للورد حضوره في حياة البشر، هو عبارة عن هدية فاخرة، يُمكن أن يحملها المرء خلال عيادته مريضا يواسيه، ويُمكن أن يضعها في صندوق "بوكيه" لتجميل هدية يقدمها لمن يُحب.
والوردة بحد ذاتها تُشبه الطبيب، وربما أكثر منه رحمةً وعلاجا، وهي جزءٌ من ثقافة، ليست غربية أو شرقية، إنما كما قال الشاعر علي عسيري خلال توظيفه لوجودها، بإحدى قصائده "كنت ناسي.. وذكرتني بالحياة.. وعلمتني كيف أكلم هالزهور"، فقد كانت الوردة أو الزهرة مفتاحاً لدى الشاعر، لكل أبواب الحياة.
لها كثيرٌ من المواضع في ذاكرة الأدباء والشعراء، كانت مصدر إلهام لهم في مواجهة من يُحبون ويعشقون. ولها أيضاً يومها الخاص، بعيداً عن لحظاتها. فاليوم الذي يوافق 14 فبراير من كل عام، تُفتح أبواب الحدائق، وتُقطف الزهور. وتتحول إلى أشبه بساعٍ للبريد، من شأنه إيصال تعبير يختصر قصة حب إلى حبيب، أو اعتذار من هذا، إلى ذاك.
"أخبار 24" حملت سؤالا، لعدد من العاملين في بيع الورود، بالعاصمة السعودية الرياض. وبدت أنواعه منتشرة في كل زوايا المكان. وهذا ما أجبر عدداً من الباعة ومُلاك متاجر الورد للتأكيد على أن محلاتهم ونشاطهم يلقى إقبالاً جيدا طوال السنة، لكنهم يواجهون طلبات كبيرة خلال الـ14 من فبراير من كل عام، والذي يتزامن مع هذا اليوم.
وتتفاوت أسعار الورد بين نوعٍ وآخر، إذ يمكن شراء باقة بمبلغ لا يصل إلى مائة ريال، في مقابل توفر ما يزيد على 1500 ريال للرُزمة الواحدة.
إذ يؤكد عبدالله الصفّار، وهو مالك لمتجر ورود، أن العمل جارٍ في أوقات مختلفة، غير مقرونة بما يُسمى "عيد العشاق"، ويركز الصفّار في حديثه على طريقة جذب الزبائن، من خلال تقديم أفكار عصرية وجديدة، تُبهر المشتري، بعيداً عن أي مناسبة.
لكنه يعود بالذاكرة إلى العام الماضي، ويُلمح إلى حجم المكاسب المادية التي جناها من يوم "الفالانتاين دي"، أو "عيد الحب"، والتي تجاوزت 50 ألف ريال، في ذلك اليوم، وهو ما يشير إلى نسبة الإقبال الكبيرة على شراء الورود في هذا اليوم.
ولا يبتعد أحمد الحربي في صراحته من حيث البيع عن الصفّار، من خلال إشارته إلى أن الوقت الحالي قد اختلف عن سابقه، إذ إن الأمر كان ضمن الممنوعات والمحظورات خلال سنوات خلت، إلا أنه اليوم في تصاعد ملموس، يؤكده حجم الطلبات على الورود، لا سيما في هذا اليوم.
من جهتها، تقول ضحى، منسقة ورد تعمل بأحد المحلات، إن محال الورد تشهد إقبالاً واسعاً في مثل هذا اليوم من كل عام، مؤكدة أن مبيعاتهم التقديرية قد تتجاوز عشرة آلاف ريال في الرابع عشر من فبراير.
ويمكن الاستشهاد بكبريات الفنادق العالمية ذات الخمس نجوم، التي تعمد إلى تقديم دعوات للاحتفاء بهذه المناسبة، على غرار فندق "إنتركونتننتال الرياض" الذي حاول استقطاب عملائه، بطريقة جذابة وعصرية، عنونها بـ"احتفل مع أحبائك".
وبالعودة إلى أسواق الورود، يقول محمد رفيق، الذي يعمل منسق ورود، ذو المحيا الذي يوحي بأنه ينحدر من الهند، إن الخمس سنوات الماضية لم تكُن برداً وسلاماً عليه هو ورفاق المهنة، إذ كانوا يضطرون لبيع منتجاتهم من الورود بالخفية، أما الآن فالأمر قد تبدل، وأصبح البيع في العلن، ويشهد إقبالاً لافتاً خلال هذه الأيام من كل عام، لتصل بعض أسعار بوكيهات الورد إلى ما يزيد على 1200 ريال.
وحتى إن كانت متاجر الورود، تشهد ارتفاعاً واضحاً، جراء نمو طلبات المحبين على الورد، إضافة إلى الاستعدادات التي عكف ملاك وباعة المتاجر على تحضيرها، لتلبية رغبات الأفراد في هذا اليوم، فإن الحب، لا يعرف، قيمة تتجاوز حدود 1500 ريال، أو أكثر من ذلك، كون الهدف يختصر كثيرا من الكلام، ومفردات العاطفة، ويُحقق قبل كل شيء عاملين.. الأول: التكريس لمفهوم الحب. والثاني: محاربة صناعة الكراهية. وهذا ما فهمه العالم أجمع، لذلك كُتبت كثير من الأغاني بالورد.. وانتهت بالحب.
"14 فبراير".. "تاريخٌ ناعم" لتكريس الحب.. ومحاربة "صناعة الكراهية"https://t.co/InD7OQtDHH pic.twitter.com/ZsdJ2qk5Bv
— أخبار 24 (@Akhbaar24) February 14, 2023