"الراية".. "البيرق".. "اللواء"؛ جميعها مرادفات لغوية لـ"العلم"، أطلقت عليه في مراحل زمنية متعددة، لكنها تشترك في الدلالة ذاتها على مفهوم واحد، فهو ليس مجرد قطعة قماش فحسب، إنما مصدر اعتزاز تاريخي بهوية البلاد وحضارتها وموروثها، يحمل معانيَ عميقة لشعوب العالم ترمز إلى الانتماء والوطنية.
غير أن العلم السعودي قدره الاختلاف، فهو اختصار مكثف لدلالات، تكاد تندر في بعض الأعلام الأخرى، إذ يتميز بتوافر "سمات" لافتة، تتمثل في عدم تنكيسه في المناسبات بخلاف غيره، كما يتضمن إعلاءً "لكلمة التوحيد"، ذات المعاني العميقة، باعتبارها رمز عقيدة البلاد، بجانب احتوائه على "السيف"، وهذا فيه دلالة كبرى على القوة والحزم.
وظل العلم السعودي شاهداً على أمجاد البلاد، وشامخاً بما يعكسه من الوحدة والتلاحم، وخفاقاً لا ينكس أبداً، مستمداً هويّته من عمقه التاريخي وإرثه الحضاري، وعرف بأصالته، وبدأت قصته منذ تأسيس الدولة السعودية الأولى على يد الإمام محمد بن سعود عام 1139هـ، وهو امتداد للإرث العربي والإسلامي، بوصفه رايَة الدولة ورمزاً من رموز سيادتها.
وكانت المملكة قد أقرت الاحتفال بمناسبة جديدة باسم "يوم العَلَم"، تكون يوم 11 مارس من كل عام، فيما يكمن سر اختيار هذا التاريخ، نظراً إلى أنه اليوم الذي أقر فيه الشكل الحالي للراية الرسمية للبلاد.
وفي السياق ذاته، فإن العلم السعودي يتمتع بصدارة المكانة والمكان، كما ورد في كتاب "علمنا".. هوية مملكتنا المواصفات والدلالات، إذ يشير إلى أن "العلم السعودي" يُرفع داخل المملكة ما بين شروق الشمس وغروبها في أيام الجمع والأعياد على المباني الحكومية والمؤسسات العامة، كافة.
واللافت للانتباه أيضاً، ورود العلم في النشيد الوطني السعودي، وهذا دليلٌ على عمق مكانة هذا العنصر الذي يعني للدولة من الناحية السياسية رمزية ترتبط بالسيادة، ومن الناحية الاجتماعية، مصدر اعتزاز وفخر، لدولةٍ عظيمة اسمها المملكة العربية السعودية.
فهذا اليوم هو المناسبة الأولى لـ"يوم العلم" التي يحتفل بها الشعب السعودي وقيادته أيضاً، ليشكل يوماً تاريخياً، ينقش في صفحات المستقبل، قصة شعب، أحب بلاده وقيادته، وبادلوه الحب بالحب، والوفاء بالوفاء.
فمثل هذه القصص الأشبه بـ"ملاحم حب الوطن"، لا توجد في تدوينات الماضي، ولا أقمشة الخرائط، ولا جميع الذكريات، ولا قصص الرواة، الأحياء منهم والأموات؛ هي فقط ميزة يتفرد بها هذا الشعب وهذه القيادة؛ بهذا الوطن الذي قام وتوحّد بتضحيات الرجال، ويفديه الرجال والمال والولد، حسب ما ورث السعوديون من الآباء والأجداد.
اليوم حتماً، سيجتمع السعوديون على اختلاف مشاربهم، عند مورد ماءٍ عذب اسمه السعودية، يقفون ذكوراً وإناثاً صفاً واحداً، أمام والدٍ واحد اسمه سلمان بن عبد العزيز، ومُجددٍ اسمه محمد بن سلمان، مُعلنين الإخلاص لهذا الكيان الكبير، والوفاء لقيادته، حاملين راية بلادهم الخضراء عالياً، ويردد الجميع في ذات الوقت دون أن يعلم أحد عن الآخر، "للعلم والوطن". وعلى هذا الأساس سنردد "للعلم والوطن".