النسخة الأكثر تهديفا في تاريخ كأس العالم.. هذا العنوان كاف من أجل وصف مونديال قطر وما شهده من إثارة ومفاجآت ونتائج تاريخية منذ بداية البطولة وحتى النهائي الذي كان باعتراف الجميع واحدا من أفضل نهائيات كؤوس العالم في التاريخ.
بداية المونديال الذي يقام لأول مرة على أرض عربية في تاريخه كانت مثيرة للغاية وبطلها كان المنتخب السعودي الذي نجح في صناعة الحدث بعدما أسقط المنتخب الأرجنتيني بقيادة ليونيل ميسي بهدفين مقابل هدف على أرض استاد لوسيل وسط الآلاف من عشاق الأخضر الذين جاءوا للدعم والمؤازرة.
مفاجأة سعودية
هزيمة الأرجنتين على أيدي الأخضر لم تكن حدثًا عاديًا فقد سجل في التاريخ لعدة أسباب منها أنه أول فوز لمنتخب آسيوي على حساب الأرجنتين في تاريخ كأس العالم، كما أنه أول فوز لمنتخب عربي عبر التاريخ أمام الأرجنتين في المونديال أو في حضور ميسي بشكل عام في كل البطولات.
كما أن فوز الأخضر كسر سلسلة عدم الخسارة لمنتخب الأرجنتين التي استمرت لـ36 مباراة مُتتالية، وفوت عليه معادلة رقم إيطاليا العالمي صاحبة الـ 37 مباراة، ورغم هذه الهزيمة كان رفاق ليونيل ميسي على الموعد مع دخول التاريخ والتتويج باللقب الغائب منذ أكثر من ثلاثة عقود تقريبًا، بفضل دييجو أرماندو مارادونا في المكسيك عام 1986.
والكل شاهد ما فعله فرنسا في النهائي بقيادة كيليان مبابي لكن هناك ذكرى أخرى ستظل خالدة خصوصا بالنسبة للوطن العربي وتتمثل في نجاح المنتخب التونسي في تحقيق فوز تاريخي على نظيره الفرنسي "حامل لقب النسخة الماضية"، وذلك في الجولة الثالثة والختامية بدور المجموعات عن طريق القائد وهبي الخزري الذي سجل هدف المباراة الوحيد، لتغادر تونس المونديال مرفوعة الرأس ولم يعكر صفوها إلا هزيمة مفاجئة من المنتخب الأسترالي حرمتها من تأهل تاريخي في المونديال.
سقوط الكبار
وفي مونديال قطر سيتذكر الجميع ما فعله المنتخب الياباني بعدما استهل مشواره في البطولة بقلب الطاولة على نظيره الألماني بتحويل تأخره بهدف للفوز بثنائية خلال المباراة التي جمعتهما في إطار المجموعة الخامسة على ملعب خليفة الدولي.
واعتقد البعض أن ما فعله منتخب اليابان مجرد مفاجأة بعدما خسر أمام كوستاريكا بهدف نظيف لكنه فاجأ العالم مرة أخري بالفوز علي المنتخب الإسباني، وتصدر مجموعته، وتأهل إلى دور الـ 16 للمونديال، كما أنه حقق رقمًا قياسيًا بأنه أصبح أول منتخب آسيوي يهزم بطلي عالم سابقين في كأس العالم.
وعلى غرار المنتخب الياباني سار المنتخب الكوري الجنوبي بعدما حقق مفاجأة كبرى بالانتصار على منتخب البرتغال بهدفين مقابل هدف في الجولة الختامية لدور المجموعات، ليحتل المركز الثاني في مجموعته برصيد 4 نقاط، ويطيح بكل من الأوروجواي وغانا خارج البطولة.
وعلى نهج المنتخب التونسي، سار المنتخب الكاميروني بعدما حقق انتصارا تاريخيا على منتخب البرازيل بهدف نظيف سجله محترف النصر فينسينت أبو بكر في الدقائق الأخيرة من عمر اللقاء، ليصبح أول منتخب إفريقي يهزم البرازيل في كأس العالم.
ورغم الفوز التاريخي للمنتخب الكاميروني على راقصي السامبا لكن هذا لم يشفع له بالتأهل إلى دور الـ 16 بعدما حل ثالثًا في مجموعة برصيد 4 نقاط، وصعدت كل من البرازيل وسويسرا على الترتيب.
