روى الكاتب الصحفي تركي الدخيل فصولا من تاريخ ومواقف الكاتب الصحفي الراحل تركي العبد الله السديري؛ أحد أهم الصحفيين السعوديين، وتحدث عن مناقبه ورحلته من اليتم والفقر والمعاناة إلى أن صار وصفه "ملك الصحافة" الذي لا يوصد له باب.
وقال الدخيل في مقال له تحت عنوان "تركي السديري.. فقير صار "ملك الصحافة".. منافس شرس.. لا يعرف الحقد"، إن السديري الذي أحب وطنه كثيرا، واجه في حياته عواصف ومعارك ومنافسات كثيرة، اتسم خلالها بالثقة والصرامة حتى تربع على بساط صاحبة الجلالة وقلدها تاج التميز بعد أن قضى فيها ما يقارب الخمسة عقود.
اليتم وضعف البصر
وأبان أن السديري نشأ فقيراً ويتيماً، في "الغاط" بشمال الرياض، والتي شكلت شخصيته، مشيرا إلى أنه اضطر في بداياته الصحافية إلى أن يكتب باسم تركي العبدالله، خشية أن يمهر اسمه بعائلته، فيقصده محتاج، وهو غير قادر على إعالة نفسه.
وحول بدايته الصحفية، قال الدخيل إن السديري بدأ رحلته الصحفية من القسم الرياضي، واستخدم فيها أسلوبه الأدبي، لكن ما لا يخلو من الغرابة أن نظره الضعيف كان لا يسعفه لمشاهدة المباريات، فكان يطلب ممن حوله شرح ما يحدث بالملعب له.
إيقافه عن الكتابة
وكشف عن قصة للسديري مع وزير الإعلام السابق، د. محمد عبده يماني، بعد أن وصف السديري وزارة الإعلام وقتها بوزارة النفي، الأمر الذي أغضب الوزير وأصدر أمراً بإيقاف الجريدة، لكن المساعي بين الفريقين قضت بوقف تركي عن الكتابة لما يزيد على العام، فعاد بقوة بعدها، ليكون تاريخ النجاحات المالية للجريدة في منتصف الثمانينيات.
وأورد تركي الدخيل قصة تكشف سخاء السديري الكبير، مشيراً إلى أنه في أحد الشهور لم يبق له من راتبه سوى 20%، وطرق بابه أحد الموظفين قدر عليه رزقه في هذا الشهر، فطلب من القائمين على الحسابات اعتماد صرف المبلغ الذي يريده الموظف وخصمه من راتبه.
"الأعدقاء"
ووصف المقال علاقة السديري برفيق دربه الدكتور هاشم عبده هاشم والذي ترأس تحرير جريدة (عكاظ) فترتين، والأستاذ خالد المالك رئيس تحرير جريدة (الجزيرة) بأنه من الممكن أن يطلق عليهم "الأعدقاء"، كونهم أبناء مهنة واحدة، متقاربين في العمر، لكن المنافسة المهنية بينهم كانت شرسة، لافتا إلى أنه عندما ترك هاشم رئاسة تحرير "عكاظ" استكتبه خصمه اللدود تركي السديري، في صفحات الجريدة، وهو ما شكل نموذجا مهنيا منفتحا.
اقتحام الحرم المكي
وأشار الدخيل، إلى موقف السديري إثر أحداث اقتحام جماعة جهيمان الحرم المكي، حيث مُنعت الصحف السعودية من النشر عن الحادثة، بينما كانت الإذاعات والصحف العربية والعالمية تنشر كل جديد، لينفجر السديري الذي شعر بأن صورة الصحافي السعودي تأثرت بشكل سلبي، ما سبب انحساراً للصحافة السعودية، زاد من قوى المتشددين، فلم يكن من أبي عبدالله الكبير إلا دعم التوجه التنويري، بمكالمة شهيرة مع الملك فهد.