ينضمّ جيف بيزوس، الرجل الأكثر ثراء في العالم، الثلاثاء، إلى نادي رواد الفضاء على متن أول رحلة مأهولة لشركته "بلو أوريجين"، ما سيشكّل علامة فارقة جديدة في مجال السياحة الفضائية الوليدة.
وتأتي المهمة بعد تسعة أيام من اختراق مؤسس "فيرجين غالاكتيك" ريتشارد برانسون حدود الغلاف الجوي للأرض، متقدماً بخطوة على الرئيس التنفيذي السابق لشركة أمازون في ما يبدو أشبه بمنازلة بين الاثرياء في الفضاء.
إلا أنّ بيزوس (57 عاماً) أصرّ على أن "هذه ليست منافسة". وقال الإثنين لقناة "إن بي سي" إنّ "أول شخص وصل الى الفضاء كان يوري غاغارين وجرى ذلك منذ وقت طويل"، في إشارة الى رائد الفضاء السوفياتي الذي أجرى أول رحلة مأهولة الى الفضاء عام 1961.
وأضاف "يتعلق الأمر ببناء طريق إلى الفضاء للأجيال المقبلة من أجل القيام بأمور مذهلة هناك".
وأنشأ بيزوس شركة "بلو أوريجين" عام 2000، طامحاً بأن تتمكن ذات يوم من بناء مستعمرات فضائية عائمة مزوّدة بجاذبية اصطناعية، ويمكن لملايين الأشخاص العمل والعيش فيها.
وقال المدير العام للشركة بوب سميث خلال مؤتمر صحافي الأحد إنّ صاروخ "نيو شيبرد" الذي سيتمّ إطلاقه "ليس إلا البداية".
وأوضح أنه عندما وطأت أقدام نيل أرمسترونغ وباز ألدرن سطح القمر في 20 تموز/يوليو 1969 "شكل ذلك مصدر إلهام لي ولجيل بأكمله في العالم"، مضيفاً "نعمل بجهد في كل يوم للحفاظ بشكل جيد على هذا الإرث".
تعمل الشركة حالياً على تطوير صاروخ مداري عالي الدفع تحت مسمى "نيو غلن"، وكذلك وحدة هبوط على سطح القمر، على أمل الحصول على عقد مع وكالة الفضاء الأميركية وبرنامجها أرتميس، ما يخولها أن تصبح الشريك الرئيسي من القطاع الخاص للناسا.
وستقلع نيو شيبرد عند الساعة 08,00 (13,00 ت غ) الثلاثاء من موقع معزول في الصحراء الغربية لولاية تكساس. سيبثّ الحدث مباشرة على موقع "بلو أوريجين. كوم"، قبل ساعة ونصف الساعة من إطلاقها.
وسيرافق بيزوس في الرحلة شقيقه مارك، ورائدة الفضاء والي فونك البالغة 82 عاماً، إضافة إلى أول زبائن الشركة الهولندي أوليفييه دايمن البالغ 18 عاماً. وسيصبح الأخيران على التوالي أكبر وأصغر رائدي فضاء على الإطلاق.
وسيحلّ دايمن بدلاً من شخص فاز بتذكرة سفر في مزاد علني بقيمة 28 مليون دولار، كأول زبون لشركة "بلو أوريجين"، لكنه لم يتمكن من الحضور.
بعد الإقلاع، ستتحرك مركبة نيو شيبرد في الفضاء بسرعات تزيد ثلاث مرات عن سرعة الصوت باستخدام محرك يعمل بالهيدروجين والأكسجين المسالين، أي من دون انبعاثات كربونية.
وستنفصل الكبسولة إثر ذلك عن ناقلها، ويمكن لرواد الفضاء الجدد فكّ أحزمتهم لتجربة انعدام الجاذبية.
وسيقضي الطاقم بضع دقائق على ارتفاع 106 كيلومترات، أو ستة كيلومترات خلف خط كارمان وهو الحدّ المعترف به دولياً بين الغلاف الجوي للأرض والفضاء.
وسيتمكنون بعد ذلك من تأمل مشهد الكوكب الأزرق والسواد الداكن المخيم على بقية الكون من النوافذ الكبيرة التي تمثل ثلث مساحة المقصورة.
واضطرّت والي فونك، التي كانت أحد أعضاء مشروع تدريب رائدات الفضاء "ميركوري 13"، إلى التخلي عن حلمها بسبب التمييز الجنسي الذي ساد في الستينات. لكنّها تأمل أن تستفيد أقصى ما يمكنها من هذه المغامرة.
وقالت لقناة "إن بي سي"، "سأشعر بكل شيء"، مبدية شوقها لأن تسبح وتدور حول نفسها عند انعدام الجاذبية.
وستعود المركبة ذاتياً إلى منطقة الهبوط شمال موقع الإطلاق، بينما ستبدأ الكبسولة سقوطاً حراً قبل نشر ثلاث مظلات عملاقة والهبوط برفق في صحراء تكساس بعد رحلة ستستمر 11 دقيقة.
وتخطط الشركة لإطلاق رحلتين إضافيتين هذا العام و"أكثر بكثير" بدءاً من العام المقبل.
وقال سميث خلال المؤتمر الصحافي "تلقينا 7500 عرض مزايدة من أكثر من 150 دولة، ومن الواضح أن ثمّة اهتمام كبير"، مضيفاً أن الرحلات الأولى "تغادر بسعر جيد جداً".
وستنضمّ شركة "سبايس اكس" المملوكة من الملياردير إيلون ماسك إلى سباق الفضاء في أيلول/سبتمبر برحلة استكشافية مدارية تتكون بالكامل من مدنيين على متن مركبة كرو دراغون. وقد تعاونت "سبايس اكس" أيضا مع شركة "أكسيوم" لنقل زوار إلى محطة الفضاء الدولية.