قد تعجبك أنغامهم، وتستمع لأقوالهم لكنك لا تعرف هويّاتهم، فمن هم إذاً أولئك الذين تنصت إلى أغنياتهم التي تتأجج فيها عذابات المحبوب ولوعة حرمانه؛ لتجد نفسك مدفوعاً بالتساؤل في محركات البحث، عن هويّة الشاعر أو الملحن اللذين قررا التواري عن المشهد والاكتفاء بأسماء مستعارة.
وأفرزت الظروف التاريخية عوامل اجتماعية ودينية أدت إلى تقييد حرية بعض شعراء الأغنية العاطفية، وملحنيها؛ لذا عمد معظمهم إلى اختيار أسماء فنية مستعارة؛ بهدف قياس مدى قبول أعمالهم لدى الجمهور، وربما يقررون بعدها الكشف عن وجوههم، بحسب تفسيرات بعض الذين خبروا أسرار الفن.
الأسماء المستعارة شكلت وجدان الأغنية السعودية
ورغم تشكيلهم وجدان الأغنية السعودية، منذ انبلاج فجرها، إلا أن بعض تلك الشخصيات الفنية ما زالت متمسكة بأسمائها المستعارة، على غرار: الملحن صادق الشاعر الذي تعتقد أوساط فنية أنه يرتبط بشاعر شهير من الأسرة المالكة، بجانب الشاعر تركي؛ وهو اسم فني لشخصية من الأسرة ذاتها، وفي الوقت ذاته يصوغ ألحانه باسم مغاير وهو طارق محمد.
إضافة إلى اللقب الفني الشهير بـ"واحد"؛ إذ يرتبط بإحدى شخصيات الأسرة المالكة، بجانب لقب دايم السيف الذي عُرف به الأمير خالد الفيصل، إلى جانب الشاعر "قوس" والاسم المرتبط بلاعب دولي سعودي.
الأسماء الفنية.. ليست للرجال فحسب
ولم تكن الأسماء الفنية حكراً على الشعراء من الرجال، بل حتى النسوة اللواتي يتمتعن بإحساس إنساني شاعري اخترن أسماء تزيل عنهن حرج الكتابة في مواطن العاطفة مثل: الشاعرة الجادل، والشاعرة رزان، والأخرى العالية، جميعهن قررن نظم الشعر دون الإفصاح عن هوياتهن الحقيقية.
الأسماء المستعارة وتشكيل ملامح الأغنية
وفي السياق ذاته، يقول المؤرخ والناقد الفني يحيى زريقان، إن ظاهرة الأسماء المستعارة في الأغنية السعودية برزت منذ عام 1960؛ إذ يؤرخ بعصر النهضة الفنية السعودية الحديثة، فيما أدت هذه الأسماء، وغالبيتها لمؤلفي كلمات الأغنية دوراً كبيراً في دعم مشوارها والوصول بها إلى مرحلة متقدمة.
دوافع اجتماعية ومهنية للأسماء الفنية
ويضيف زريقان أن هناك دوافع اجتماعية أو مهنية في الغالب دفعت تلك الشخصيات إلى اللجوء إلى اسم فني، مستذكراً في سياق حديث هاتفي لـ "أخبار 24"، بعض الأسماء الفنية مثل: الشاعر الأمير محمد بن عبدالعزيز آل سعود المعروف بـ"فالح"، والأمير عبدالله الفيصل المعروف بـ "محبوب"، بجانب الأمير خالد بن فيصل بن سعد المعروف بـ " الغريب".
وتحمل ذاكرة الناقد الفني السعودي أسماء فنية عدة؛ لافتاً إلى أن هذه الظاهرة مستمرة منذ عقود طويلة حتى وقتنا الحاضر، كما دعمت مشوار الأغنية السعودية.
واختتم زريقان حديثه: "لعلنا نلاحظ اليوم بعض الأسماء مثل الأمير عبدالرحمن بن مساعد المعروف بـ"صادق الشاعر، والأمير نايف بن سلمان المعروف بـ"ياسر بو علي، بجانب الأمير أحمد بن سلطان، المعروف بالإسم الشهير "سهم"، وأنهم يشكلون جناحاً قوياً للأغنية السعودية".
خوفاً من الفشل وبحثاً عن التميز
من جهته، يقول الفنان السعودي نايف النايف، إن هناك أوجهاً متعددة لواقع ظاهرة الأسماء الفنية المستعارة، فهناك من يلجأ إليها إما لأسباب اجتماعية خوفاً من حدوث التصادم مع مجتمعه وقبيلته، والبعض الآخر يفضلها بداعي بحثه عن الغموض لكي يستطيع جذب الجمهور وتشويقهم لمعرفة اسمه الحقيقي.
ويضيف الفنان نايف لـ "أخبار 24"، أن جزءاً من لجوء الشعراء والملحنين إلى تلك الأسماء الفنية المستعارة هو الخوف من الفشل في تجربتهم الفنية؛ فبالتالي يصبح فشل الاسم الفني أخف وطأة من الشخصية الحقيقية، مشيراً إلى أن من ضمن دوافع لجوء البعض لتلك الظاهرة هو البحث عن اسم متناغم ذي جرس موسيقي لجذب انتباه الجمهور.