يصنف الموت من شدة الضحك ضمن قائمة أنواع الوفيات النادرة. فعلى إثر إصابته بنوبة ضحك هستيرية، يتعرض الشخص إلى سكتة قلبية أو حالة اختناق مما يؤدي إلى وفاته. وفي الأثناء، يذكر التاريخ أسماء عدد قليل من المشاهير ممن فارقوا الحياة بسبب الضحك. فإضافة إلى الرسّام الإغريقي زيوكس (Zeuxis) وملك أراغون مارتن الإنساني (Martin the Humane)، يذكر الإغريقيون القدامى اسم الفيلسوف الشهير خريسيبوس (Chrysippus) والذي يصنف ضمن عباقرة وعلماء عصره حيث فارق الأخير الحياة في ظروف صعبة عقب إصابته بنوبة ضحك.
بناء على أغلب المصادر التاريخية، ولد الفيلسوف الإغريقي خريسيبوس في حدود سنة 279 قبل الميلاد بمنطقة صولي (Soli) قرب مرسين بتركيا حاليا وخلال فترة شبابه كان الأخير رياضيا بارزا قبل أن يتجه رسميا نحو التخلي عن هذا المجال من أجل اعتناق طريق الفلسفة. وعلى إثر ذلك، سافر خريسيبوس نحو أثينا ليستقر هنالك ويتجه نحو تيار الفلسفة الرواقية (Stoicism) حيث تتلمذ الأخير على يد الفيلسوف الرواقي كليانثس (Cleanthes).
وعقب وفاة كليانثس سنة 230 قبل الميلاد تحول خريسيبوس إلى أبرز وجه بالمدرسة الرواقية ليتم تصنيفه على إثر ذلك كثالث أبرز وجه في تاريخ التيار الفلسفي الرواقي خاصة بعد نجاحه في تأليف مئات الكتب ( 700 كتاب حسب بعض المصادر ) ونقده للعديد من المدارس الفلسفية الأخرى. وبناء على ذلك، اعتبر المؤرخون الفيلسوف خريسيبوس واحدا من أهم الشخصيات المثقفة المؤثرة خلال العصر الهيلينيستي والذي تلى وفاة الإسكندر المقدوني سنة 323 قبل الميلاد واستمر حوالي قرنين من الزمن.
لم تختلف فلسفة خريسيبوس كثيرا عن فلسفة كل من أفلاطون وأرسطو ، حيث قدم الأخير نظريات عديدة حول المنطق والأخلاق والإنسان والحياة المادية كما سعى بشغف إلى البحث في ماهية الكون ودور الإنسان ليتحول بفضل ذلك إلى أحد عمالقة الفلسفة وليتواصل تأثير فلسفته على الناس إلى حدود أواخر فترة ازدهار الإمبراطورية الرومانية.
تماما مثل عدد هام من كبار الفلاسفة الإغريقيين عرف خريسيبوس نهاية غريبة. فعلى الرغم من حياته الفلسفية الرائعة والغنية بالإنجازات الخالدة فارق الأخير الحياة في ظروف غريبة لتصنف وفاته كواحدة من أغرب الوفيات.
من خلال كتاباته قدّم الكاتب والمؤرخ الإغريقي ديوجانس اللايرتي (Diogenes Laërtius) قصتين حول وفاة خريسيبوس فمن خلال الأولى أعلن عن وفاة الأخير خلال حفلة خمرية ومن خلال القصة الثانية قدّم المؤرخ الإغريقي تفاصيل أكثر عن نهاية خريسيبوس.
بناء على ديوجانس اللايرتي لم تنطبق مقولة "الضحك هو أفضل دواء" على خريسيبوس، ففي حدود سنة 206 قبل الميلاد وبالتزامن مع فترة الأولمبياد رقم 143، فارق الفيلسوف الإغريقي الحياة عن عمر يناهز 73 سنة. فخلال إحدى الجلسات الخمرية وعقب إكثاره من شرب الخمر، شاهد خريسيبوس حمارا وهو بصدد أكل حبة تين فما كان منه إلا أن انفجر ضاحكا مطالبا بمنح الحمار كأس خمر لمساعدته على الهضم. وبالتزامن مع ذلك دخل الفيلسوف الرواقي الشهير في نوبة ضحك هستيرية انتهت بوفاته وسط ذهول جميع الحاضرين.