يعتبر فيرنك بوشكاش أحد أفضل لاعبي كرة القدم على مدار التاريخ وكان المنتخب المجري بقيادته فريقا لا يقهر في بداية فعاليات كأس العالم 1954 بسويسرا.
واكتسح هذا الفريق منتخب كوريا الجنوبية 9 / صفر ثم سحق منتخب ألمانيا الغربية 8 / 3 في دور المجموعات ثم فاز على نظيره البرازيلي 4 / 2 في دور الثمانية وعلى أوروجواي بنفس النتيجة في المربع الذهبي.
ومع هذه النتائج ، نال المنتخب المجري ترشيحات هائلة في طريقه إلى النهائي وانتظر متابعو البطولة وأنصار الفريق فوزا مريحا للمجر في النهائي لاسيما وأن الفريق سيلتقي نظيره الألماني بعد أسبوعين فقط من الفوز على نفس الفريق الألماني 8 / 3 .
ولكن شيئا استثنائيا كان في انتظار المنتخب المجري بقيادة بوشكاش حيث قلب الألمان تأخرهم بهدفين نظيفين في الدقائق الثمانية الأولى من المباراة إلى فوز ثمين 3 / 2 فيما وصفه الألمان أنفسهم بأنه "معجزة برن".
وكان فالتر فريتز هو الرجل الحاسم في الفريق الألماني الذي فاجأ الكثيرين بحصوله على لقب البطولة بالفوز على المنتخب المجري المرشح الأول وأقوى فرق البطولة.
وكان المنتخب المجري قطع مشوارا امتد لنحو أربعة أعوام دون هزيمة.
وكان فالتر، الذي توفي في 17 حزيران/يونيو 2002 خلال إقامة بطولة كأس العالم في كوريا واليابان ، هو القائد والعقل المفكر لـ"أبطال برن"، كما أطلقت كتب تاريخ الكرة على ذلك المنتخب الذي تحول إلى رمز حقيقي لإعادة إعمار ألمانيا بعد الحرب، أو "المعجزة الألمانية".
وحكى فالتر في مذكراته "أتذكرها كما لو كانت اليوم" في إشارة إلى المباراة النهائية في برن. وأوضح "كانت الأمطار تهطل بغزارة، ويبدو أنني كنت دوما ما أقدم مباريات جيدة في تلك الظروف".
ومنذ ذلك الوقت ، يقال "طقس فريتز-فالتر" لوصف المباريات التي تقام على ملعب موحل في أيام ممطرة.
ويقول فالتر "أرسلنا سيب هيربرجر (المدير الفني الأسطوري)، الذي كان الصانع الحقيقي لتلك البطولة، إلى الملعب بتعليمات أن نحافظ على التعادل السلبي لأطول فترة ممكنة"، مشيرا إلى أنه رغم كونه "الذراع الممتدة للمدير الفني داخل الملعب" فإنه لم يتمكن من الحيلولة دون وقوع الأمور بالعكس ، فالماكينة المجرية مع بوشكاش وتشيبور وكوسيس "بدأت اللعب بسرعة الصاروخ وتفوقوا علينا حرفيا"، وبعد مرور ثماني دقائق كانوا قد تقدموا على الألمان 2/صفر.
لكن مورلوك تمكن من تقليص الفارق. وقال "بدأت العصبية تصيب المجريين، وانتبهنا نحن إلى أن الخسارة لم تكن محققة".
وأضاف "جاء التعادل 2/2 عبر هيلموت ران.. وانتابهم الخوف، بدا كما لو كان الشلل قد أصابهم. في غرف الملابس خلال الاستراحة قلت لزملائي : يمكننا صنع الملحمة وفعلناها، بالهدف الثاني لران، عندما كانت تتبقى ست دقائق فحسب على نهاية المباراة".
لعب فالتر إجمالا 61 مباراة دولية، نصفها كقائد للفريق، وأحرز 33 هدفا.
وفي عام 1942 ، تم استدعاؤه للخدمة كجندي في الحرب العالمية الثانية وأرسل إلى "الجبهة الشرقية"، حيث تعرض للأسر على يد القوات السوفيتية. وأعرب عن تذمره من ذلك الأمر لاحقا في مذكراته "الحرب سرقت مني أجمل سنواتي".
وفي عام 1945 ، تمكن من الرحيل عن معسكر أسرى الحرب والعودة إلى بلاده، حيث استأنف مشواره الرياضي.
وكان لاعبا لا غنى عنه في فريقه كايزر سلاوترن، الذي لعب له بين عامي 1937 و1959، رافضا إغراءات بالملايين من أتلتيكو مدريد وانتر ميلان.
ويذكر قائد الألمان في مونديال 1954 ، الذي اعترف بأنه حصل بعد الفوز باللقب على 2500 مارك وطاقم استقبال من عدة كراسي وأريكة ، "في 1951 كان كايزر سلاوترن يدفع لي ما يزيد قليلا عن 300 مارك. وعلى الفور ، ظهر أتليتكو مدريد وعرض علي نصف مليون مارك ما كان يمثل ثروة مقابل عامين، مبلغ رائع. سألت زوجتي إيتاليا، وهي قررت أن نبقى".
وبعد كأس العالم 1954 بسويسرا، عاد إلى المشاركة وهو في سن السابعة والثلاثين في مونديال 1958 بالسويد حيث لم يتمكن الفريق من الحفاظ على لقبه وسقط في الدور قبل النهائي أمام أصحاب الأرض ليحتل في النهاية المركز الرابع.
وعلى الرغم من حضوره المميز داخل الملعب وقيامه بدور مخطط ممتاز يسيطر على مساحة كبيرة من الملعب ، اعترف فالتر بأن حالته النفسية على المستوى الشخصي كانت أمرا مختلفا.
وقال فالتر "لأعوام كانت المباريات الدولية تصيبني بعصبية شديدة، حتى أنني كنت أمرض. كان من المعتاد أن يكون علي الذهاب إلى المرحاض، وكنت أغلق على نفسي حتى ما قبل بداية المباراة بدقائق قليلة".
كابتن فريق ألمانيا الغربية فالتر يحتفل مع زملائه في الفريق بعد المباراة النهائية لكأس العالم ضد المجر في بيرن ، سويسرا ، في 4 يوليو 1954.