صرح وحيد عمر، سفير أفغانستان في روما، أمس الخميس، بأن "على السلطات الإيرانية أن تفرج عن قادة الحركة الخضراء، وعلى رأسهم مير حسين موسوي، ومهدي كروبي، اللذين تم وضعهما تحت الإقامة الجبرية منذ نحو ثمانية أعوام".
وجاءت تصريحات وحيد عمر الحادة تجاه طهران، ردًا على تصريحات مماثلة لوزير الخارجية الإيراني، محمد جواد ظريف، منذ يومين حول المحادثات التي أعلنت عنها إيران مع حركة طالبان.
وكان وحيد عمر قد غرد، مساء أمس الخميس، في صفحته على "تويتر" قائلا: "أطلقوا سراح موسوي وكروبي، وتصالحوا مع السعودية". ثم أضاف في تغريدته: "يا أصدقاءنا الإيرانيين، سواء سمحنا بمشاركة طالبان في الحكومة أم لم نسمح فهذه قضيتنا، ونحن نشكركم على النصيحة.. أما نصيحتنا لكم، فهي أن تشركوا جماعة مجاهدي خلق ومجلس المقاومة في الحكم، وأن تطلقوا سراح الخاضعين للإقامة الجبرية وعلى رأسهم مير حسين موسوي ومهدي كروبي، وأن تقوموا بالتصالح مع المملكة العربية السعودية.. نظن أنكم لو فعلتم ذلك فإنه سيكون جيدًا لكم".
يشار إلى أن وزير الخارجية الإيراني، محمد جواد ظريف، كان قد صرح لقناة هندية، يوم الثلاثاء الماضي، بأنه لا يمكن تصور مستقبل لدولة أفغانستان دون حركة طالبان، وأن دول الإقليم والعالم متفقة على هذا، لكن الجميع يرى أن هذه الشراكة يجب أن لا تكون في قيادة الحكومة الأفغانية".
وقد استفزت هذه التصريحات مسؤولي الحكومة الأفغانية، وقد علق المتحدث الرسمي باسم الرئاسة الأفغانية، شاه حسين مرتضوي، أمس الخميس، على تصريحات ظريف بالقول: "إن المسؤولين الإيرانيين يتصرفون وكأنهم يعملون متحدثين باسم حركة طالبان".
أما إدريس زمان، مساعد وزير الخارجية الأفغانية، فقد غرد في "تويتر"، ردًا على طلب ظريف مشاركة طالبان في حكم أفغانستان، بالقول: "مطالبة الوزير الإيراني بمشاركة الحركات المسلحة في الحكم مخالفة واضحة للأعراف الدبلوماسية، كما أن مثل هذه التصريحات تعتبر تدخلا سافرا في شؤون أفغانستان".
تجدر الإشارة في هذا السياق إلى الزيارة التي قام بها يوم السبت الماضي، نائب وزير الخارجية الإيراني، عباس عراقجي، إلى أفغانستان، ولقائه الرئيس الأفغاني، أشرف غني، وذلك في أعقاب لقائه في طهران وفداً من حركة طالبان، وكان الهدف الذي أعلنته الخارجية الإيرانية هو دفع عملية السلام في أفغانستان.
ومع تكشف الاتصالات بين طالبان ونظام الجمهورية الإسلامية، بدأت التصريحات الرسمية تتوالى شيئا فشيئا عن لقاءات تمت على فترات ومستويات مختلفة، ومنها ما صرح به السفير الإيراني في كابول، محمد رضا بهرامي، من أن هناك اتصالات بين بلاده وحركة طالبان، يوم 22 مایو (أيار) الماضي، لكنه استدرك: "نحن على اتصال بحركة طالبان، غير أن هذه الاتصالات لم تتطور إلى علاقات، حتى لا نمنح مشروعية سياسية لحركة طالبان".
ورغم ادعاء الحرص السياسي الذي أعلن عنه السفير الإيراني، فقد أعلن، في المقابل، أمين عام المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني، علي شمخاني، خلال زيارة له إلی کابول يوم 26 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، أن إيران "تفاوضت" مع حركة طالبان، في تطور يراه مراقبون تطورًا استراتيجيًا، وهو ما وجد صداه في شروط الخارجية الأميركية للتوصل إلى اتفاق نووي جديد، حيث اشترط الأميركان على إيران إنهاء دعم حركة طالبان وغيرها من الحركات الإرهابية في أفغانستان، والتوقف عن إیواء أعضاء من تنظیم القاعدة، كما وجه المبعوث الأميركي الخاص لشؤون إيران، براین هوك، اتهامًا لإيران بتوفير الدعم والحماية لحركة طالبان.
وكان رد طالبان على الاتهامات الأميركية هو إعلانها الموافقة على المحادثات التي تتم في طهران، كما أعلن شمخاني أن المحادثات مع طالبان تتم بعلم حكومة كابول وبموافقة طالبان، وأنها "ستستمر".
يشار إلى أن الجهود الإقليمية والدولية زادت من أجل الإعداد لمفاوضات مباشرة بين الحكومة الأفغانية وحركة طالبان، لكن طالبان لم تكن ترغب في المشاركة في هذه المفاوضات، وذلك قبل أن تعلن طهران عن محادثاتها مع الحركة، التي يصنفها غالبية دول العالم على أنها إرهابية، وهو ما يجعل ارتياب حكومة كابول من هذا التدخل مبررًا، حيث يرى مراقبون على صلة بالملف أن إيران تبحث من وراء هذه المحادثات عن مصلحتها هي وليس مصلحة الفرقاء الأفغان.