عثر فريق من باحثي الآثار السعوديين على آثار لقنوات مائية تحت الأرض تعود للفترة الإسلامية المبكرة في مدينة "فيد" الأثرية في حائل.
وتعد مدينة فيد في حائل من المدن الأثرية والتاريخية القديمة التي تقع شرقي مدينة حائل بمسافة 120 كيلو متراً، وهي المدينة الثالثة لطريق الحج القديم "درب زبيدة" بعد الكوفة والبصرة، وهي أكبر محطة على طريق الحج العراقي.
واكتشف الفريق الذي يعمل تحت إشراف الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني منطقة ملاحق الحصن الأثري خارج الحصن، والموقع الثاني في منطقة ما بين السورين في الجهة الجنوبية من الحصن، والموقع الثالث في منطقة القلعة أو قلعة الحصن، كما تم توزيع الباحثين في المواقع في مجموعات محددة ليبدأ العمل بالتنقيب في مدينة "فيد" التاريخية.
وتواصلت الكشوفات عن الكثير من المعالم الأثرية التي من أهمها مسجد يعد من المساجد الإسلامية المبكرة التي تعود لبداية العصر الإسلامي، إضافةً إلى الكشف عن عدد كبير من الوحدات المعمارية، التي تتضمن عدداً من الحجرات والتفاصيل المعمارية التي كانت مطمورة بين السورين، السور الخارجي للحصن والسور الداخلي، وأيضاً تم الكشف عن جانب من السور الداخلي للحصن من الجهة الجنوبية، وعن أجزاء من قلعة الحصن التي تقع في الجزء الشمالي الشرقي من الحصن، وقد تضمنت خطة العمل الكشف وتهيئة وتنظيف الآبار القديمة التي تقع فيما يعرف بالمدينة التقليدية التي تتصل بقنوات مائية تحت الأرض.
كما تم اكتشاف موقع خدمات لوحدات الحصن الأثري، حيث عثر على أفران لصناعة الخبز وأحواض للغسيل عبر قنوات تمر في المربع الأخير تحت الأرض وتصب مباشرة في هذه الأحواض، وغالباً ما يكون تصميم الجدران متماثلا لما تم كشفه في الموسم الماضي في هذا الموقع، الذي يقع بين السور الجنوبي والسور الداخلي للحصن، كما تم الكشف من خلال المعطيات الأثرية، على بعض الكسر الفخارية، وعثر بجانب الأبواب على أعتاب لها وهي عبارة عن حجر منحوت في الوسط، بمثابة قاعدة عمود الباب تدخل به حتى يكون هناك أريحية لفتح الباب للخارج وللداخل، ومن خلال الأفران تم العثور على بعض الأواني الفخارية التي يظهر عليها آثار الزخرفة، كما وجد بعض القطع الدقيقة منها قطع زجاجية وحجرية ومعدنية.
وفي منطقة ما بين السورين تم اختيار الموقع في الجهة الشمالية من الحصن، حيث تم تقسيمه إلى عدة مربعات 10 X 10 تقريباً، وقد عثر في أحدها على بعض الأساسات لجدران السورين والمبنية بأشكال منتظمة بالحجارة البركانية المنتشرة في مدينة فيد بكثرة، بالإضافة إلى بعض الظواهر المعمارية والاكتشافات كالأحواض التي تأخذ شكلاً معيناً والمنحوتة من الحجارة البركانية، وربما كانت تستخدم للصناعات كالزجاج والحديد لوجود الكثير من بقايا الحديد في تلك الأحواض، بالإضافة إلى العثور على حوض مربع الشكل بجانبها ويستخدم للماء، وتم العثور على بعض الأحواض المجصصة وبعض الأعمدة الاسطوانية التي ربما كانت تستخدم كدعامة للجدران، وقد تكون هذه المنطقة وحدة خدمية من خلال الأحواض الموجودة فيها، وفي تفسير آخر ربما كانت تستخدم كحمّام لعامة الناس أو خاص للسلطان.
وبسبب وجود امتدادات جدارية خارج حدود الحصن قرر الفريق محاولة الكشف عن ماهية تلك الأساسات البنائية، واختير الموقع الذي يقع في التل المجاور للحصن الذي يعتقد أنه امتداد لملاحق الحصن، وكُشف عن مسجد يعتقد أنه المسجد الجامع الذي ذُكر في المصادر التاريخية القديمة، حيث تم تحديد جدار القبلة فيه الذي يحتوي على محراب مستطيل الشكل تم بناؤه بشكل جميل ومتقن ويحوي عمودين جميلين في المدخل، بالإضافة إلى أكثر من رواق يبلغ عددها أربعة أو خمسة أروقة، واتضح أن المسجد مر بعدة مراحل حيث كان في مرحلته الأولى عبارة عن أروقة مستطيلة الشكل.