رفع مجموعة من المهندسين السعوديين عريضة للملك عبد الله بن عبد العزيز ضمنوها مجموعة من المطالب التي قالوا عنها "إن أبعادها ستعود على الوطن بالنفع والفائدة العظيمة".
وشملت المطالب التي رفعها "المهندسون" إقرار الكادر الهندسي، ومنح حوافز مادية ومعنوية للمهندسين، بالإضافة إلى عدم حرمان المهندس الموظف من العمل كاستشاري.
وشكا المهندسون في عريضتهم من كثرة تجاهل المسئولين لهم والاستهانة بمطالبهم كونهم "المسئولين" غير مدركين بأهمية مهنة المهندس التي كانت ولا تزال الأكثر التصاقا بنشأة الإنسان وتطوره "كما قالوا". نص عريضة المهندسين
بسم الله الرحمن الرحيم
خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز حفظه الله
نتقدّم نحن أبناؤك المخلصون من مهندسي هذا البلد المعطاء بهذه العريضة والتي يحدونا بها التفاؤل اللامحدود بأن مطالبنا ستلقى لديكم عظيم الاهتمام وكريم التجاوب فيما عهدناه من مقامكم الكريم تجاه أبناء وبنات هذا البلد الغالي.
خادم الحرمين.. يعاني أبناؤكم المهندسون كثيراً من تجاهل المسؤولين لهم والاستهانة بمطالبهم غير مدركين بأهمية هذه المهنة العظيمة بشتّى تخصصاتها والتي كانت ولا تزال الأكثر التصاقاً بنشأة الإنسان وتطوره عبر السنين والعصور وهي المقياس الحقيقي لحضارات الدول والأمم عبر أجيالها المتعاقبة ولنا في الحضارات القائمة حالياً والتي لا تزال شاهدةً لأصحابها عظيم المثل والاعتبار.
إننا هنا نطالب بأمورٍ ليس من شأنها أن تعود على هذه المهنة بالنفع والتطوير فحسب بل إن أبعاد هذه المطالب ونتائجها ستعود على الوطن ككل بالفائدة العظيمة والحصائل المثمرة سعياً منّا في المشاركة بما هو مناطٌ بنا من أمانة تجاه ما نؤمن به من رسالة نؤديها لديننا ووطنا ومجتمعنا راجين من الله أن يسدّد خطانا وخطاكم لما فيه صلاح البلاد والعباد.
أولاً: إقرار الكادر الهندسي:
مما لا شك فيه أن سرعة إقرار الكادر الهندسي سيغيّر الوجه الحالي لمُخرجات هذه المهنة وسيدفع بعجلة النماء والتطوير لأقصى ما يمكن رجاؤه فهذه المهنة تعتمد اعتماداً كلياً على البحث والتطوير ومواكبة آخر ما توصّل إليه العلم كلٌ في مجاله كما أنه ليس من الصحيح أن تعامل هذه المهنة كغيرها من المهن والمؤهلات الإدارية حيث أن استثمار الطاقات والكفاءات الفنية لا يتأتّى إلاّ بتوفير كادر مستقل ومدروس يتناسب مع طبيعة هذه المهنة وتفاصيل مُخرجاتها.
إن تأخير إقرار هذا الكادر له سلبيّاتٌ جسيمة قد يكون من الملاحظ منها وأبرزها:
- سوء الإشراف على المشاريع الحكومية وتعثّر كثيرٍ منها لاعتبارات عدة من بينها عدم اختلاف عائد المهنة في المردود والمعاملة عن أي مهنة أخرى وكذلك في تصنيفها الرسمي بمراتب غيرها من المهن التابعة لوزارة الخدمة المدنية وبالتالي قد يشغل وظائف الإشراف الهندسي من ليس بأهلٍ للمهنة ولا يخفى ما يمكن توقعه من نتائج ذلك.
- انسحاب عدد كبير من الكفاءات الهندسية المميزة من القطاع العام إلى القطاع الخاص (الشركات أو المكاتب الخاصة) مما أفقد الكثير من الجهات الخدمية العامة هذه الكوادر الهامة في رفع مستوى الأداء بها ممّا أوجد فراغاً واضحاً في عدد من القطاعات الهامة.
