أشار الأمير الوليد بن طلال لأريبيان بزنس بأن الربيع العربي سيصل إلى كل الدول العربية. وقال رئيس مجلس إدارة المملكة القابضة: " إن كان هناك عبرة للأخذ بها من الربيع العربي فهي أن رياح التغيير تهب على الشرق الأوسط وستصل بالتالي إلى كل دولة عربية. لذلك فإن الوقت المناسب هو الآن، خاصة للأنظمة الملكية التي لا تزال تتمتع بقدر كبير من العلاقة الطيبة مع الجماهير، لكي تبدأ بتبني إجراءات تجلب قدرا أكبر من المشاركة أمام المواطنين في الحياة السياسية في بلادهم".
وفي مقال مسهب في صحيفة أمريكية يشير الوليد، الذي تصدر لسنوات قائمة أريبيان بزنس ضمن أقوى الشخصيات العربي في العالم، محذرا من أن نجاح القيادات الجديدة التي بدأت تتشكل في الدول التي أطيح بأنظمتها هو موضع شك، كما يلمحج الوليد إلى أن قوى الجيش الحالية في تلك الدول قد تتدخل في أي لحظة.
وكان الوليد قد أشار في حديث مطول لصحيفة وول ستريت جورنال أنه آجلا أو عاجلا فإن المطالبة بالمشاركة السياسية ستأتي مع نضوج أجيال شابة أكثر تعلما واطلاعا، ولن تقبل بممارسات الحكومات الماضية، ولن تنفع التغييرات الشكلية مع زيادة وعي الشباب الذي أصبح مطلعا على مجريات الساحة العالمية، ولا بد من إصلاحات حقيقية، بل إن الإجراءات التجميلية ستزيد من مشاعر النقمة والتشاؤم والشعور بأنه لا يمكن تحقيق تغيير فعلي إلا عبر الانتفاض والعنف. وبدون التزام فعلي من الحكومات، بإجراء إصلاحات ضمن جدول زمني محدد ومنهجية واضحة فإن آمال الناس ستتلاشى.
ويضيف أنه لم يتضح بعد إن كانت القيادات الجديدة التي تبرز عقب الاضطرابات الحالية ستمثل تحولا جذريا عن نهج الماضي. فالعديد من المرشحين الذين تقدموا إلى واجهة الأحداث كان لهم علاقات مع الأنظمة القمعية السابقة وكانوا يعملوا ضمن المؤسسات التي كانت تعتريها المحاباة والحكم المتسلط. ويبقى أن نرى إن كان بوسع هؤلاء الأشخاص ذاتهم الوصول إلى السلطة وصمودهم في مواقعهم وحينها سنرى إن كان بإمكانهم التخلص من ممارسات العهود القديمة.
وتطرق الوليد بن طلال إلى شرارة الربيع العربي مع مرور أكثر من عام على ما قام به محمد البوعزيزى، الشاب التونسي البالغ 26 عاما والذي لم يجد سبيلا للهروب من اليأس سوى بقتل نفسه علنا بإشعال النيران في نفسه لتنطلق شرارة الثورة التونسية وتنتقل بسرعة البرق إلى مصر وليبيا واليمن وسوريا.
وأضاف أن مأساة بوعزيزى جسدت شعور الكثير من العرب باليأس والإحباط، الذين كانت مطالباتهم لقادتهم محددة ومقتضبة "كفاية" و"إرحل"، ويرى الوليد أن النجاح الذي تحقق برحيل رؤساء تونس ومصر سريعا قد لا يتكرر بسهولة فى الدول العربية الأخرى، لأن لكل بلد خصوصيته من التاريخ والبنية الاجتماعية والدين والتركيبة العرقية والقبلية. ويضيف أنه مع تكشف الأحداث، فإن هناك وضع مقلق على نحو متزايد إذ أن نتائج هذه الانتفاضات قد لا تكون سارة كما كان يأمل الكثيرون، فكما هو الحال بالنسبة للثورات السابقة مثل الروسية والفرنسية والصينية والإيرانية، فالثورات غالبا ما تجلب نتائج غير محسوبة وقد تتعارض مع أهداف من قاموا بها.
وكان للشرق الأوسط نفسه حصة في تجربة الثورات فى منتصف العشرينات تؤيد المخاوف تلك.
فانقلاب 1952 على الملكية فى مصر جلب 60 عاما من الحكم العسكري الذي قيد تطور المؤسسات السياسية الواعدة ونال من مكتسبات الحقوق المدنية بشكل فاضح.
كذلك كانت النتائج فى العراق وليبيا والسودان وسوريا واليمن، حيث بدت الأنظمة الثورية الجديدة متقلبة جدا فى حكمها التعسفى.
كما أنه من غير الواضح بعد إذا كانت القيادة التي ستبرز من الأزمة الراهنة ستمثل قطيعة جذرية عن الماضي. فالعديد من المرشحين الذين يتولون مناصب أساسية في السلطة الحالية في العديد من بلدان الربيع العربي كانت لهم روابط بالأنظمة الاستبدادية السابقة وعملوا مع المؤسسات الباطلة التى كرست المحسوبية والحكم التعسفي ويبقى أن نرى بطبيعة الحال، إذا كان هؤلاء الأفراد سيحتفظون بالسلطة وإذا كان الأمر كذلك، ما إذا كان يمكن التخلص من العادات القديمة. وما هو غير مؤكد هو مدى سرعة الأنظمة الجديدة فى تأسيس المؤسسات الضرورية الداعمة للديمقراطية والتي تطمح للاستقرار السياسي والنمو الاقتصادي.
وأشار الوليد إلى الكثير من التحديات تنتظر الحكومات الناشئة للسيطرة على البلدان التي تشهد اضطرابات، خصوصا مع انتشار الأسلحة فيها وجموح مشاعر الانتقام من قبل طرف ضد آخر. وقال إذا كان هناك درس يمكن تعلمه من الربيع العربي، فهو أن رياح التغيير التي تهب على المنطقة فى الشرق الأوسط ستصل فى النهاية كل الدول العربية لذا فإنها فرصة خاصة للأنظمة الملكية التي لا زالت تتمتع بالشرعية والجماهيرية، للبدء فى اتخاذ خطوات تؤمن المزيد من المشاركة السياسية للمواطنين.
ويضيف بالقول: " المثير للقلق هو موقف المؤسسة العسكرية التي يمكن أن تتشكل في عدد من الدول العربية التي تشهد مماحكات بين مختلف الأطراف والأحزاب وتهدد الاستقرار وتحافظ على سيولة الأوضاع دون استقرار. وتصعب مقاومة الإغراء بالتدخل من قبل الجيش في تهدور أوضاع كتلك لمنع الانهيار والفوضى والاضطرابات العامة.
ودعا الوليد بن طلال قادة الأنظمة الباقية للبدء بعملية الإصلاحات، فهذا هو الوقت الملائم للأنظمة الملكية العربية التي تتمتع بشرعية وشعبية كبيرتين لدى الجمهور، كي تبدأ بتبني إجراءات تؤمن المزيد من مشاركة المواطنين في الحياة السياسية لبدانهم.