تصنف الأغلبية المخترع الأميركي، توماس إديسون، كأول من نجح في تسجيل وإعادة سماع الأصوات بفضل اختراعه الفونوغراف، الذي ظهر عام 1877 ليحدث ثورة تقنية وعلمية خلال تلك الفترة، حيث مكّن هذا الجهاز من استعادة أصوات سجلت على أسطوانات صنعت من الشمع أو مواد أخرى.
لكن قبل إديسون، تمكن المخترع الفرنسي، إدوارد ليون سكوت دو مارتنفيل، من وضع ابتكار فريد عرف بالفونوتوغراف نجح بفضله في وضع أول تسجيل صوتي بالتاريخ.
وظهر الفونوتوغراف خلال عهد الإمبراطورية الثانية، التي شغل خلالها نابليون الثالث منصب الإمبراطور بداية من أواخر العالم 1852. وقد برز هذا الابتكار الفريد من نوعه بفضل عامل الطباعة وبائع الكتب الفرنسي، إدوارد ليون سكوت دو مارتنفيل، المولود يوم 25 نيسان/أبريل 1817 بالعاصمة باريس.
كما امتلكت آلة دو مارتنفيل غشاءً كان عبارة عن ورق مرن، تواجد بآخر أنبوب صوتي وساهم في نقل الاهتزازات التي أحدثها الصوت نحو قلم موجود بالفونوتوغراف. وبفضل ذلك، دوّن القلم الموجات الصوتية على شاكلة انحرافات وتموجات برزت كخطوط على الورق الأسود، المطلي بالدخان الأسود أو الزجاج.
إلى ذلك، لم يكن إدوارد ليون سكوت دو مارتنفيل مختصاً في هذا المجال واعتمد على حبه للمطالعة والعلوم كمصدر إلهام لوضع آلة الفونوتوغراف فتساءل حول تقليد المخترعين لمكونات العين وتقنيات عملها لاختراع آلة التصوير ونقل الصور نحو الورق، فآمن بسبب ذلك بإمكانية تسجيل الصوت في حال تقليد نظام عمل الأذن.
وانطلاقاً من ذلك، ركّز دو مارتنفيل على دور غشاء طبلة الأذن فأجرى أبحاثاً عنها وتمكن بعد خمسة سنوات من ابتكار الفونوتوغراف الذي حصل على براءة اختراعه عام 1857.
وبعد جملة من التجارب، واصل أبحاثه بالتعاون مع الفيزيائي والمختص في الآلات الصوتية الألماني، رودولف كونيغ، الذي كان مهتماً بدراسة انتشار الموجات الصوتية. ولم يدم هذا التعاون طويلاً، حيث افترق الرجلان بسبب اهتماماتهما المختلفة وفضّل المخترع الفرنسي مواصلة أبحاثه على تسجيل صوت الإنسان.
وأثناء استخدامه للفونوتوغراف لتسجيل صوته، لم يفكر دو مارتنفيل في سماع ما سجّله حيث كانت تلك الفكرة غائبة قبل سبعينيات القرن التاسع عشر. واعتبر المخترع والشاعر الفرنسي، شارلز كروس، أول من آمن بإمكانية استخدام ما سجله الفونوتوغراف لتحويلها لمقاطع صوتية وإعادة الاستماع إليها.
ومع فشله في تحقيق أرباح من آلته، تخلى دو مارتنفيل عن الفونوتوغراف ليعود لبيع الكتب ويفارق الحياة عام 1879 عن عمر يناهز 62، ويغيب بذلك كامل إرثه لعشرات السنين، حيث تناسى التاريخ دوره عقب نجاح توماس إديسون عام 1877 في ابتكار الفونوغراف الذي مكّن من تسجيل وإعادة سماع الأصوات متفوقاً بذلك على الفونوتوغراف.
وانتظر العالم حلول القرن الواحد والعشرين ليتمكن عام 2008 من سماع ما سجله دو مارتنفيل ما بين عامي 1857 و1860، حيث تم تحويل ما سجله الفونوتوغراف حينها لمقاطع صوتية ليسمع بذلك الجميع دو مارتنفيل أثناء إنشاده لأنشودة "تحت ضوء القمر".