كشفت دراسة استكشافية حديثة ارتباط الآثار التاريخية في محافظة العلا وحضاراتها القديمة بالفضاء، حيث شكلت أرضها الواسعة وسماؤها المرصعة بالنجوم مسرحاً متناغماً للترابط بين الإنسان مع النجوم والفلك.
وتحتضن المواقع الأثرية في العلا قصص الحضارات القديمة وحكاياتها مع الفضاء الرّحب التي يرويها المرشدون، كذلك استخدام الرحّالة، والقوافل التجارية النجوم والكواكب لتحديد الاتجاهات والسفر في الصحراء.
وأجرى فريق من الخبراء والمتخصصين بمشروع علم الفلك الأثري دراسة ميدانية في واحة العلا؛ لتفسير المواقع الأثرية بالمحافظة، ومحاولة معرفة أسباب اختيار الحضارات القديمة لها، وفهم تصور مجتمعاتها عن السماء.
وقالت مديرة المسوحات الأثرية بالهيئة الملكية لمحافظة العلا الدكتورة منيرة المشوح، إن المشروع يمثل نقطة البداية للشراكات العلمية المنهجية لدراسة مدينة الحجر الأثرية وكذلك دادان من منظور علم الفلك الأثري.
وأضافت أنه سيتم تحليل واجهات المقابر، والنقوش التي تشير إلى تواريخ يمكن عن طريقها دراسة التقويم القديم، والأنماط الزخرفية للمقابر ودلالات رموزها، ومقارنة ذلك مع المواقع النبطية الأخرى.
وأشار الدكتور خوان أنطونيو بيلمونتي من "معهد الفيزياء الفلكية" في إسبانيا إلى وجود علاقة وثيقة بين الأرض والسماء، وفقاً للانطباعات الأولى من عينة البيانات المأخوذة من مئة مقبرة نبطية ذات واجهات ضخمة.
من جانبه أوضح الدكتور سيزار غونزاليس من "معهد علوم التراث الإسباني"، أن الواجهات الحجرية في مدينة الحجر، بما في ذلك جبل إثلب، توفر انعكاسا جاذبا للمناظر الطبيعية في أماكن كانت تستخدم للطقوس الدينية والمخصصة للآلهة النبطية الرئيسية.
وسيجري الباحثون خلال الأشهر المقبلة دراسات تحليلية وإحصائية للبيانات للكشف عن العلاقة القائمة بين الممالك العربية الشمالية القديمة والكون.
وتعكس بعض الدراسات التاريخية عن ترابط وثيق بين الأفلاك والنجوم في حضارة الأنباط، وهو ما تجسّد عبر المنحوتات التي تعلو مقابر بناها الأنباط في مواقع تواجدهم وارتبطت بتفاصيل عن الزمن، ومن ذلك فترات الزراعة.
يذكر أن "هيئة العلا" وقعت اتفاقية مطلع مارس الماضي لإطلاق مرصد "منارة العلا" للاكتشافات العلمية والأبحاث المبتكرة، الذي يستهدف أن تكون العلا وجهة عالمية رائدة في علوم الفضاء ومراقبة النجوم التي تلعب دوراً كبيراً في تحويل المحافظة إلى أكبر متحف مفتوح في العالم، وكذلك دعم تطوير الاقتصاد المعرفي الذي من شأنه تمكين أهالي المحافظة وجذب الاستثمارات العالمية.