أسدل الفرنسي "هيرفي رينارد" الستار على مسيرته مع المنتخب السعودي بعد قرابة 4 أعوام قضاها على رأس الجهاز الفني محققًا العديد من النتائج الإيجابية والتي لم تخلُ من خيبات أمل.
وحتى يكون الحكم منصفًا يقرأ "سبورت 24" في مسيرة رينارد مع الأخضر عبر العديد من المحطات نستعرضها فيما يلي:
تولى "رينارد" مهمة تدريب الأخضر وسط ظروف غير مستقرة يعيشها المنتخب الذي سجل حضورًا سلبيًا في مونديال 2018 لم يحفظ فيه ماء وجهه سوى الفوز على منتخب مصر وهو الفوز الذي جاء بعد الهزيمة الثقيلة أمام روسيا في المباراة الافتتاحية بخماسية نظيفة، قبل الخسارة أمام أوروغواي 0-2.
ولم تكن مشاركة الأخضر في كأس آسيا 2019 بأفضل حالًا من المونديال، إذ ودع المنتخب السعودي منافسات البطولة من دور الـ16 بعد الخسارة أمام اليابان مسجلًا واحدة من أسوأ مشاركاته في البطولة الآسيوية.
وجاء التعاقد مع "هيرفي رينارد" وسط هذه الظروف الصعبة التي تمر بها الكرة السعودية، وذلك قبل أشهر قلائل من خوض منافسات التصفيات الآسيوية المؤهلة إلى كأس العالم 2022 وكأس آسيا 2023.
ولم يكن "رينارد" غريبًا عن الكرة العربية إذ إنه خاض تجربة مميزة مع المنتخب المغربي وإن لم يكتب لها النجاح بشكل كامل، حيث ظهر بصورة قوية في مونديال 2018 رغم الخروج من الدور الأول، ولعل أهم ما ميّز المدرب الفرنسي حرصه على ترك بصمة في المنتخبات التي يقوم بتدريبها، حيث سبق له وقاد منتخب ساحل العاج للتتويج بكأس أمم إفريقيا للمرة الثانية في تاريخها.
* البداية 5 سبتمبر 2019
كتب رينارد أول سطر في قصته مع الأخضر في هذا اليوم عندما التقى المنتخب بنظيره المالي وديًا استعدادًا لتصفيات كأس العالم حيث حسم التعادل الإيجابي 1-1 نتيجة اللقاء قبل أن يخوض أول لقاء رسمي يوم 10 سبتمبر من العام ذاته أمام اليمن في مباراة حسمها التعاون 2-2.
وفي 10 أكتوبر 2019 حقق الأخضر أول انتصار له تحت قيادة رينارد وذلك أمام سنغافورة في تصفيات المونديال.
* خليجي 24.. مغامرة لم تكتمل
قاد رينارد المنتخب السعودي في كأس الخليج العربي "خليجي 24" في قطر، وسط آمال سعودية باستعادة اللقب الغائب لكن البداية كانت صادمة بالخسارة أمام الكويت 1-3، وهنا كان لـ "قيادة رينارد" الدور الكبير في تجاوز هذه الخسارة ليحقق فوزين متتاليين أمام البحرين وعمان ليحجز مقعده في نصف النهائي ويضرب موعدًا مع المنتخب القطري بطل آسيا وصاحب الضيافة ليحقق الأخضر فوزًا مستحقًا على "العنابي" ويتأهل إلى المباراة النهائية أمام البحرين التي أنهت آمال رينارد في التتويج باللقب الأول مع الأخضر بعد الفوز بهدف نظيف.
ورغم خسارة اللقب استبشرت جماهير الكرة السعودية بالمدرب الفرنسي خيرًا وأنه سيكون قادرًا على تطوير أداء الأخضر بالصورة التي ترضي عشاقه.
* مواصلة المشوار في تصفيات المونديال
وتوالت انتصارات الأخضر في المرحلة الثانية من التصفيات التي أنهاها المنتخب في الصدارة بـ20 نقطة وبلا هزيمة ليتأهل إلى المرحلة الحاسمة التي جاء فيها على رأس مجموعته رفقة اليابان وأستراليا وعمان والصين وفيتنام.
ومنذ الجولة الأولى من التصفيات الحاسمة فرض الأخضر كلمته وتصدر منذ البداية وذلك بعد 4 انتصارات متتالية أمام فيتنام، عمان، اليابان والصين قبل أن يعود من أستراليا بتعادل ثمين أتبعه بفوز خارج الديار أمام فيتنام ثم الفوز على عمان، ليصبح التأهل رسميًا إلى مونديال قطر مسألة وقت.
وتلقى الأخضر هزيمة وحيدة طوال مشواره بالتصفيات وذلك على أرض اليابان قبل أن يتعادل خارج الديار أمام الصين ليتأهل رسميًا إلى المونديال ويحتفل بهذا التأهل المستحق عن طريق تأكيد صدارته بالفوز في المباراة الأخيرة على أستراليا، مسجلًا أفضل نتيجة في تاريخ مشاركاته بتصفيات كأس العالم.
