وقّعت اريتريا والصومال الاثنين في اسمرة اتفاقا لاقامة علاقات دبلوماسية وتبادل السفراء بعد علاقات متوترة استمرت اكثر من عشر سنوات، ما يفتح صفحة جديدة من التقارب بين دول منطقة القرن الافريقي.
وتم توقيع الاتفاق خلال زيارة محمد عبد الله محمد، اول رئيس صومالي يتوجه الى اسمرة منذ استقلال اريتريا في 1993.
ويندرج الاتفاق في اطار تغيرات ايجابية تشهدها منطقة القرن الافريقي بعد ان سُجل في الاسابيع الاخيرة تقارب مفاجئ بين اريتريا واثيوبيا.
وينص الاتفاق بعنوان "بيان حول العلاقات الاخوية" على ان "البلدين سيقيمان علاقات دبلوماسية وسيتبادلان السفراء"، وقد وقعه الرئيس الاريتري اسايس افورقي ونظيره الصومالي محمد عبد الله محمد.
وتأتي الزيارة التي بدأها قبل ثلاثة أيام الرئيس الصومالي، الملقب بـ"فارماجو"، بعد تقارب بين اريتريا واثيوبيا تجلى في توقيع اعلان مشترك في التاسع من يوليو انهى نحو عقدين من حال الحرب بين البلدين منذ نزاعهما الاخير بين 1998 و2000.
ومذّاك اعاد البلدان تفعيل العلاقات الدبلوماسية بينهما كما اعادا فتح الاجواء امام الرحلات التجارية.
وفي 18 يوليو الجاري حطت اول رحلة تجارية من اثيوبيا الى اريتريا في مطار اسمرة بعد عشرين عاما من التوقف.
وللدول الثلاث تاريخ حديث متشابك. فالصومال في ظل النظام العسكري للجنرال محمد سياد بري دعم اريتريا في حربها للاستقلال عن اثيوبيا.
لكن بعد سقوط نظام سياد بري في 1991 غرقت الصومال في الفوضى بينما دخلت اريتريا واثيوبيا في نزاع جديد استمر من 1998 الى 2000، واوقع نحو 80 الف قتيل.
وفي اواسط العقد الاول من الالفية الثانية تحولت الصومال الى ساحة حرب بالوكالة بين اديس ابابا واسمرة.
ودعمت اثيوبيا حكومة انتقالية ضعيفة في مقديشو، وفي المقابل وُجّهت اتهامات الى اريتريا بتقديم الدعم للمتمردين الاسلاميين في سعيهم لاطاحة السلطة المركزية الصومالية.
- "حقبة جديدة" -
وعرّضت هذه الاتهامات اريتريا الى عقوبات فرضتها الامم المتحدة في 2009 بسبب دعمها المفترض لحركة الشباب ، المرتبطة بتنظيم القاعدة.
وتنص العقوبات على تجميد اصول مسؤولين سياسيين وعسكريين اريتريين ومنع سفرهم الى الخارج، بالاضافة الى حظر دخول الاسلحة الى اريتريا، لكن اسمرة لطالما نفت هذه الاتهامات.
ولم تجد التقارير الاخيرة للخبراء الامميين اي دليل يثبت هذه الاتهامات.
ويشكل الاتفاق الموقع الاثنين محاولة لقلب صفحة الماضي. ويؤكد الاتفاق ان "اريتريا تدعم بقوة الاستقلال السياسي والسيادة ووحدة أراضي الصومال وجهود شعبها وحكومتها من أجل استعادة مكانتها وتحقيق تطلعات شعبها".
وجاء في بيان عن الاتفاق نشرته وزارة الاعلام الاريترية على موقعها الالكتروني ان البلدين "سيسعيان الى اقامة تعاون وثيق في المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والدفاعية والامنية".
كذلك يتعهدان "العمل معا لتعزيز السلام والاستقرار والتكامل الاقتصادي في المنطقة".
والاحد اعتبر افورقي خلال مأدبة عشاء رسمي ان "حقبة الازمات والنزاع وانعدام الاستقرار لا يمكن ان تدوم"، مضيفا ان هذه الحقبة "تشارف على نهايتها.
نحن ندخل عمليا حقبة جديدة انتقالية".
وساهم تولي ابيي احمد رئاسة الحكومة في اثيوبيا في فرض هذه التغيرات الاقليمية.
وتولى الاصلاحي ابيي احمد منصبه في ابريل وسارع الى اطلاق عملية تقارب مع اريتريا.
وطلبت اثيوبيا رسميا من الامم المتحدة رفع العقوبات عن اريتريا ولمح الامين العام انطونيو غوتيريش الى ان هذه العقوبات قد لا يكون لها مبرر بعد اليوم.
من جهتها طلبت جيبوتي وساطة اممية لتسوية نزاعها الحدودي مع اريتريا.