في عملية ذات أهداف بعيدة المدى، وقد تتخطى الخرائط، أحبط الأمن السعودي، مخططات تنظيم القاعدة، بضـرب العلاقة "السعودية – الأمريكية"، بإفشال عملية استهداف قنصلية الولايات المتحدة الأمريكية بجدة.
ففي السادس من ديسمبر 2004، تصاعدت أعمدة الدخان من القنصلية الأمريكية في جدة – غرب المملكة – دون أن يعي أحدٌ أسبابها؛ إلا أنه عقب ساعات، اتضح أنها عبارة عن عملية، حاول تنظيم القاعدة تنفيذها ضد ما كان يصفه بـ"المصالح الأمريكية في جزيرة العرب"، لاعتبار أن التنظيم يقتبس جزءاً من تسميته، من فكرة "جزيرة العرب".
وقتذاك كان العمل الإرهابي، هو المفتاح لمعرفة الهالك "صالح العوفي"، الذي وضع على كتفيه عباءة، قائد تنظيم القاعدة، من عام 2004، وحتى العام الذي تلاه 2005. إلا أن ذلك المخطط باء بالفشل، وأردى رجال الأمن، ثلاثةً ممن حاولوا اقتحام القنصلية الأمريكية بجدة قتلى، بينما تم القبض على اثنين آخرين منهم.
عقب ذلك تكشف أن خطة التنظيم، قد تركزت على تتبع ومراقبة، سيارة خاصة بأحد الدبلوماسيين من الجنسية الأمريكية، أثناء دخوله ذلك الموقع المُحصّن، إلا أن جميع تلك "التكتيكات" ذهبت إلى الفشل.
والمُتتبع لتحركات "القاعدة" في السعودية آنذاك، يمكن له فهم أن تلك العملية، كانت بمثابة مدخل لصالح العوفي، الذي تبوأ منصب قائد التنظيم في ذات الشهر، وقضى نحبه بعد عام ونيّف من ذلك التاريخ.
فقد فكرت القاعدة في ذلك التوقيت، في ضـرب أي "مصلحة أمريكية"، بهدف جذب دعم التأييد الداخلي في صفوف التنظيم، لخلق تصور ذهني، أنه قادر على اختراق مزيد من الأسوار، لكن ذلك اصطدم بواقع الحال، الذي شكله الرجال من قوى الأمن السعودي، وذادوا بأنفسهم دون بلادهم، ودون من يُعتبرون ضيوفاً عليها، من المفترض حمايتهم مهما كلف الأمر.
وفي أعقاب أن سعت "القاعدة" إلى الكشف عن تغيير منهجيتها، من استهداف الأشخاص "الأجانب"، إلى ما هو أكبر من ذلك، عَبْر عمليات شكلت ضرباً موجعاً للحكومة السعودية، وانتقاماً مما تصفه وفي منهجيتها بـ"الإمبريالية الغربية"، متمثلةً بالولايات المتحدة الأمريكية، واستهداف الممثليات الدبلوماسية التابعة لها، إلا أن ذلك أصبح تخطيطاً باء بالفشل الذريع، ما شكّل عامل إحباط وتقهقر، لهذا الكيان منذ تلك الفترة، وحتى هذا اليوم.. وإلى أبد الآبدين.
والسحر في تلك العملية انقلب على الساحر، إذ خلقت تصوراً عاماً دولياً، عن قدرة المملكة العربية السعودية على حماية مصالح حلفائها من جانب، وتمكن كبير من دحر هذا الفكر الإرهابي الدخيل على الإنسانية. واندحر أولئك، بتنظيمهم، وفكرهم، إلى المقبرة، وبقي الواقع كما هو.. حتى هذا اليوم.