يرى الكثيرون أن المحبة وحدها لا تضمن النجاح للحياة الزوجية، بل لا بد من اقترانها بإحساس عميق بالصداقة.. حيث تكتسب العلاقة بين الزوجين قدرة أكبر على الاستمرارية بأعلى درجات الانسجام.
ويبدو أن أهل الاختصاص يقفون إلى جانب هذه الوصفة؛ إذ يرى الاختصاصي الاجتماعي، محمد الحمزة، أن الصداقة بشكل عام ترتكز على عاملين أساسين هما: الاستمتاع بالصحبة، والمساندة في الأوقات الصعبة، فلا يكون صديقاً من تسعد بصحبته في وقت الرخاء ولكنه لا يحمي ظهرك إذا تغيرت أحوالك، كما لا يكون صديقاً من يدعمك ويقف بجوارك في محنتك، ولكنكما لا تتلاقيان في الاهتمامات.
ويشير إلى أن الصداقة من أعظم المنح في هذه الحياة وأندرها؛ ولذلك فإنها تزداد بهجة عندما يكون شريك الحياة صديقاً مقرباً، فالزوجان الصديقان - كما يقول - يتغلبان على الملل من طول العشرة، ويساندان بعضهما بعضاً في السراء والضراء، ويتخذان القرارات سويّاً بسهولة، ولا يكون أحدهما عبئاً عاطفياً على الآخر.
كما يرى الحمزة أن التواصل والمشاركة لا يعنيان التلاصق والتقارب المستمر، "فكلنا نحتاج إلى مساحتنا الشخصية حتى تبقى علاقاتنا سويّة، ولا تتحول من اختيار إلى عبء وإجبار؛ لأن وجود مساحة حرة خاصة لدى الزوجين من أسرار بقاء الزواج حيوياً طارداً للملل".
وعرج الاختصاصي الاجتماعي إلى حالة الرغبة في تملك وقت الآخر والاستحواذ عليه، مشيراً إلى أنها تتنافى تماماً مع مفهوم الصداقة القائم على الحرية والرغبة التطوعية في التلاقي، مؤكداً أن الصداقات السويّة هي تلك التي ينعم فيها كل صديق بحياته، ليكون التقاؤه مع صديقه حافلاً بالموضوعات وتبادل الحديث عن التطور الشخصي في حياة كل منهما.
كما نفى احتمالية أن تتمكن الزوجة التي يستولي عليها الفراغ، وتعد الدقائق حتى يعود زوجها إلى البيت، من إنشاء صداقة مع زوجها، محذراً من أن حالة الانتظار هذه ستجعلها دوماً في وضع اللوم والضيق، وهو ما سينتقل بدوره إلى الزوج ليصبح متململاً ومختنقاً، والعكس صحيح.
ويختم الحمزة بالقول: "إذا كان الصديق يظهر وقت الضيق، فإن الزواج يُبنى على الدعم والمساندة في السراء والضراء، وإذا كانت المودة تحمل هذه العلاقة في أوقات الرخاء، فإن الرحمة تحميها وتعبر بها الأزمات".