* حلم المونديال والقرعة الصادمة
لم تكن قرعة كأس العالم 2022 رحيمة بالمنتخب السعودي إذ وضعته في مجموعة واحدة رفقة الأرجنتين المنتخب صاحب الترشيحات الأكبر للتتويج باللقب، بالإضافة لمنتخب بولندا الذي يضم واحدًا من أفضل لاعبي العالم وهو نجم برشلونة روبيرت ليفاندوفيسكي، بجانب المنتخب المسيكي صاحب التاريخ الطويل في كأس العالم.
* وديات "مثيرة للقلق" قبل المونديال
بعد التأهل إلى كأس العالم وإجراء قرعة المونديال، عمد المدير الفني الفرنسي إلى خوض لقاءات ودية مع منتخبات تقترب من مدارس اللعب التي تتميز بها المنتخبات الثلاثة المرافقة للأخضر في مجموعته المونديالية "الأرجنتين، وبولندا والمكسيك".
وخاض الأخضر قبل كأس العالم 9 وديات وتحديدًا خلال الفترة من 5 يونيو وحتى 16 نوفمبر 2022، أمام منتخبات كولومبيا، فنزويلا، الإكوادور، أمريكا، ألبانيا، هندوراس، آيسلندا، بنما وكرواتيا.
ولم يسجل الأخضر سوى انتصار وحيد خلال هذه الوديات أمام آيسلندا مقابل 5 تعادلات و3 هزائم.
وأثارت هذه النتائج قلق جماهير الأخضر التي توقعت نتائج كارثية للمنتخب في كأس العالم 2022 على غرار هزيمته الثقيلة في افتتاح مونديال 2018 أمام روسيا بالخماسية، ونال "رينارد" سيلًا من الانتقادات خاصة بعد إعلان قائمته النهائية لكأس العالم.
* ماذا حدث في 22 نوفمبر؟
سيظل هذا اليوم من عام 2022 خالدًا في ذاكرة الجماهير السعودية إذ إن هذا اليوم شهد أعظم انتصارات للمنتخب السعودي في كأس العالم، وخلافًا لكل الترشيحات والتوقعات بانتصار ساحق لـ "راقصي التانغو" أمام الأخضر تمكن الأخير من كتابة التاريخ ملحقًا هزيمة لن تُنسى بالمنتخب الأرجنتيني الذي دخل المونديال وهو المرشح الأول للتتويج باللقب.
أثبت "رينارد" في هذا اليوم لكل المشككين قدراته كمدرب قادر على إحداث التغيير وقلب الموازين، ليصبح بعد هذا الفوز معشوق الجماهير السعودية لا سيما بعد المقطع الشهير الذي نشره الاتحاد السعودي لكرة القدم والذي أظهر كواليس غرفة ملابس المنتخب يوم مباراة الأرجنتين، وكيف بدا رينارد قائدًا فذًا ألهب حماس اللاعبين وجعلهم يقدمون مباراة العمر أمام عمالقة الأرجنتين الذين توجوا باللقب فيما بعد، بينما كانت الهزيمة أمام الأخضر هي الوحيدة لهم خلال المونديال.
وبعد هذا الانتصار التاريخي بدأت الجماهير السعودية تمني النفس بتكرار إنجاز 1994 والتأهل إلى ثمن النهائي، لكن الإصابات التي ضربت المنتخب أثرت كثيرًا على أدائه أمام بولندا والمكسيك رغم تقديم مستويات قوية، لتنتهي مغامرة الأخضر في المونديال بعد تحقيق نتيجة تاريخية كانت حديث جماهير المونديال وكرة القدم حول العالم.
وكان رينارد تولى تدريب الأخضر وهو في المركز 68 بتصنيف الاتحاد الدولي "فيفا" ليصل معه إلى المركز الـ49 عالميًا.
* عروض خارجية وقرار "مرتقب" بالرحيل
بعد المستويات الكبيرة التي قدمها رينارد مع الأخضر في المونديال بدأ الحديث عن عروض دولية للمدرب الفرنسي الذي ارتبط اسمه بالعديد من المنتخبات بينها بلجيكا وبولندا وغيرها، فيما بدت كلمة النهاية قريبة من قصة رينارد مع الأخضر رغم تجديد عقده حتى 2027، لكن المدرب الفرنسي وجد أنه لن يقدم أكثر مما قدمه للمنتخب السعودي ليتخذ قراره بفك الارتباط بعد قرابة 4 سنوات تباينت فيها آراء المحللين والجماهير بشأن نجاحه من عدمه مع الأخضر، وإن الجميع اتفق على أن رينارد ترك أثرًا رائعًا حتى لو كان هذا انحصر في مباراة تاريخية بالمونديال.
22 نوفمبر 2022
— المنتخب السعودي (@SaudiNT) November 24, 2022
يَـــــــــوم لا يُنسى ???#كواليس_الأخضر ☕ ? pic.twitter.com/qnLF2nxv48