أكد وزير المالية محمد الجدعان أن حكومة المملكة مستمرة في تطوير القطاعات العامة لتعزيز الاقتصاد المحلي، مشيرا إلى أنها تستهدف في ميزانية عام 2024م التوسع في الإنفاق الإستراتيجي على المشاريع التنموية.
وأوضح خلال مؤتمر صحافي له بعد إعلان ميزانية المملكة 2024، أن الاقتصاد السعودي يمر بمرحلة متميزة جدا ومتوازنة، تشهد عليها المؤشرات والأرقام وتحقيق مستهدفات رؤية المملكة 2030 خاصة في الاقتصاد غير النفطي.
استحداث أكثر من مليون وظيفة في 2023
ولفت إلى أن المملكة ثاني دولة في الحصول على تصنيفات دولية هذا العام، وأن الاقتصاد شهد استحداث أكثر من مليون وظيفة في 2023.
وبين أن الناتج المحلي حقق نمواً متميزًا منذ إطلاق رؤية السعودية 2030 في عام 2016، مفيداً أنه كان عند إعلان الرؤية 2.5 تريليون ريال كناتج محلي إجمالي، وبلغ اليوم 2023 أكثر من 4.1 تريليونات ريال، بنمو بلغ 65%، مشيداً بقرار حكومة المملكة بخفض إنتاج النفط الذي أدى إلى نمو الناتج المحلي الإجمالي كنسبة لعام 2023 الذي بلغ 0.03%، مفيداً أن متوسط النمو المتوقع للأنشطة غير النفطية على المدى المتوسط قرابة 6%.
ولفت إلى أن ميزانية العام المقبل تركز على زيادة الناتج غير النفطي، مشيرا إلى أن توقعات نمو النتاج المحلي 6% حتى 2030، والحكومة مستمرة في تطوير القطاعات العامة لتعزيز الاقتصاد المحلي.
وأفاد الجدعان أن سبب ارتفاع الإنفاق العسكري على مدى السنوات الخمس الماضية، جاء نتيجة العمل على تحديث برنامج القطاعات العسكرية وإستراتيجيات القطاعات العسكرية، وتم وضع خطة عشرية للقطاعات العسكرية تعتمدُ على تحديث المنظومات لمواكبة التطورات التي تحدث في العالم والتحديات الجيوسياسية في المنطقة حول العالم، مبيناً أنه تم رصد ميزانيات لمدة عشر سنوات للقطاع العسكري، تهدف إلى استمرار النمو الاقتصادي واستقرار الأمن، مؤكداً أن المملكة دولةُ سلام وتدعو إليه.
الحكومة أجرت مراجعة شاملة للإستراتيجيات الاقتصادية
وبشأن التعديلات الضريبية، قال الجدعان إنه حينما يحين الوقت سيتم الإعلان عن أي تعديلات في السياسات الضريبية بما فيها ضريبة القيمة المضافة.
وأبان أن العجز بسبب الإنفاق على المشاريع نسبته غير مقلقة، وأن الحكومة أجرت مراجعة شاملة للإستراتيجيات الاقتصادية، موضحا أن التضخم حالة عالمية والمملكة ليست بمعزل عن العالم.
وتحدث عن تدخلات الحكومة التي تمكنت من السيطرة على نسبة التضخم، لافتا إلى وجود توقعات بتراجعها، مشيرا إلى أن العام المالي الحالي سينتهي بإنفاق رأس مالي يتجاوز الـ200 مليار ريال.
وبشأن فوز المملكة بإكسبو 2030 وتأثيره على الانفاق أكد أن رؤية المملكة تزامنت مع مجموعة من المشاريع خاصة في البنية التحتية، من ضمنها على سبيل المثال الاستعداد لاستقبال 150 مليون سائح بحلول 2030، مشددا إلى أن الدولة التي تستطيع استقبال هذا العدد ستستضيف ضيوف إكسبو دون زيادة تكاليف، مؤكدا أن مشروع القدية فقط يستقبل 5 إكسبو، ما يؤكد قوة البنية التحتية بالمملكة وقدرتها على استضافة الأحداث العالمية.
