علق أستاذ المناخ بجامعة القصيم سابقا، عبدالله المسند، على التساؤلات التي طرحها البعض بشأن حرائق الغابات وعلاقة التغير المناخي بها، وحقيقة إعصار النار المخيف الذي رصدته عدة فيديوهات في مناطق مختلفة بدول العالم.
وقال "المسند" إن حرائق الغابات لم تكن وليدة العصر أو جديدة العهد، بل إن الله تعالى قدرها عبر عوامل طبيعية كالصواعق من قبل أن يستوطن الإنسان كوكب الأرض، بل ربما يكون الإنسان في الأزمنة القديمة قد اهتدى إلى النار وعرفها فاستعملها من خلال هذه الحرائق.
أسباب حرائق الغابات
ذكر " المسند" أن الإحصاءات تشير إلى أن 85% من حرائق الغابات في العالم ناتجة عن عمل بشري، عن طريق الخطأ كترك النار بعد الطبخ أو حرق مخلفات، أو أعقاب سجائر ونحوها، وأحياناً تكون الحرائق متعمدة، و15% تحدث الحرائق بسبب عوامل طبيعية ومن أهمها الصواعق.
ولفت إلى أن الغابات تعتبر مستودعاً عظيماً لعنصر الكربون، وعندما تحترق تطلق كميات عظيمة من الغازات الدفيئة في الغلاف الجوي، ومن أهمها ثاني أكسيد الكربون، مما يضاعف حجمه في الغلاف الجوي، ومن ثَم يتسبب في زيادة الاحترار في كوكب الأرض.
1⃣
— أ.د. عبدالله المسند (@ALMISNID) August 25, 2021
هل التغير المناخي خلف #حرائق_الغابات في العالم؟
أم أن وراء الأكمة ما وراءها؟
وما حقيقة إعصار النار المخيف؟
لم تكن حرائق الغابات وليدة العصر أو جديدة العهد، بل إن الله تعالى قدرها عبر عوامل طبيعية كالصواعق من قبل أن يستوطن الإنسان كوكب الأرض، بل ربما أن الإنسان في القديم قد pic.twitter.com/LCNnprDLF8
وأضاف أن أشجار الغابة المحترقة تستغرق وقتًا طويلاً حتى تعود لوضعها السابق للمساعدة في تنظيف وتنقية الأجواء من الكربون، مشيرا إلى أن علاقة الاحترار العالمي بتفشي ظاهرة احتراق الغابات مسألة ظاهرة خاصة في هذا العام.
وتابع: "شهر يوليو 2021 سجل أشد الشهور حرارة منذ أن بدأت السجلات المناخية قبل نحو 141 عاماً، وعندما ترتفع درجات الحرارة ويطول موسم الصيف والجفاف وتشح الأمطار، تجف الأعشاب والشجيرات مما يشكل وقوداً سهلاً لأي شرارة طبيعية أو بشرية، وعليه يمكن القول إن الاحترار العالمي سبب غير مباشر لبعض حرائق الغابات".
منافع يجهلها البعض عن الحرائق
ونبه أستاذ المناخ إلى أن حرائق الغابات يكون لها منافع، إذ إن الله -عز وجل- قدر أن تحترق الغابات طبيعياً قبل مجيء الإنسان عبر عوامل طبيعية مثل الصواعق وغيرها، وهذا الاحتراق الدوري عملية صحية وحيوية تحتاجها الغابات بين الحين والآخر عبر دورة طبيعية؛ لتجديد نشاطها، وإعادة حيويتها ولتزيل بعض النباتات الضعيفة والمتنافسة على أرض الغابة، ولتنظيفها من المواد العضوية الميتة، والتي قد تخنق نمو النباتات الصغيرة والجديدة، فضلا عن حرق بعض الحشرات التي تتغذى على الأشجار.
