وافق العاهل الأردني، الملك عبدالله الثاني، على تشكيلة الحكومة الجديدة التي يرأسها فايز الطراونة، الذي حمل أيضاً حقيبة وزير الدفاع، وبحسب بيان رسمي أردني، فقد أدى رئيس الوزراء والوزراء اليمين الدستورية أمام الملك، وتعهد بمكافحة الفساد والعمل على قانون انتخاب يعبر عن مطالب الشعب، وأشار إلى وجود خلل في موارد الدولة المالية.
وغابت الشخصيات السياسية عن الحكومة الجديدة، وغلب عليها طابع أصحاب الاختصاص من قانونيين وفقهاء دستور ووزارت فنية.
وذهبت حقيبة المالية لسليمان الحافظ، بينما احتفظ ناصر جودة بوزارة الخارجية، وحمل غالب الزعبي حقيبة الداخلية، وعاطف التل وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، وخليفة خالد السليمان وزارة العدل، وضمن الحكومة المؤلفة من 30 وزيراً امرأة واحدة فقط هي ناديا محمد هاشم، التي احتلت منصب وزير دولة لشؤون المرأة.
وذكر البيان الأردني أن الطراونة رفع إلى الملك رسالة رداً على كتاب تكليفه شكره فيها على اختياره إياه لـ"تشكيل حكومة انتقالية" تنفذ رؤية الملك "للإصلاح،" وقال إن "روح الجندية والالتزام بأداء الواجب" التي تعلمها في "مدرسة الهاشميين" تفرض على كل أردني أن يكون "في أعلى درجات الانضباط في حمل أمانة المسؤولية."
وتعهد الطراونة بأن تكون حكومته "حكومة انجاز.. تستكمل العمل مع المؤسسات الدستورية الأخرى وعلى رأسها السلطة التشريعية لانجاز التشريعات الإصلاحية وفي مقدمتها قوانين الأحزاب والانتخاب والمحكمة الدستورية وأي تشريعات أخرى تتطلبها عملية الإصلاح."
كما وعد بالعمل على قانون انتخابي "يعبر عن توجهات ومطالب كل الأردنيين وقواهم الاجتماعية والسياسية وبما يضمن أوسع تمثيل في مجلس النواب القادم،" وتعهد بـ"حماية حق التعبير" و"تطوير الإعلام بالتعاون مع الجسم الإعلامي ومؤسسات المجتمع المدني المعنية،" وأشار إلى عزمه مواصلة مكافحة الفساد "تقديم من يثبت بحقه أي تطاول على القانون والمال العام إلى القضاء."
وأقر الطراونة بوجود ظروف اقتصادية صعبة بسبب الأوضاع الإقليمية والدولية نتج عنها "خلل واضح على موارد الدولة من ناحية، وعلى مسار تدفق الاستثمارات العربية والأجنبية من ناحية أخرى،" ولفت إلى أن حكومته ستتبنى سياسات وبرامج إصلاح اقتصادية وتنموية، مع "إجراءات لترشيد الإنفاق الحكومي وضبطه والعمل على تعزيز الإيرادات المحلية، وإعادة النظر في قانون ضريبة الدخل وتطبيق القاعدة الدستورية القاضية بالضريبة التصاعدية."
وتنحصر مهمة حكومة الطراونة بإنجاز حزمة من القوانين الإصلاحية تمهيدا لإجراء انتخابات نيابية مبكرة، بعد استقالة مفاجئة قدمتها حكومة القاضي الدولي عون الخصاونة الخميس الماضي.
وجاء تكليف العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني ، للطراونة بتشكيل الحكومة ، في اليوم الذي قدم فيه الخصاونة استقالته خلال تواجده على هامش زيارة إلى تركيا في السادس والعشرين من نيسان.
وكانت الاستقالة قد أثارت عاصفة من الجدل لتجاوزها التقاليد المعروفة في استقالة الحكومة من الخارج، بحسب مراقبين.
وتعتبر حكومة الطراونة هي الحكومة الرابعة في البلاد منذ انطلاق شرارة الحراك السياسي الشعبي المطالب بالإصلاح، في السابع من يناير/كانون ثاني عام 2011، والثالثة عشر في عهد الملك عبدالله الثاني. ووصف مراقبون تشكيلة الحكومة الجديدة ، بأنها تقليدية تضم شخصيات من الحرس القديم والمحافظين.
وتولى حقيبة وزارة الداخلية التي تعتبر من الحقائب السياسية الوزير والجنرال السابق المتقاعد غالب الزعبي ، الذي تولى حقيبة وزيارة الشؤون البرلمانية ووزير دولة في عهد حكومة نادر الذهبي، فيما احتفظ بحقيبة وزارة الخارجية ناصر جودة وهو الوزير في موقعه منذ عام 2008 .
وعاد الوزير الأسبق الناطق باسم الانتخابات البرلمانية لعام 2010 سميح المعايطة لتولي موقع وزير الدولة لشؤون الإعلام والاتصال الناطق الرسمي باسم الحكومة .
وشهدت الأيام القليلة الماضية جدل سياسي متواصل ، حول دور ومهمة حكومة الطراونة، التي وصفها خلال تصريحات لوسائل الإعلام ، إنها حكومة "تصريف أعمال انتقالية."
ووجه العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني، نقدا غير مسبوق إلى رئيس الحكومة المستقيل في رسالة ملكية ، قال فيها إن سمة "التباطؤ والمراوحة ظلت هي السائدة على الأداء طيلة الشهور الماضية."
واعتبر العاهل الأردني أن "ما تحقق حتى الآن (على الصعيد الإصلاحي) هو أقل مما يجب وأقل مما كنا نأمل،" فيما أكد أن إجراء الانتخابات النيابية لا بد أن يتم قبل نهاية العام الجاري.
وفي مقدمة حزمة القوانين المتوقع إنجازها من قبل الحكومة الجديدة، مشروع قانون الانتخاب المطروح للنقاش في مجلس الأمة، إضافة إلى قوانين المحكمة الدستورية والأحزاب السياسية واستكمال إجراءات تعيين أعضاء الهيئة المستقلة للإشراف على الانتخابات.
من جهته اعتبر الناشط في الجبهة الوطنية للإصلاح المعارضة الدكتور لبيب قمحاوي، أن تكليف الطراونة رئيسا للحكومة لا يعكس توجهات حقيقة للإصلاح السياسي، قائلا إن الطراونة يحمل توجهات "معادية للإصلاح."
وقال القمحاوي لـCNN بالعربية، إن الطراونة "هو من الحرس القديم للملك حسين وقد كان أحد الشخصيات الذي تبنى حملة ضد إجراء تعديلات دستورية،" وأشار إلى أن الصيف الحالي سيكون صيفا "ساخنا للأردنيين" وأن مطالبات الإصلاح سترتفع وتيرتها.
وتولى الطراونة رئاسة الحكومة في الأعوام 1998 و 1999، حيث شهد عهده وفاة الملك الحسين بن طلال وانتقال السلطة للملك عبد الله الثاني بن الحسين.