تحتفل المملكة باليوم العالمي للغة العربية الذي يتزامن الاحتفال به في الـ18 ديسمبر من كل عام، واهتمت المملكة بلغة القرآن الكريم في كافة الأصعدة وعلى المستوى الداخلي والخارجي، وترجم ذلك لواقع ملموس.
اهتمام تاريخي
ظل الاهتمام بهذه اللغة العظيمة يتصاعد منذ عهد المؤسس الملك عبدالعزيز.
وترجم ذلك بشكل رسمي في المادة الأولى لنظام الحكم في المملكة التي نصت على أن المملكة العربية السعودية دولة عربية إسلامية ذات سيادة تامة، دينها الإسلام، ودستورها كتاب الله تعالى وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم، ولغتها هي العربية.
وفي عام 1973، تعاونت المملكة مع المغرب وقدمتا للأمم المتحدة مبادرة لإدراج اللغة العربية في اللغات الرسمية ولغات العمل في الأمم المتحدة، وتوجت هذه الجهود بالنجاح ليصبح 18 ديسمبر هو اليوم العالمي لهذا الاحتفال.
وظل هذا الاهتمام يتواصل مع ملوك المملكة، حتى عهد خادم الحرمين الشريفين، الملك سلمان بن عبدالعزيز الذي حث المواطنين والمواطنات على تعلم اللغة العربية، حيث يقول: "يجب على المواطن، وخاصة الشباب والشابات، أن ينهلوا من لغتهم العربية؛ ليتمكنوا من خدمة دينهم ووطنهم أكمل الخدمة، وعليهم أن يحذروا من الشوائب والمفردات التي لا تتفق مع اللغة العربية، أو تُؤثر سلباً، فلغتنا العربية ذات معجم ثري، ومفردات خلاقة جميلة، تستطيع التعبير بوضوح عن مكنونات النفس بمختلف الصور، وتحوي كوامن الإبداع، وهي سهلة لكل من تمكن منها، ثرية غاية الثراء في الكلمات والمعاني والمفردات”.
ترجمة واقعية
طبقت المملكة ما نصت عليه المادة الأولى من نظام الحكم بشكل واقعي ملموس فاستخدمت اللغة العربية في كافة الأنظمة والقرارات الحكومية، بل وفي قطاعاتها المختلفة، وامتد الاعتماد على هذه اللغة ليشمل استخدامها في كافة التعاملات الحكومية والقطاع الخاص.
ولتعميق وترسيخ هذه اللغة في وجدان أبناء وبنات الوطن، تعمل وزارة التعليم على ترسيخ مهارات الفهم القرائي والخط العربي في المناهج الدراسية، وتعزيز استخدامها في المنشآت التعليمية كلغة تواصل بين المعلمين والطلاب.
كما تعمل على تحفيز الطلبة للمشاركة في المسابقات الخاصة بها، وتشجيع الترجمة العلمية من اللغات الأجنبية إلى العربية، وإنشاء كليات وأقسام خاصة بها في الجامعات الحكومية والأهلية.
اهتمام خارجي
اهتمت المملكة باللغة العربية على صعيد خارجي، فأطلقت من خلال وزارة التعليم العديد من المبادرات والبرامج لتعليم اللغة العربية للناطقين بغيرها في المدارس السعودية بالخارج وبعثات التعليم في الدول المضيفة.
كما افتتحت المملكة المعاهد والمشروعات في هذا الإطار، بجانب التعريف بالثقافة العربية على نطاقات واسعة، وإنشاء مركز الملك عبدالله بن عبدالعزيز الدولي لخدمة اللغة العربية.
كما دعمت المنظمات الدولية في تعليم اللغة العربية، مثل ما تقدمه من دعم في هذا الإطار لأنظمة الإيسسكو، كما قامت بإنشاء الكراسي العلمية المتخصصة في تعليم اللغة العربية في عدد من الجامعات العالمية.
كما قامت بإنشاء مجمع عالمي متخصص في خدمة اللغة العربية باسم "مجمع الملك سلمان العالمي لخدمة اللغة العربية".
احتفاء متواصل
يظل الاحتفاء والاهتمام باللغة العربية متواصلاً، واليوم تحتفل كافة القطاعات في المملكة بهذا اليوم بفعاليات مختلفة وبرامج وأنشطة تؤكد اعتزاز المملكة بلغتها الأم.
وفي القطاع التعليمي تنظم وزارة التعليم مسابقات وورش عمل ومعارض وندوات ومحاضرات تحت شعار: "مساهمة اللغة العربية في الحضارة والثقافة الإنسانية"، كما تشارك القطاعات الحكومية هذا اليوم بتنظيم فعاليات وشعارات تجسد اعتزازها بهذا اليوم.
وشملت جهود المملكة في هذا الصدد مركز الملك عبدالله بن عبدالعزيز للتخطيط والسياسات اللغوية، والذي حظي المركز العلمي بإشادة الكثير من المهتمين باللغة العربية؛ لدوره البارز بالحفاظ على اللغة العربية التي تُعَدُّ وعاء الدين الإسلامي الحنيف، ولغة القرآن الكريم؛ حيث تنبثق أهدافه من المحافظة على سلامة اللغة العربية.
وتواصلت مجهودات المملكة في الحفاظ والعناية باللغة العربية بتأسيس مَجْمع الملك سلمان العالمي للغة العربية، والذي يهدف للمساهمة في تعزيز دور اللغة العربية إقليمياً وعالمياً، وإبراز قيمتها المعبّرة عن العمق اللغوي للثقافة العربية والإسلامية، كما تمثلت رؤيته في تعزيز إسهام اللغة الحضاري والعلمي والثقافي، وإمكاناتها بالوسائل المختلفة، والمحافظة على سلامة اللغة العربية، ودعمها نطقاً وكتابة.
وسعى مؤتمر اللغة العربية والقطاع غير الربحي "الهوية والتمكين والأثر"، الذي افتتحه أمير منطقة مكة المكرمة الأمير خالد الفيصل مؤخراً، إلى تشجيع القطاع غير الربحي لتعزيز التنمية اللغوية، والمحافظة على ترسيخ الهوية العربية للمجتمع، وإنشاء الكيانات المتخصصة في خدمة اللغة العربية وتحقيق الاستدامة المالية لها، ودراسة واقع اللغة العربية في القطاع غير الربحي.
كما أبرز الكيانات غير الربحية المتخصصة في مشاريع اللغة العربية، وآفاق الاستدامة المالية، والاستثمار في اللغة العربية وتوظيف رأس المال البشري، والوقف على تعليم اللغة العربية. تجارب ومبادرات، والقطاع غير الربحي ومشاريع التعريب والترجمة، والقطاع غير الربحي وتعزيز المسؤولية المجتمعية، والقطاع غير الربحي، ونشر ثقافة التطوع في خدمة اللغة العربية.
يذكر أن الأمم المتحدة أعلنت احتفالها باليوم العالمي للغة العربية تحت شعار "مساهمة اللغة العربية في الحضارة والثقافة الإنسانية"، مسلطة الضوء على المساهمات الغزيرة للغة العربية في إثراء التنوع الثقافي واللغوي للإنسانية، فضلاً عن مساهمتها في إنتاج المعارف.