يخضع ضابط شرطة لفحوصات طبية في مستشفى في سالزبيري بعد الاشتباه بتعرضه لمادة نوفيتشوك السامة، بينما قال مسؤولون بريطانيون إن التحقيق الذي تتولاه الشرطة في حادث تسمم شخصين بالمادة ذاتها في سالزبري يتوقع أن "يستغرق عدة أشهر."
وقالت الشرطة إن تشارلي رولي، 45 سنة، ودون ستروغس، 47 سنة، اللذان تعرضا لمادة نوفيتشوك، ما زالا في حالة حرجة بعد مرور أسبوع على تسممهما وسط ملابسات غير واضحة. إذ ظهرت عليهما أعراض مشابهة لتلك التي ظهرت على الجاسوس الروسي السابق، سيرغي سكريبال،وابنته يوليا في مارس/ آذار الماضي.
وأكدت شرطة ويلتشر أن هذه الأعراض لم تظهر على أي شخص آخر بعد هذا الحادث.
وعكفت قوات الشرطة، مرتدين السترات الواقية من المواد الضارة، الأسبوع الماضي، على فحص وتفتيش مجمع جون بيكر السكني حيث يقيم الزوجان سعيا وراء اكتشاف المزيد من الأدلة التي تفيد في التحقيقات.
كما يبحث محققون في 1300 ساعة من محتوى التقطته كاميرات المراقبة للتعرف على الوقت الذي تعرض فيه المصابان لغاز الأعصاب.
وقال بيان صادر عن الشرطة البريطانية بشأن الحادث إن المسؤولين عن التحقيق "يواجهون تحديا غير مسبوق يحيط بعملية التحقيقات في هذه القضية، ما قد يصل يجعلها تستغرق عدة أسابيع أو حتى عدة أشهر."
وتتحلل مادة نوفيتشوك عند التعرض لمياه الأمطار وأشعة الشمس، ما يرجح أن المصابيْن تعرضا له في مكان مغلق، وفقا لمصدر حكومي.
واتهمت السلطات البريطانية الحكومة الروسية بأنها وراء تسمم سكريبال وابنته بغاز الأعصاب في مارس/ آذار الماضي.
وطالب وزير الداخلية البريطاني ساجد جاويد روسيا بتفسير "لما حدث" بعد أن وصف توم توجندات، رئيس لجنة الشؤون الخارجية في البرلمان البريطاني، الحادث بأنه "جريمة حرب" و"عمل إرهابي خسيس".
أما روسيا، التي تنفي الاتهامات البريطانية بممارسة هذه الهجمات، فقالت إن بريطانيا تسعى إلى "تعقيد الأمور وتخويف شعبها".
من هم الضحايا؟
تقيم دون ستروغس في مجمع جون بيكر السكني، الذي يوفر مساعدات الإقامة، في سولزبري هي وأطفالها الثلاثة. وقد وصفها صديق لها يقيم في المجمع السكني نفسه بأنها "ودودة وتهتم بالآخرين" كما وصف شقيق تشارلي رولي، المصاب الثاني في الحادث نفسه، تشارلي بأنه "شخص ودود ومتعاون جدا علاوة على أنه محبوب من لدن المحيطين به."
ماذا حدث للمصابين؟
استدعيت خدمة الإسعاف مرتين، السبت الماضي، إلى شقة على طريق موغلتون في أمزبري بعد إصابة ستروغس التي نقلتها سيارة الإسعاف إلى المستشفى المرة الأولى. ووصلت سيارة إسعاف بعد ذلك بساعات للتعامل مع إصابة رولي الذي سقط من الإعياء هو الآخر.
وقال سام هوبسون، صديق رولي، إن رولي ذهب إلى صيدلية في أمزبري لشراء وصفة علاجية قبل التوجه لحضور مناسبة في الكنيسة المعمدانية.
وعاد الصديقان إلى الشقة واتفقا على الذهاب إلى المستشفى، لكن رولي تعرض "لارتفاع في درجة الحرارة وتعرق شديد وبدأ في التصرف بطريقة تثير الضحك"، وفقا لهوبسون، 29 سنة.
وأضاف: "كان يضرب الحائط بنفسه بينما احمرت عيناه مع ظهور بقع حمراء في جسده وتعرق شديد وسيلان في اللعاب، ما اضطرني إلى الاتصال لطلب الإسعاف له."
وتوصلت شرطة ويلتشاير، بناء على أقوال بعض اًدقاءالضحايا، وما عثرت عليه في الشقة، إلى تفسير أولي لما حدث تضمن أن المصابين تعرضا للإعياء الشديد بسبب تعاطي جرعة من مخدر الهيروين أو الكوكايين.
لكن بعد الفحص الذي خضعا له في مركز الأبحاث العسكري في بورتون داون، توفرت أدلة قوية على تعرض المصابيْن لمادة نوفيتشوك.
ما الذي تركز عليه تحقيقات الشرطة؟
ترجح الشرطة أن تشارلي رولي ودون ستروغس لم يستهدفا بهجوم منظم، لكنهما تعرضا لمادة نوفيتشوك في أمزبري في سالزبري.
وكشفت الشرطة مساء الجمعة الماضية عن المزيد من التفاصيل حول تحركات الضحايا، والتي أشارت إلى أنهما كانا في مكان إقامتهما في مجمع جون بيكر السكني، الذي يقدم مساعدات الإقامة، وقت الغداء يوم 29 يونيو/ حزيران الماضي قبل زيارة عدد من المتاجر في سالزبري والتوجه إلى حدائق الملكة إليزابث.
وعاد المصابان إلى مسكنهما في أمزبري، حوالي الساعة 4:20 مساء بتوقيت بريطانيا الصيفي، قبل العودة في الحافلة العامة إلى أمزبري حوالي الساعة 22:30 مساء. ورجحت تقارير الشرطة أيضا أنهما ظلا في المنزل حتى استدعاء خدمات الطواريء السبت.
وضربت الشرطة طوقا أمنيا على منطقتين هما طريق موغلتون وصيدلية بوتس والكنيسة المعمدانية في أمزبري، ومجمع جون بيكر السكني وحدائق الملكة إليزابث في سالزبري.
وكررت هيئة الصحة العامة في إنجلترا تحذيرها لمن زاروا هاتين المنطقتين من عدم "اتخاذ الإجراءات الاحترازية"، لكنها أكدت أنهم بعيدون عن أي مخاطر صحية.
ونصحت الهيئة "بغسل الملابس بالمنظفات العادية في درجة حرارة عادية، وتنظيف المتعلقات الشخصية مثل الهواتف الجوالة وحقائب اليد والتغليف المزدوج للملابس بعد التنظيف الجاف، والالتزام بهذه النصائح."
ورجح وزير الداخلية البريطاني ساجد جاويد أن المصابين تعرضا لغاز نوفيتشوك السام في أحد المواقع التي لم تُنظف جيدا بعد الهجوم على الجاسوس الروسي السابق سكريبل.
وقال المفوض المساعد للعمليات الخاصة للشرطة نايل باسو إن حوالي "100 مفتش" من شرطة مكافحة الإرهاب يعملون في التحقيقات في هذا الحادث.