على الرغم من أنه مازال هناك جدل مستمر بين العلماء حول مدى الارتباط بين مقدار فيروس كورونا المُستجد، الذي يحمله الإنسان في أنفه وحلقه، وبين القابلية للانتقال وإصابة الآخرين بالعدوى، إلا أن نتائج دراسة جديدة تشير إلى أن الأطفال في سن المدرسة الابتدائية، المصابين بفيروس كورونا، لديهم حمولات فيروسية أصغر بكثير من البالغين المصابين.
وفقًا لما نشرته "ديلي ميل" البريطانية، تكشف بيانات صادرة عن مسؤولي الصحة العامة في هولندا وباحثين من كينيمرلاند في شمال هولندا، أن الأشخاص في أعمار أكثر من 80 عامًا لديهم حمولة فيروسية أكبر 16 مرة من الأطفال دون سن 12 عامًا.
كما يقول الباحثون إن اختبارات المستضدات السريعة rapid antigen tests، والتي يتم اقتراحها للاستخدام في المدارس والمطارات، من المُحتمل أيضًا أن تكون أقل دقة للأطفال بالمقارنة مع البالغين، بسبب هذا الحمل الفيروسي الأصغر.
ربع مليون اختبار
تم اختبار أكثر من ربع مليون شخص في شمال هولندا، على مدار عام 2020، بواسطة متخصصين مؤهلين في الرعاية الصحية، وتوافرت بيانات حول الحمل الفيروسي لنحو 18,290 حالة. وتمت معالجة كل المسحات بواسطة نفس المختبر الإقليمي في هولندا لضمان أن تحليل الاختبارات يتم باتباع الطريقة نفسها.
كتب الباحثون في ختام دراستهم المبدئية، التي تم نشرها بشكل مستقل (أي قبل مراجعتها ومناظرتها)، قائلين: "على حد علمنا، هذه هي الدراسة الأولى لتقييم توزيعات الحمل الفيروسي لسارس-كوف-2 في عدد كبير لفئات مختلفة من المرضى. ويُظهر تحليل البيانات وجود علاقة واضحة بين العمر والحمل الفيروسي لسارس-كوف-2، حيث يتبين أن لدى الأطفال (أصغر من 12 عامًا) أحمالًا فيروسية أقل بغض النظر عن الجنس ومدة الأعراض".
تحليل "بي سي آر"
يتم استخدام اختبار تفاعل البوليمراز المتسلسل، والذي يشار إليه اختصارًا بـPCR، وهي إحدى الطرق المستعملة على نطاق واسع في علم الأحياء الجزيئي، للكشف عن حالات الإصابة بكوفيد-19. ويعمل الـ"بي سي آر" على إنتاج سريع لمليارات النسخ من عينة خاصة للحمض النووي الريبوزي منقوص الأكسجين، التي يتم الحصول عليها في المسحات. ويتم استخدام مقياس Cp لتحديد مقدار الحمل الفيروسي للشخص، والذي يشير إلى عدد دورات تفاعل البوليميراز المتسلسل (بي سي أر) اللازمة قبل أن يتم اكتشاف الفيروس. وكلما ارتفع الرقم، انخفض الحمل الفيروسي، حيث يشير إلى عدد دورات التضخيم المطلوبة.
انخفاض ملحوظ بين الأطفال
وفي الدراسة، لاحظ الباحثون أن الفرق بين متوسط رقم Cp لمن هم فوق الثمانينيات وتحت 12 عامًا هو أكثر من أربع دورات، أي ما يعادل زيادة قدرها 16 ضعفًا.
أضاف الباحثون أن "الاكتشاف الأكثر بروزًا لهذه الدراسة هو أن هناك علاقة بين الحمل الفيروسي لسارس-كوف-2 والعمر، مع انخفاض الأحمال الفيروسية بشكل ملحوظ لدى الأطفال".
وأوضح الباحثون أن نتائج دراستهم تتفق مع ما توصلت إليه نتائج دراسات سابقة أكدت أن الأطفال الصغار يلعبون دورًا محدودًا في انتقال عدوى كوفيد-19.
حل اللغز
طوال فترة الجائحة، كان هناك غموض يحيط بعدم التأثر النسبي بكوفيد-19 بين الأطفال، بالمقارنة مع البالغين الذين يتأثرون بشدة. ويرجح العلماء أن السبب يرجع إلى كيفية مهاجمة فيروس كورونا الخلايا البشرية، والتي تتم عبر مستقبل يسمى ACE2، والذي يتواجد في العديد من الخلايا في الجهاز التنفسي العلوي.
وسبق أن قام بروفيسور ويندي باركلي، جامعة إمبريال كوليدج لندن، بشرح النظرية العلمية وراء تلك الظاهرة في الشهر الماضي قائلًا إن كمية مستقبلات ACE2 تزداد بمرور الوقت في جسم الإنسان وهذا هو السبب الذي جعل البالغين "أهدافًا سهلة" مقارنة بالأطفال، لأن الإنزيم المحول للأنجيوتنسين 2 هو المستقبل الموجود على سطح الخلايا البشرية، وهو الذي يهاجمه فيروس كورونا ويستخدمه لإصابة الشخص بمرض كوفيد-19.
وبالتالي، يشير الباحثون الهولنديون إلى أن نتائج اختبارات rapid antigens، ربما تكون أسرع ولكنها ليست موثوقة مثل اختبارات تفاعل البوليميراز المتسلسل PCR، لأنها تكون أقل دقة عند استخدامها من قبل مريض مصاب بحمل فيروسي منخفض، كما هو الحال مع الأطفال.
وتم رصد حمل فيروسي أقل من 30 لدى نحو ثلث حالات الأطفال المصابين بكوفيد-19، الذين تقل أعمارهم عن 12 عامًا، أي ما يقرب من ضعف نسبة الأشخاص، الذين يعانون من هذه القراءة المنخفضة في جميع الفئات العمرية الأخرى.