- إن إدراج هذه المهنة تحت نظام وزارة الخدمة المدنية وانعدام وجود الكادر الهندسي خلق مشكلة كبيرة ولا زالت بعدم الموازنة بين الاحتياج وسد هذا الاحتياج للوظائف الهندسية فالجهات على الواقع تحتاج لمهندسين وبأعداد كبيرة ولكن انعدام الكادر يجعل من هذه الوظائف وظائف عادية لا تعدو أن تكون مرتبة شاغرة أو ليست شاغرة مما اضطر الكثير من هذه الجهات إلى استحداث أنظمة عقودٍ مستقلة تندرج تحت الميزانية العامة لها لسد هذه الثغرة الجسيمة في محاولةٍ خجولة لتأمين هذا النقص.
- فقدان الثقة والمكانة الحقيقية من المهندس لمهنته وعدم تلائم المردود والعائد المادي مع طبيعة وآلية العمل كما أن انعدام الكادر لا يعزز روح المنافسة بين زملاء المهنة بتحقيق واكتساب نقاط تساهم في ارتفاع مقياس كفاءة العمل وسرعة الإنجاز وانعدام روح الابتكار والإبداع وخلق أجواء من التنافس الصحي الذي يعود بالفائدة للفرد والمؤسسة والوطن والمواطن.
ثانياً: إقرار حوافز مادية ومعنوية للمهندسين:
إن الحوافز بوجهٍ عام هي التي ترسم للإفراد ملامح اتجاهاتهم وغاياتهم وتوجهاتهم في تحديد طبيعة العمل الذي يختارونه , وتحدد مدى قوة الاستجابة لديهم للجهد المبذول للوصول إلى هدف معين, كما تحدد مدى الاستمرارية في إتباع أسلوب وسلوك معين, وكل ذلك يقصد به تحقيق أفضل تكيف ممكن مع بيئة العمل.
وتعد الحوافز مقوماً أساسياً في البلاد المتقدمة, وركيزة رئيسية لوجود الإبداع وتنميته, فالمحور الجوهري لإبداع مؤسسةٍ ما يقوم على تبنيها لبيئة تنظيمية تعطي الاتجاهات الإبداعية شرعيتها وتبلورها من منهجين هما منهج فكري ومنهج عملي يقومان على قيم وممارسات وظيفية تغرس وتوصل الإبداع كهدف متجدد ومطلوب, ويكون ذلك من خلال حوافز مشجعة وأساليب ونظم بنّاءة تعمق إيمان العاملين بهذه المبادئ والتي من أبرزها:
- الرغبة في الإنجاز وإعطاء الأسبقية والأولوية دائما للعمل والأداء لتحقيق الأهداف المنشودة.
- الإحساس بالنجاح والتنافس لتحقيق الأفضل دائماً وجعل المهندس في سباقٍ دائم لنيل المأمول منه على مستوى الفرد والجماعة.
- إعطاء أسبقية متميزة لتنمية قدرات المهندسين وتحفيزهم لبلوغ أقصى درجات الأداء المتميز.
- تأصيل مفهوم الإنتاجية وتنمية قدرات المهندسين والتركيز على العمل المناط بهم وتنمية روح المحاسبة ورفض المغريات والمشاركة في النتائج.
بالإضافة إلى نتائج إيجابية كثيرة لا يتّسع المجال لذكرها.
أمثلة ومقترحات لتطبيق جانب الحوافز للمهندسين:
• تطبيق في الإشراف على المشاريع الحكومية
يُعطى المهندس 1% من قيمة المشروع أو المشاريع التي يشرف عليها من المقاول وتقنّن بحيث تصبح من ضمن تكاليف المقاول ولا تكون عبء على ميزانية الدولة وتمنح في حال كان سير المشروع كما ينبغي وحسب المواصفات الموضوعة والجدول الزمني المعد وبذلك يتحقق الهدف المرجو من المشروع ويصبح المهندس مع المقاول فريق متلائم همه إنجاز المشروع حسب المطلوب بعيداً عن أي ترصّد أو تجاوز من قبل الطرفين وكذلك لسد ذريعة المغريات التي قد تسيء للمنظومة ككل.
