المتعارف عليه، استخدام الصمت للتعبير عن حزن على أمرٍ ما، أو تضامنٍ مع أحد أو جماعةٍ ما، أو حداداً على مفقودين. إذ يُقال إن لاعبي كرة قدم وقفوا "دقيقة" صمت؛ حداداً على ضحايا حدثٍ جلل أصاب جزءاً من أجزاء العالم. وهذا ما حدث بالفعل قبل أيام، حيث وقف لاعبو فرق عديدة في الدوري الأوروبي، دقيقة صمتٍ حداداً على ضحايا الزلزال الذي تعرض له عدد من الدول الأسبوع الماضي.
لكن في الكوارث أيضاً، يستخدم "الصمت" كأحد أهم أدوات البحث عن ناجين من انهيار مبنى أو منزل، كما تشهده خلال هذه الأيام، تركيا وأجزاء من سوريا، بعد تعرضها لزلزال مدمر، فاقت أعداد ضحايا أكثر من ثلاثين ألفاً بين مفقودٍ وقتيل.
وتعتاد فرق الإنقاذ على الالتزام بـ"الصمت" بين فينةٍ وأخرى، وتُطفئ معدات البحث؛ لخلق أجواء يسودها الهدوء، أملاً بسماع نداء من ناجٍ تحت الأنقاض، قد يصرخ أو يعلن عن وجوده طلباً للنجدة.
ويخدم فصل الشتاء أيضاً عمليات البحث من حيث لا تعلم؛ إذ لا أصوات أجهزة تكييف تعمل كما هي في فصل الصيف؛ وهو ما يمنح بعضاً من الهدوء القريب من الصمت، الذي في الغالب ما يكسره بعض الشيء، "المُتسامرون" من أهالي الضحايا، وهم يلتئمون حول نارٍ أشعلوها للتدفئة؛ لتعينهم على الجلوس فتراتٍ أطول، أملاً بخروج صوت ينشد الحياة، يخرج من تحت الأنقاض.
وهكذا يقضي أهالي المناطق التي ضربها الزلزال المدمر في سوريا وتركيا أوقاتهم؛ إذ تحولت جلسات السمر في ليالي الشتاء القارصة حول النيران، إلى جلسات بحث، أو إنصات عميق، يُعيد لهم الروح، بالعثور على مفقود من ذويهم، ذهب ولم يعُد، ولا أحد يعلم هل هو باقٍ على قيد الحياة، أم غادرها.