يثير ازدياد نسبة المسنين في السعودية مخاوف لدى المختصين والمسؤولين خاصة مع تغير نمط الأسرة السعودية وتقلص حجمها وانشغال الأبناء في معارك الحياة عن رعاية والديهم أو الاعتماد على العمالة المنزلية لتقديم الرعاية لهم.
كما تشكل الأمراض المزمنة والنفسية هاجسا مقلقا لوزارة الصحة وعبئا ثقيلا لما تتطلبه من فترات عناية طويلة وأدوية غالية الثمن.
وتتوقع الإحصاءات الرسمية أن يفوق تعداد المسنين مليوني نسمة بحلول العام 2019
لذا ينادي المختصون بنشر ثقافة التخطيط لمرحلة الشيخوخة أو مابعد التقاعد والاهتمام مبكرا بالصحة وممارسة الرياضة وهذا ماتفتقده كثيرا ثقافة المجتمع السعودي في ظل ضعف الخدمات أو المفهوم الخاطئ لمرحلة الشيخوخة بأنها مرحلة نهاية الاستعداد والاستثمار.
من جهته يرى أستاذ الخدمة الاجتماعية المساعد د.عبدالعزيز الدخيل أن الشباب الذين يشكلون 60% من تركيبة المجتمع السعودي حتما ستشيخ وبالتالي ستزيد أعداد المسنين لذا يتطلب من الأفراد والجماعات والمؤسسات الاستعداد لهذه المرحلة وقال لـ"العربية.نت" إن المسنين هم طاقة يمكن استثمارها في نقل ثقافة المجتمع، والاستفادة من خبراتهم السابقة المهنية والوظيفية والثقافية, كما يمكن الاستفادة من المسنين في القيام بأعمال تطوعية تعود عليهم وعلى المجتمع بالفائدة.
وينتشر مفهوم في المجتمعات أن الإنسان إذا بلغ مرحلة الشيخوخة عند العمر الستين عاما وبلغ سن التقاعد فإنه وصل الى مرحلة قلة النشاط والإنتاج, وهذا اعتقاد خاطئ تصححه "منسقة برنامج رعاية المسنين في الإدارة العامة للمراكز الصحية" د.ميسون العمودي بقولها "إن عطاء المسن وإنتاجه يستمر حتى مرحلة متأخرة من الحياة تصل 85 سنة وأكثر وذلك بتجنب الإعاقات الجسدية أو العقلية واتباع نمط حياة صحي يتميز بالنشاط الحركي والرياضة وبالتغذية الصحية المتوازنة وبعدم التدخين".
وفي هذا الصدد ينادي الدخيل بفتح أندية للمسنين نصف يومية (نهارية)، تشتمل على أنشطة وبرامج اجتماعية وثقافية وترفيهية ورياضية تناسب المسنين وتلبي احتياجاتهم.
وقال "دور الرعاية الخاصة بالمسنين لاتفي بالغرض ولا تلبي احتياجات المسنين".
ويبلغ عدد دور الرعاية للمسنين 10 موزعة على مناطق المملكة حسب ماجاء في موقع وزارة الشؤون الاجتماعية.
65% يعانون
فيما توصي الدراسات العلمية الحديثة بإنشاء مركز وطني لرعاية المسنين بالمملكة تحت إشراف وزارة الشؤون الاجتماعية، فضلاً عن توفير الكوادر الوطنية المؤهلة في مجال رعاية المسنين.
وكشفت دراسة علمية حديثة أخرى عن أن 65%من المسنين المقيمين مع أسرهم أو في دور الرعاية، يعانون الأمرين من انخفاض مستوى الخدمات الصحية، إلى جانب تأخر الضمان الاجتماعي، وعدم وجود خدمات أو امتيازات خاصة بهم، فيما يرى 48% من ذوي المسنين عدم وجود خدمات تقدم لكبار السن.
في المقابل قالت د.ميسون "إن وزارة الصحة قد بدأت هذا العام تطبيق برنامج رعاية المسنين المبني على الاستراتيجية الوطنية لصحة المسنين لمدة خمس سنوات 2010-2015م.
وقد تم تطبيق المرحلة الأولى هذا العام في مراكز الرعاية الصحية الأولية بعد إتمام مرحلة الاعداد لتطبيق البرنامج في العام الماضي".
وأضافت أن الهدف العام للبرنامج هو المحافظة على صحة المسنين وتحسين نوعية حياتهم عن طريق تقديم خدمات صحية شاملة ومتكاملة ومستمرة وميسرة وذات جودة عالية لهم بمراكز الرعاية الصحية الأولية بالتعاون مع الجهات الحكومية وغير الحكومية ذات العلاقة والمهتمة بصحة المسنين.
زواج المسن
غير أن بعض الأسر السعودية تتجه لتزويج المسن بعد فقد زوجته وذلك لتحقيق عدة أمور منها تعويضه عن هذا الفقد، وتزويجه بمن يؤنس وحدته، ومن يقوم على رعايته خصوصا في ظل انشغال أفراد الأسرة وضعف البرامج والخدمات المقدمة للمسنين.
وذكر د. الدخيل إلى أن الدراسات أشارات إلى أن احتمالية وفاة بعض كبار السن بعد سنوات قليلة من وفاة شريك الحياة. وقال "إذا صح ذلك، فقد يرجع ذلك للأثر النفسي الذي يؤثر بالتالي بالجانب الصحي للمسن نتيجة فقدان شريك الحياة، وقد يرجع لضعف الاهتمام والرعاية الذي يمكن يتلقاها المسن بعد فقده لمن يرعاه نفسيا وجسديا وروحيا".
وترى د.ميسون أن رعاية المسنين في المجتمع قد تتأثر بما يمر به المجتمع من تغيرات أهمها انخفاض نسبة الأسر الممتدة والتي تشمل الأجداد وصغر حجم الأسرة ليقتصر على الأبناء والوالدين.