حسين لأسلحة دمار شامل وهو زعم تبين فيما بعد أنه خاطئ.
لكن وقبل أقل من عام على خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي ترغب ماي في تعزيز ”علاقتها الخاصة“ بالولايات المتحدة باتفاق واسع النطاق للتجارة الحرة سيساعد في احتواء تداعيات خروج لندن من التكتل.