احتفظ أهل مكة المكرمة بعدد من العادات والتقاليد التي ترتبط بموسم الحج منذ مئات السنين، حيث يتفننون في استقبال حجاج بيت الله الحرام وتوديعهم، والتي كانت تعبر عن سعادتهم بأداء هذه الطقوس.
ولعل جائحة فيروس كورونا المستجد قد أثرت بشكل رئيسي على استمرار بعض هذه الطقوس والعادات، والتي كانت من المظاهر التي استطاع أهل مكة التعبير من خلالها عن تقديرهم لهذه المكانة التي منحها الله لهم في استقبال ضيوفه في بيته الحرام.
ماء زمزم
يُعد استقبال الحجاج بماء زمزم من أهم عادات أهل مكة في موسم الحج، حيث يكون الماء والحلويات القديمة مثل البنية واللدو في طليعة المستقبلين لضيوف بيت الله الحرام، كما كانوا يحرصون على منحهم الورود وبعض المأكولات مختلفة النكهات، مثل طبطاب الجنة والزرنباك و"النُقل".
يوم "الخُليف"
تتمثل هذه العادة في ذهاب جميع الرجال إلى المشاعر المقدسة بدءا من يوم التروية، لتبقى النساء فقط في البيوت لحمايتها وحراسة الأحياء، حيث كان سكان مكة يعيبون على أي رجل يبقى في مكة المكرمة بغير عذر مرضي في وقفة عرفات، وهو ما يرتبط بالأهزوجة المعروفة بين أهل مكة "يا قيسنا يا قيس الناس حجوا.. وانت قاعد ليش؟ لليلة نفرة قوم اذبح لك تيس.. قوم روح لبيتك.. قوم اخبز لك عيش".
كما كانت النساء تحرص على الذهاب للطواف بالكعبة المشرفة في وقفة عرفات، ثم تناول وجبة الإفطار والذهاب إلى منازلهن لإحياء يوم الخليف.
ولائم الحجاج
وحرص أهل مكة منذ زمن بعيد على إقامة ولائم الطعام لحجاج بيت الله الحرام، عند قدومهم أو قبيل مغادرتهم، كما تتم استضافتهم وتقديم القهوة والشاي لهم، فضلًا عن الحرص على تجاذب أطراف الحديث معهم.
شهر صناعة المعمول
يبدأ أهل مكة المكرمة في استقبال شهر ذي الحجة بالتفرغ لصناعة المعمول، والذي يُعد من الأطباق الموسمية المعروفة لأهل مكة، حيث تجتمع النساء في تجمع يُعرف باسم "الصنيع"، ليتشاركن في صناعته.
وتتقاسم النساء صناعة "المعمول"، حيث تعكف بعضهن على تجهيز العجين، وتقوم أخريات بإخراج النواة من التمور، فيما تتولى نساء أخريات مهام التجهيز والإعداد، ليتم حمله إلى المشاعر المقدسة من خلال صناديق خشب بواسطة الأبناء والأزواج.
الوداع بـ"النثيرة"
كان أهل مكة يحرصون أيضًا على وداع الحجاج بعد أدائهم لمناسك الفريضة المقدسة بعادة "النثيرة"، والتي كانت تتمثل في وضع بعض الحلوى داخل إناء فارغ، ثم القيام بنثرها على الحجيج بعد أداء مناسك الفريضة.