تستقبل المملكة هذه الأيام الرئيس الصيني، شي جين بينغ، في زيارته التاريخية للبلاد، والتي تصب في اتجاه دعم العلاقات المتجذرة بين البلين، وتعزيز وتطوير الشراكة الاستراتيجية المتميزة التي تجمع المملكة والصين في مختلف المجالات.
علاقات تاريخية متجذرة
تمتد العلاقات الوطيدة بين البلدين إلى جذورها التاريخية منذ 77 عامًا، وصولًا إلى شكلها الرسمي عام 1990م، بعد اتفاق البلدين على إقامة علاقات دبلوماسية كاملة بينهما وتبادل السفراء وتنظيم اجتماعات على المستويات السياسية، والاقتصادية، والشبابية وغيرها.
وتتفق الرؤى "السعودية – الصينية" حول العديد من الملفات من منطلق الاحترام المتبادل، كملف دفع عملية السلام في الشرق الأوسط، والدعم الصيني لموقف المملكة من القضية الفلسطينية ودعم حق الفلسطينيين في إقامة دولة مستقلة عاصمتها القدس الشرقية، بخلاف دعم الجهود لتخفيف الأزمة الإنسانية السورية ودعم حل الأزمة عن طريق الحلول السلمية.
أول زيارة لرئيس صيني
ومنذ إقامة علاقات رسمية بين البلدين عام 1990 تكثفت الزيارات المتبادلة لترسيخ أوجه التعاون، إذ كانت زيارة الرئيس الصيني الراحل جيانغ زيمين إلى السعودية في 1999 هي أول زيارة للمملكة من قبل رؤساء الصين، والتي جاءت تلبية لدعوة من خادم الحرمين الشريفين آنذاك الملك فهد بن عبدالعزيز.
وتم التوقيع خلال الزيارة على عدة اتفاقيات، منها زيادة الصادرات البترولية من 2.4 مليون طن إلى 3.4 مليون طن ، مع إنشاء مصفاة للبترول بالصين تعتمد على النفط الخام السعودي، بخلاف العديد من الاتفاقات الأخرى، والتي ساهمت في تطوير العلاقات التجارية بين البلدين، كما تم توقيع اتفاقية تعاون إذاعي وتلفزيوني بين وزارة الإعلام والهيئة العامة للإذاعة والسينما والتلفزيون بجمهورية الصين الشعبية واتفاق للتعاون وتبادل الأخبار بين وكالة الأنباء السعودية ووكالة أنباء "شينخوا" الصينية.
وكان خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود قد زار الصين عام 1999م حينما كان أميرًا لمنطقة الرياض.
زيارة الملك عبدالله
زار الملك عبد الله بن عبد العزيز الصين في يناير عام 2006، وكانت هذه الزيارة الأولى التي يقوم بها الملك عبد الله خارج منطقة الشرق الأوسط منذ توليه العرش في أغسطس عام 2005، وأول زيارة يقوم بها ملك سعودي إلى الصين منذ إقامة العلاقات الدبلوماسية بين المملكة والصين عام 1990.
وقّعت المملكة والصين خلال زيارة الملك عبد الله التاريخية إلى بكين خمس اتفاقات اقتصادية، من بينها اتفاق "التعاون في مجال النفط والغاز الطبيعي والمعادن، كما تم توقيع اتفاق تحت مسمى" الصداقة الإستراتيجية" ، في عهد الملك عبدالله بن عبد العزيز.
هو جينتاو في المملكة
قام الرئيس الصيني السابق، هو جينتاو، بزيارة المملكة في عهد الملك الراحل عبدالله بن عبد العزيز عام 2009، والذي تعد الزيارة الثانية للرئيس الصيني للمملكة، والتي جاءت لتعميق العلاقات الودية الإستراتيجية بين الصين والمملكة، والتي تزيد بشكل مطرد منذ إقامة الصين والمملكة علاقات دبلوماسية في 1990.
وشهدت تلك الزيارة توقيع 5 اتفاقيات للتعاون بين المملكة والصين في مجالات الطاقة والصحة والحجر الصحي والمواصلات والثقافة.
