وضع الرئيس الأميركي دونالد ترامب طهران أمام خيارين، بعدما أعاد فرض عقوبات عليها: إما أن تبدّل سلوكها «المزعزع للاستقرار» وإما أن تواصل «مسار عزلة اقتصادية». وحذر الأطراف الذين سيتابعون علاقاتهم الاقتصادية مع الإيرانيين، من «عواقب وخيمة»، علماً أن واشنطن أدرجت خطوتها في إطار السعي إلى «صفقة» بديلة عن الاتفاق النووي «الكارثي» المُبرم عام 2015. تزامن ذلك مع تنبيه جون بولتون، مستشار الأمن القومي في البيت الأبيض، من أن إغلاق مضيق هرمز سيكون «أكبر خطأ» ترتكبه طهران، مستدركاً أن تهديداتها «جوفاء».
لكن الاتحاد الأوروبي أكد تصميمه على «حماية الجهات الاقتصادية الأوروبية الناشطة في أعمال مشروعة مع إيران» عبر تطبيق «آلية التعطيل الأوروبية» للتدابير الأميركية، منذ اليوم. وتعهد «العمل للحفاظ على القنوات المالية الفاعلة مع إيران، والاستمرار في تصديرها نفطاً وغازاً». وأعلنت وزارة الاقتصاد الألمانية أن الحكومة ستواصل تقديم ضمانات تصدير واستثمار للشركات التي تعمل مع إيران. لكن مسؤولاً أميركياً بارزاً أكد أن بلاده «ليست قلقة» من تلك الجهود الأوروبية (راجع ص 7).
في المقابل، اتهم الرئيس الإيراني حسن روحاني الولايات المتحدة بشنّ «حرب نفسية على الأمّة الإيرانية وإثارة انقسامات لدى شعبها». وأضاف أن إجراء «مفاوضات مع (فرض) عقوبات، أمر غير منطقي. (الأميركيون) يفرضون عقوبات على أطفال إيران ومرضاها وعلى الأمّة». وتابع: «نفضّل دوماً الديبلوماسية والمحادثات، لكنها تتطلّب الأمانة. الولايات المتحدة تعيد فرض عقوبات على طهران وتنسحب من الاتفاق النووي، ثم تريد إجراء محادثات معنا. دعوة ترامب إلى محادثات مباشرة (هي) للاستهلاك المحلي في أميركا ولإثارة فوضى في إيران. على أميركا أن تثبت أنها راغبة في تسوية المشكلات عبر المحادثات».
وكان وزير الخارجية الإيراني جواد ظريف أقرّ بأن «البلطجة والضغوط السياسية الأميركية ستسّبب اضطرابات» في بلاده، مستدركاً أن «أميركا معزولة في العالم والضغوط والعقوبات لا يمكنها تغيير سياسة إيران».
وتشمل حزمة أولى من العقوبات الأميركية على طهران، كانت مرفوعة وفق الاتفاق النووي، مشترياتها من الدولار الأميركي وتجارتها في الذهب والمعادن الثمينة وقطاع السيارات، إضافة إلى الفحم والبرمجيات المرتبطة بالصناعة والسجاد. وتعتزم الولايات المتحدة إعادة فرض حزمة ثانية من العقوبات، في تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل، تستهدف قطاعَي النفط والشحن، إضافة إلى المصرف المركزي الإيراني.
وجدد ترامب تنديده بالاتفاق النووي «الرهيب والأحادي»، مضيفاً: «الولايات المتحدة ملتزمة تطبيق كل عقوباتنا، وسنعمل في شكل وثيق مع الدول التي تمارس أعمالاً مع إيران، لضمان امتثالٍ كامل». وحذر من «عواقب وخيمة» للذين يواصلون علاقاتهم الاقتصادية معها، وتابع: «نحضّ كل الدول على اتخاذ خطوات مشابهة، لتوضيح أن النظام الإيراني يواجه خيارين: إما تغيير سلوكه المهدِد والمزعزع للاستقرار ودمجه مجدداً بالاقتصاد العالمي، وإما الاستمرار في مسار العزلة الاقتصادية». وزاد: «في وقت نواصل ممارسة أكبر مقدار من الضغط الاقتصادي على النظام الإيراني، أبقى منفتحاً على اتفاق أكثر شمولاً يلحظ مجمل نشاطاته الضارة، بما فيها برنامجه الباليستي ودعمه الإرهاب».
أما مايك بنس، نائب ترامب، فتحدث عن «إعادة فرض عقوبات قاسية على إيران»، مذكّراً بأن واشنطن انسحبت من الاتفاق النووي «الكارثي للتفاوض على صفقة جديدة تجعل العالم أكثر أمناً». وأضاف: «نحن مصممون على تغيير سلوك إيران المهدِد، ومنعها من أن تصبح دولة نووية».
في الوقت ذاته، شدد وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو على أن العقوبات هدفها «مواجهة النشاطات الخبيثة للنظام الإيراني»، وحضّه على «استخدام موارده لمساعدة مواطنيه، لا دعم الإرهاب وإثراء قيادته».
ودعا بولتون القادة الإيرانيين إلى «قبول عرض الرئيس (ترامب) للتفاوض معهم والتخلّي عن برامجهم للصواريخ الباليستية والأسلحة النووية، في شكل كامل يمكن التحقق منه، لا بموجب الشروط المجحفة في الاتفاق النووي الإيراني والتي لم تكن مرضية». وأضاف: «إذا كانت إيران جدية ستجلس إلى الطاولة. سنعرف إن كانوا (الإيرانيون جديين) أم لا». وحذرهم من أن إغلاق مضيق هرمز سيكون «أكبر خطأ» يرتكبونه، مستدركاً أن تهديداتهم «جوفاء».