• تطبيق في المعاملات الإدارية – البلدية نموذج
يُعطى المهندس حافز على عدد معيّن من المعاملات المنجزة خلال الشهر وتدرج ضمن مستحقاته وكذلك يعطى المهندس المراقب مكافأة على عدد محدد من المخالفات التي يكتشفها في الشهر أيضاً وكذلك لمهندسي رخص البناء والرخص المهنية … الخ , وبالتالي فإن ذلك سيحقق نتائج كبيرة جداً من شأنها أن تسهم في إظهار الوجه الحقيقي للمهنة وسوف يكون ذلك ملموساً على أرض الواقع ويرتفع الحس الرقابي لدرجة لم تكن معهودة من قبل وللحوافز والمكافآت العديد من الإيجابيات في العمل ومن أهمها:
1. حرص المهندسين العاملين على التواجد الدائم في مواقع العمل لتحقيق أكبر قدر من الحوافز والعوائد المادية أو المعنوية.
2. عدم ترصّد البعض للمواطن أو المستثمر و ابتزازه لا قدّر الله للحصول على دخل إضافي غير مشروع وإيجاد بدائل مشروعة تحقق جميع الأهداف المرجوّة حيث ستحقق سرعة الإنجاز للمراجع ودخل إضافي مسوّغ للمهندس.
3. خلق روح التنافس بين الكوادر العاملة وتوفير تربة خصبة تساهم في نماء الحس المهني والثقة المفقودة في جوانب وأبعاد المهنة أخلاقياً وفنياً.
ثالثاً: عدم حرمان المهندس الموظف من العمل كاستشاري:
إن السماح للمهندس الموظف بالقطاع العام بممارسة مهنته كاستشاري لدى جهةٍ ما أو بتأسيس مكتبه الاستشاري الخاص شريطة أن لا يكون بينه وبين جهة عمله أي صلة فإن ذلك لا يتعارض مع نجاحه في العمل بل على العكس سيزيد من اطلاعه ويثري مكتسباته النظرية والميدانية مما سيحقق المزيد من الكفاءة في العمل الحكومي أسوةً بنظرائه من الاستشاريين بالمهن الأخرى كالصحية مثلاً وما تفوّقت الدول المتقدمة إلا بالاستفادة الحقيقية من الكوادر البشرية المميزة على الصعيدين الخاص والعام.
خادم الحرمين..
إننا هنا حين نتقدّم لكم بما طالبنا به لم يكن نصب أعيننا ما سنحققه على المستوى الشخصي لكلٍّ منّا فحسب بل كان هدفنا أشمل وأبعد من ذلك بكثير وماهو إلا حسٌ وطنيٌ نابع من حرصنا على مقدّرات هذه الدولة والنهوض بها إلى مصاف الدول المتقدمة في مجالنا الذي نستطيع أن نخدم فيه ولو تأملتم بارك الله فيكم مايحدث اليوم من تأخير في إنجاز بعض المشاريع وسوء تنفيذ بعضها الآخر لوجدتم أن لغياب المهندس القدير بالغ الأثر في ذلك وما كارثة جدة إلا شاهدٌ على ذلك وهناك الكثير من المشاريع التي نراها يومياً وهي تستلم من الجهات المشرفة دون أن تستكمل فيها حتى أقل درجات الأمان, كما يجب أن ننوّه ونشير إلى أن الكثير من القطاعات الهندسية يعمل بها من لا يحمل مؤهلاً هندسيّاً ناهيك عن من يترأس قطاعٍ هندسيٍ كامل بمؤهلٍ تربوي أو صحي!
خادم الحرمين .. أعيدوا لهذه المهنة هيبتها وأعيدوا الكفاءات المميزة إلى مواقعهم التي تلائمهم في القطاع العام والهام ولكم منّا بالغ العرفان.
ونحن إذ نخاطبكم بهذه الشفافية لنؤكّد لكم أننا عاقدون العزم على أن نبذل قصارى جهودنا كواجبٍ يحتّمه علينا ضميرنا الحي تجاه هذا الوطن الذي نشأنا به واستقينا من خيراته.
لكم منّا خالص الدعاء وعظيم الامتنان على إحساسكم بمعاناتنا وتفهمكم حرصنا على بلادنا …
والله يحفظكم ويرعاكم
مقدّمه
المهندسون السعوديون