تحتفل المملكة اليوم (الثلاثاء) بذكرى يوم تأسيس الدولة السعودية الأولى، وذلك تنفيذا للأمر الملكي الكريم القاضي بالاحتفال به في يوم 22 فبراير من كل عام.
وفيما يلي قصة هذا الحدث التاريخي والذي امتد من عام 1139هـ إلى 1233هـ:
أحداث سبقت التأسيس
بدأت جذور تأسيس الدولة السعودية الأولى عندما انتقل عبيد بن ثعلبة، أحد زعماء "بني حنيفة" إلى اليمامة، حيث استقر مع أسرته وعشيرته على ضفاف وادي حنيفة، وأسس بنو حنيفة عددًا من مراكز الاستقرار التي امتدت على ضفاف الوداي وأصبح إقليم اليمامة تحت نفوذ "بني حنيفة، لكن هذا الإقليم تعرض للإهمال في العصر الأموي والعباسي، واضطر سكانها إلى الهجرة منها.
بداية تأسيس
بعد أن استقرت الأوضاع في اليمامة عادت عشائر "بني حنيفة" إلى حجر اليمامة، وتلقى الأمير مانع بن ربيعة المريدي الجد الثاني عشر للملك عبدالعزيز، دعوة من ابن عمه حاكم مدينة حجر اليمامة للقدوم إلى المنطقة والاستقرار في أرض أجداده وأسلافه، فوافق "المريدي " على ذلك.
وانتقـل "مانـع بـن ربيعة المريدي الحنفي" وأفـراد عشيرته مـن الدرعيـة في شرق الجزيرة العربية إلى وسطها لتأسيس الدرعية الجديدة عام 1446، وكان يرغب حينها في تأسيس دولة واسعة تحقق الأمن والاستقرار، وهو ما أورثه ذريته من بعده.
واستقبل "ابـن درع" ابـن عمـه وعشيرته في وادي حنيفـة، وأقطعـه موضعـي "غصيبـة" و"المليبيـد" اللذيـن يقعـان شـمال غرب مدينـة حجـر، فجعـل مانـع "غصيبـة" مقـراً لـه ولحكمـه وبنـى لهـا سـوراً، وجعـل "المليبيـد" مقـراً للزراعـة، ويعـد هـذا الحـدث أبرز أحداث الجزيرة العربية في العصر الوسيط، إذ كان قدوم "مانع" اللبنة الأولى لتأسيس الدولة السعودية الأولى.
اتساع الدرعية والرغبة في بناء دولة
اتسعت الدرعية وامتدت على ضفتي وادي حنيفة، كما تهیأت لتكون منطقة زراعية ومركزاً للعلم والمعرفة والتنوع الثقافي، واعتنى أهل الدرعية بطريق الحج لمرور الحجاج من خلالها قادمين من الشرق والشمال الشرقي، كما اهتموا بممارسة التجارة وحماية الطرق التجارية وتأمين الاستقرار.
وركز أمراء الدرعية منذ الأمير مانع المريدي على فكرة الدولة، والعنصر العربي، وكان مانع وأولاده الأمراء من بعده حريصين على حماية القوافل عامة وقوافل الحج خاصة، وعقدوا المعاهدات مع القبائل وأمراء المدن الآخرين في منطقة نجد وصارت لهم شهرة كبيرة في ذلك، كما كان نظام التجارة في الدرعية أكثر انفتاحا على الآخرين وأكثر منافسة.
أمراء الدراعية
واصل ربيعة بن مانع إكمال تأسيس إمارة الدرعية، وقام من بعده موسى بن ربيعة بزيادة نفوذ الإمارة، في حين سعى إبراهيم بن موسى في تأمين طرق الحج والتجارة التي تمر بالدرعية، واستكمل من بعده مرخان بن موسى زيادة نفوذ الدرعية، وبعدها قام مقرن بن مرخان بتوسيع نطاق الإمارة ثم قام سعود بن محمد بزيادة قوة الإمارة إلى أن جاء من بعده الإمام محمد بن سعود الذي أسس الدولة السعودية الأولى.
التأسيس الفعلي للدولة السعودية الأولى
تولى الإمام محمد بن سعود الحكـم في أوضـاع استثنائية في 1139هـ، حيث كانت الدرعيـة تعاني قبيل توليه الحكم ضعفا وانقساما لأسباب متعددة، منهـا النـزاع الداخلي على إمـارة الدرعية بين عمـه الأمير مقرن بن محمـد والأمير زيد بن مرخان، وكذلك حملة الدرعية على العيينة، ومقتـل الأمير زيـد بـن مـرخـان، لكن الإمام محمد بن سعود استطاع أن يتغلب على جميع هذه التحديات وأسس الدولة السعودية الأولى.
الإمام محمد بن سعود
تم تأسيس الدولة السعودية الأولى وتوحيدها وبناؤها في عهد الإمام محمد بن سعود على مرحلتين، الأولى خلال الفترة من 1139هـ إلى 1158هـ وكان من أبرز أحداثها توحيد شطري الدرعيـة وجعلهـا تحـت حـكـم واحـد بعـد أن كان الحكم متفرقاً في مركزين، والاهتمام بالأمور الداخلية وتقوية مجتمع الدرعية وتوحيد أفراده، وتنظيم الأمور الاقتصادية للدولة، وبناء حي جديد في سمحان وهـو حـي الطرفيـة، وانتقل إليـه بعـد أن كان غصيبـة هـو مـركـز الحكـم مـدة طويلة.
أما المرحلة الثانية من التأسيس فكانت من عام 1159 هـ إلى عام 1179هـ وأبرز ما فيها بدء حملات التوحيد، وتوحيد معظم منطقة نجد، والقدرة على تأمين طرق الحج والتجارة فأصبحت نجد من المناطق الآمنة، والنجـاح في التصدي لعـدد مـن الحملات التي أرادت القضاء على الدولة في بدايتها.
واتسم الإمام محمد بن سعود بالشجاعة والقوة والحزم والعدل والتدين والحكمة والقيادة والاهتمام بالمحتاجين والأرامل، وتوفي عام 1179هـ.
الإمام عبدالعزيز بن محمد بن سعود
تولى الحكم بعد وفاة والده عام 1179هـ، وواصل توسيع نطاق الدولة السعودية، وكان كثير التصدق على الضعفاء والمساكين منهم، ويكثر الدعاء لهم، وتمكن خلال فترة ولايته من توحيد معظم أرجاء الجزيرة العربية. اهتم بالعلم والتعليم والتشجيع عليهما وأمر ببناء حي الطريف والانتقال إليه حيث جعل قصر سلوى قصر الحكم في عهده وعهد من بعده من الأئمة.
كما واجه العديد من الحملات العثمانية المعتدية، التي انطلقت من العراق ضد الدولة السعودية الأولى، وقُـتِل الإمام عبدالعزيز عام 1218هـ في مسجد الطريف.