8⃣
— أ.د. عبدالله المسند (@ALMISNID) August 25, 2021
ولتخصيب التربة، وللسماح لأشعة الشمس بأن تنفذ إلى سطح الأرض فتعطي الأشجار صحة أكثر وأقوى، بل إن شجرة الصنوبر ومن أجل أن تتحرر بذورها من قمقمها تتطلب هذه العملية إلى نار تحرقها، وكما أن الإنسان والحيوان يتبدل جلده طبيعياً خلال فترة زمنية معينة، فالغابة لها السنن نفسها pic.twitter.com/UI9UTVwEz3
وأوضح فوائد أخرى لاحتراق الغابات ومنها تخصيب التربة، والسماح لأشعة الشمس بأن تنفذ إلى سطح الأرض فتعطي الأشجار صحة أكثر، فضلا عن أن شجرة الصنوبر تحتاج للنار لكي تتحرر بذورها من قمقمها.
وأكد أن بعض إدارات الغابات تتعمد حرق الغابة لتحقيق عدة أهداف منها، عدم تراكم المواد العضوية الميتة، بما يساهم في الحد من اندلاع حرائق ضخمة، مضيفا أنه لولا الحرائق لأصبحت الغابات كومة أخشاب ميتة، يتخللها أشجار تحاول أن تجد لها متنفساً، لذا تعتبر حرائق الغابات محفزاً لتعزيز التنوع البيولوجي والنظم البيئية الصحية.
حقائق عن إعصار النار المخيف
وفسر "المسند" سبب تكون إعصار النار مع حرائق الغابات، حيث ذكر أن الغابات عندما تشتعل بشكل واسع وكبير ترتفع درجة الحرارة بشكل عظيم، وقد تصل أحياناً إلى نحو 1000 درجة مئوية، وهذه الكتلة الهوائية الحارة فيزيائياً ترتفع إلى أعلى نظراً لقلة كثافتها بسبب حرارتها، فتصنع بؤرة أو مركزاً لمنخفض جوي يجثم فوق منطقة الحريق فتتشكل منطقة تخلخل هوائي، وهذا يجعل الهواء القريب من الحريق يتحرك بسرعة ناحية مركز المنخفض لتعزيز كمية الهواء، أو لتعويض الهواء الصاعد إلى أعلى بهواء جديد قادم من الجوار.
12
— أ.د. عبدالله المسند (@ALMISNID) August 25, 2021
إعصار النار
وعندما تشتعل الغابات بشكل واسع وكبير ترتفع درجة الحرارة بشكل عظيم، فلك أن تتخيل أن درجة الحرارة قد تصل أحياناً إلى نحو 1000 درجة مئوية، وهذه الكتلة الهوائية الحارة فيزيائياً ترتفع إلى أعلى نظراً لقلة كثافتها بسبب حرارتها، فتصنع بؤرة أو مركزاَ لمنخفض جوي يجثم فوق pic.twitter.com/mdRNurMB6I
وأضاف أن ذلك يؤدي إلى نشاط الرياح السطحية تلقائياً الأمر الذي يعزز من قوة وانتشار الحريق في الغابة بشكل سريع، وأحياناً نرى أعمدة من النيران أو إعصاراً من نار، وهو المشهد المرئي لبؤرة المنخفض الجوي العميق الذي يقوم برفع الهواء الحار إلى طبقات الجو العليا، ويشاهد معه أحياناً لهبة من النيران، تسمى بالإعصار الناري.
وأكد أن القرآن الكريم كان هو أول من تطرق لتلك الظاهرة الفيزيائية النارية الهوائية، وذلك بقول الله تعالى: (فَأَصَابَهَا إِعْصَارٌ فِيهِ نَارٌ فَاحْتَرَقَتْ)، لافتا إلى أن العرب لم يعرفوا هذه الظاهرة حينها لأن أرضهم لم يكن بها غابات كثيفة.
ولفت إلى أن الإعصار الناري نادر الحدوث، وإن حدث فعمره قصير، ويدور حول نفسه عكس اتجاه عقارب الساعة في النصف الشمالي للكرة، والعكس صحيح في نصف الكرة الجنوبي، وغالباً لا يزيد قطره على بضعة أمتار، وارتفاعه قد يبلغ من بضعة أمتار إلى نحو 60م، وفي ظروف خاصة قد يبلغ 300م كما في حريق عام 2018 في كاليفورنيا، وبسرعة دورانية بلغت نحو 265كم في الساعة، وبلغت درجة الحرارة نحو 1480م.