البعض اعتقد أن المفاجآت انتهت مع ختام دور المجموعات لكن مونديال قطر كان لا يزال لديه الكثير يقدمه في الأدوار الإقصائية التي شهدت أشياء ربما تحدث في تاريخ بطولات كأس العالم، ونجح المنتخب الكرواتي في استكمال مسيرته في البطولة بعدما فجر مفاجأة كبري بإقصاء المنتخب البرازيلي من دور الثمانية بعد التعادل بهدف لكل فريق في الوقت الأًصلي ثم تم اللجوء إلى ركلات الترجيح التي يجيدها المنتخب الكرواتي جيدًا.
أول حكمة في المونديال
كما تم اختيار الفرنسية ستيفاني فرابار لتولي إدارة المباراة الأخيرة لألمانيا في المجموعة الخامسة أمام كوستاريكا، لتصبح أول امرأة تدير مباراة في كأس العالم للرجال.
ووصف لويس فرناندو سواريز مدرب كوستاريكا ذلك بأنه خطوة كبيرة للأمام في "رياضة للجنسين". وقدمت فرابار (39 عاما) عرضا هادئا وواثقا في المباراة التي فازت بها ألمانيا.
إنجاز مغربي
وإذا كان البعض يعتقد أن المونديال هي بطولة ميسي لكن هناك جانب آخر سيتذكره الجميع تتمثل فيما فعله المنتخب المغربي في المونديال ونجاحه أن يصبح أول منتخب عربي وأفريقي يصعد إلى المربع الذهبي للمونديال، ورغم مرارة الهزيمة من فرنسا في نصف النهائي ثم كرواتيا في مباراة تحديد المركزين الثالث والرابع لكن سيظل ما فعله محفورا في الأذهان.
واستهل المنتخب المغربي مشواره في المونديال بتعادل سلبي أمام منتخب كرواتيا، وصيف النسخة السابقة، وبعد ذلك حقق انتصارا تاريخيا أمام بلجيكا بهدفين دون رد، وبعدها واصل سلسلة انتصاراته وفاز على كندا بهدفين لهدف.
وفي دور الستة عشر نجح المنتخب المغربي في إقصاء نظيره الإسباني عن طريق ركلات الترجيح بعد تعادل الفريقين سلبيا دون أهداف في الأشواط الأصلية والإضافية، ثم تمكن من تحقيق انتصار تاريخي جديد على المنتخب البرتغالي بقيادة كريستيانو رونالدو بهدف نظيف دون رد ليصعد إلى المربع الذهبي لأول مرة.
دموع كريستيانو رونالدو
وما سيتذكره الجميع أيضًا أن المنتخب كان سببًا مباشرًا في إنهاء الدون مسيرته دون الحصول على بطولة كأس العالم، ومغادرته للملعب باكيًا وكأنه كان يشعر أن منافسه التاريخي ليونيل ميسي سيكون على موعد مع حسم المنافسة نهائيا لصالحه بالتتويج باللقب الغائب عن مسيرته.
وفي نهائي البطولة كان العالم أجمع على موعد من مباراة مجنونة للغاية اعتقد الكثيرون في بدايتها أنها حسمت لصالح رفاق ليونيل ميسي بعد التقدم بهدفين لكن مبابي أثبت أن مقارنته مع الأسطورة بيليه لم تأت من فراغ إنما يستحق أن يكون أسطورة جديدة لكرة القدم العالمية بعد سجل هدفين في دقيقتين، وبعدها تظل الأمور سجالا حتى انتهاء الوقتين الأصلي والإضافي بثلاثة أهداف لكل منهما، وفي نهاية تميل ركلات الترجيح لصالح راقصي التانجو.
بطولة ميسي
ونجح ليونيل في قيادة الأرجنتين للقبها الثالث بعد 1978 و1986 ليحقق حلمه الأكبر في مسيرته الرائعة ممتدة على مدار 20 عامًا تقريبا أبدع فيها كثيرًا علي صعيد الأندية وكان ينقصه التتويج باللقب الأهم في عالم الساحرة المستديرة.
وفي هذه النسخة في المونديال نجح ميسي في تحطيم كل الأرقام القياسية بعدما أصبح الأكثر مشاركة في تاريخ كأس العالم برصيد 26 مباراة، كما أصبح الهداف التاريخي للمنتخب الأرجنتيني برصيد 13 هدفا، بعدما أحرز منها 7 أهداف في هذه النسخة فقط، ولم يستطع أحد التفوق عليه سوى النجم الفرنسي الشاب مبابي برصيد 8 أهداف.