زيارة تاريخية
وزار الملك سلمان بن عبدالعزيز الصين عام 2014، عندما كان وليًا للعهد، في زيارة رسمية امتدت 3 أيام، وأكد ولي العهد وقتها في لقائه بالرئيس الصيني، شي جين بينغ، تطلع المملكة إلى تعاون مع الصين لإنهاء الأزمة السورية، وفقًا ً لبيان جنيف الصادر عام 2012، بما يكفل حقن دماء الأبرياء وإنشاء هيئة حكم انتقالية ذات صلاحيات تنفيذية كاملة."
وجرى خلال الزيارة التوقيع على عدد من مذكرات التفاهم في الاستثمار والتعاون في علوم وتقنية الفضاء، وبرنامج التعاون الفني في المجال التجاري، ومذكرة التفاهم بشأن مساهمة الصندوق السعودي للتنمية في تمويل مشروع إنشاء مبانٍ جامعية في إقليم سانشي.
المملكة أول وجهة عربية للرئيس الصيني الجديد
وتعتبر زيارة الرئيس الصيني شي جينبينغ للمملكة عام 2016 ، ذات طابع خاص، إذ إنها كانت أول زيارة للرئيس الصيني لدولة عربية عقب توليه مقاليد الحكم في الصين، وتم خلال تلك الزيارة توقيع 14 اتفاقية بين المملكة والصين على هامش زيارة الرئيس الصيني، للبلاد، منها ما يخص العلوم التقنية ومبادرة طريق الحرير وفي مجال الملاحة ومكافحة الإرهاب والمجالات الصناعية والتجارية المختلفة والطاقة المتجددة، وكذلك التعاون بين شركة أرامكو والشركة الصينية الوطنية للبتروكيماويات ، فيما قام ولي العهد الأمير محمد بن سلمان بزيارة رسمية للصين في أغسطس من نفس العام.
الملك سلمان في الصين
قام خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز بزيارة الصين في مارس 2017، وتم التوقيع خلال الزيارة على اتفاقيات وخطابات نوايا تقدر بـ65 مليار دولار، في القطاعات التجارية والصناعية والعسكرية.
وتضمنت الاتفاقات توقيع مذكرة تفاهم بين شركة النفط الوطنية "أرامكو السعودية" ونورث إنداستريز جروب (نورينكو) الصينية لبحث إقامة مشروعات للتكرير والكيماويات في الصين.
واتفقت الشركة السعودية للصناعات الأساسية (سابك)، التي تدير مجمعا للكيماويات مع سينوبك الصينية في تيانجين، على تطوير مشاريع بتروكيماوية في الصين والسعودي.
وشكلت تلك الزيارة نقلة نوعية في العلاقات بين البلدين باعتبارها أول زيارة رسمية لمسؤول سعودي إلى بكين، وجاءت عقب زيارة الرئيس الصيني شي جين بينغ للرياض في 2016.
ولي العهد إلى الصين
توجه ولي العهد الأمير محمد بن سلمان في زيارة رسمية للصين في فبراير عام 2019، وجرى خلال الزيارة توقيع 35 اتفاقية بأكثر من 28 مليار دولار، مع تسليم 4 تراخيص لشركات صينية في مجالات مختلفة، وشملت الاتفاقيات، تطوير الاستثمار في توربينات الرياح الهوائية عن طريق تصنيع أجهزة التحكم الكهربائية، وهياكل المحركات الهوائية وشفرات التوربينات والمولدات الهوائية باستثمار يقدر بـ 18 مليون دولار.
وشملت الاتفاقيات كذلك تعاوناً في النقل، وفي مكافحة الجرائم المعلوماتية، كما تم التوقيع على مذكرة تستهدف استحواذ شركة أرامكو على 9% من مشروع جي جيانغ للبتروكيماويات لإنتاج منتجات تكرير وايثيلين وبار إز إيلين (PX).
وتم توقيع اتفاقية بين شركة أرامكو السعودية وشركة شمال الصين الصناعية (نورينكو) وشركة شينتشنغ الاستثمارية لمدينة بانجين بمقاطعة لياونينغ بشأن تأسيس شركة مشتركة للصناعة الكيميائية الدقيقة وهندسة المواد..