بتبرعاتهم الخيرية عبر المنصات الموثوقة، يجسد السعوديون أسمى معاني التكافل الاجتماعي فيما بينهم، ما يدعو لدراسة هذه الظاهرة، دراسة منهجية، تبيّن دوافع الرغبة الحثيثة لديهم للإقدام على التواد والتراحم، بخلاف أنه أمرٌ دعا إليه الدين الإسلامي، وشدد على انتهاجه، كونه ينبثق من صميمه، إذ تبدو لافتة المساهمة الإنسانية بين أفراد المجتمع والتضامن في "إغلاق حالات المعسرين"، غير أنهما في واقع الحال تعدان خصلتان من فطرة العطاء التي جُبلت أنفس السعوديين عليها تحبباً.
ومن الشواهد الراسخة على محبتهم للعطاء، استحداث الحكومة مؤخراً، منصة "جود الإسكان" لخدمة الأسر المتعففة في توفير سكن يتلاءم مع متطلباتها واحتياجاتها، كما تجاوز حجم التبرعات فيها حاجز المليار ريال. وكان خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز أول المتبرعين للمنصة بـ"100 مليون ريال"، لحقه ولي العهد رئيس مجلس الوزراء الأمير محمد بن سلمان بتبرعٍ بـ"50 مليون ريال".
وفي هذا السياق، لا بُد من الإشارة لما حظيت به الحملة الوطنية للعمل الخيري العام الماضي، إذ تجاوز حجم التبرعات خلال أول 48 ساعة منذ انطلاق الحملة، ما يصل إلى 300 مليون ريال، بعد أن جرى تدشينها بشكل رسمي من قبل الحكومة.
ووضعت المملكة سياسات من شأنها تحفيز أخلاقيات التواد والتراحم، وتعزيز روح العطاء، عبر تطوير برامج تعنى بالتكافل الاجتماعي، على غرار المنصة الوطنية للعمل الخيري، "إحسان"، إذ تسهل التبرع للفئات الأشد احتياجاً بسهولة وأمان كبيرين، ضمت تحت مظلتها مبادرات عدة مثل "فرجت"، لمساعدة المحكوم عليهم في القضايا المالية، بجانب "تيسرت" المنصة المتخصصة في قضايا المعسرين.
وبلغ إجمالي التبرعات في منصة إحسان أكثر من 3 مليارات ومائتي مليون ريال، بواقع 57 مليونًا و400 ألف عملية تبرع، منذ أن دشنتها الهيئة السعودية للبيانات والذكاء الاصطناعي "سدايا " في عام 2021.
وتبرز المنصة الوطنية للتبرعات "تبرع"، بصفتها نقطة وصل بين المتبرع والمحتاج في شتى مناطق المملكة، إذ تنظم سير العمل الخيري بعمليات تبرع موثوقة بالشراكة مع الجمعيات الأهلية، فيما وصل عدد عمليات التبرع في المنصة إلى أكثر من 4 ملايين ريال.
وفي سياق تنوع المنصات الخيرية في السعودية، أُطلقت منصة وطنية تابعة لصندوق الوقف الصحي، وهي منصة شفاء التي تقدم الخدمات العلاجية، والأجهزة الطبية، كما تحقق الترابط الاجتماعي، وتسهل وصول المحسنين للمرضى المحتاجين بموثوقية، فيما تجاوزت مساهماتها حاجز الـ 171 مليون ريال.
واستحدثت السعودية المنصات الخيرية رغبة منها في إضفاء طابع المؤسسية على العمل الخيري، بعد استغلاله من قبل بعض "الجماعات النفعية"، وكما هي العادة، مع مطلع شهر رمضان يكثف السعوديون دعمهم المالي في سبيل إغلاق الحالات المتعثرة، ومساعدة المحتاجين، وخدمة الأسر المتعففة، إيماناً منهم بحب الخير، وتحقيق التكامل في المجتمع.