ورفع الجدعان شكره وتقديره لخادم الحرمين الشريفين وولي العهد، على ما يوليانه من رعاية وتوجيهات سديدة لتحقيق الغايات المنشودة وتعظيم العوائد والمكاسب الاقتصادية والاجتماعية والبيئية، واستغلال الموارد الاقتصادية مما ينعكس على تقدم المملكة في كافة المجالات.
التوسع في الإنفاق الإستراتيجي على المشاريع التنموية وفق الإستراتيجيات الوطنية المعتمدة
وأكد أن مسيرة التحول الاقتصادي التي تتبناها حكومة المملكة مستمرة، وأن ما تحقق من نتائج إيجابية حتى الآن يؤكد نجاح الإصلاحات الاقتصادية والمالية الهادفة إلى تعزيز النمو الاقتصادي الشامل، وتطوير إدارة المالية العامة، مع التركيز على الارتقاء بجودة الخدمات المقدمة للمواطنين والمقيمين والزائرين.
وأوضح الجدعان أن الحكومة تستهدف في ميزانية عام 2024م التوسع في الإنفاق الإستراتيجي على المشاريع التنموية وفق الإستراتيجيات الوطنية المعتمدة، المتوائمة مع مستهدفات رؤية السعودية 2030 والتوجهات الوطنية، مؤكدا استمرارها في تنفيذ البرامج والمشاريع ذات العائد الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، إضافة إلى دعم التنوع الاقتصادي وتمكين القطاع الخاص بتحسين وتطوير بيئة الأعمال؛ لرفع جاذبيتها، وتعزيز معدلات النمو الاقتصادي.
وفي حديثه عن تحديات الاقتصاد العالمي، أشار إلى أنه برغم استمرار حالة عدم اليقين، إلا أن تراجع معدلات التضخم العالمية بوتيرة أسرع من المتوقع يُعَدّ من أبرز العوامل الإيجابية التي قد تحسِّن من أداء الاقتصاد العالمي؛ مما يحفز أسواق الاستثمار ويحافظ على معدلات البطالة عند مستويات منخفضة، وينعكس إيجابًا على اقتصاد المملكة.
الحكومة تهدف إلى الاستمرار في عمليات التمويل المحلية والدولية
ولتلبية الاحتياجات التمويلية؛ أوضح أن الحكومة تهدف إلى الاستمرار في عمليات التمويل المحلية والدولية بهدف تغطية العجز المتوقع في ميزانية عام 2024م وسداد أصل الدين المستحق خلال عام 2024م وعلى المدى المتوسط، واغتنام الفرص المتاحة حسب ظروف الأسواق المالية؛ لتنفيذ عمليات التمويل الحكومي البديل التي من شأنها تعزيز النمو الاقتصادي مثل تمويل المشاريع التنموية والبنية التحتية، متوقعا أن يبلــغ حجم الديـــن العـــام 1،103 مليــار ريــال (ما يعادل 25.9% مـــن الناتـــج المحلــي الإجمالي) فـــي عـــام 2024م مقارنــة بـ 1,024 مليــار ريـال (مـا يعـادل 24.8% مــن الناتــج المحلــي الإجمالي) للعام 2023م.
وشدد على أن نتائج الإصلاحات الاقتصادية والهيكلية التي تشهدها المملكة أسهمت في تحسين المؤشرات المالية والاقتصادية، ودفع مسيرة التنويع الاقتصادي والاستقرار المالي، موضحا أن التقديرات الأولية في عام 2023م تشير بوضوح إلى نمو الأنشطة غير النفطية بنسبة %4.9، لافتا إلى أن جهود الحكومة المتواصلة لتطوير سوق العمل ساهمت في توطين الوظائف النوعية وتوفير الوظائف المستدامة، حيث بلغ إجمالي الوظائف التي أضافها القطاع الخاص في الاقتصاد السعودي بنهاية الربع الثالث من عام 2023م حوالي 1.122 مليون وظيفة، مما انعكس على انخفاض معدلات البطالة بين المواطنين إلى 8.3%.
أكثر من 2.3 مليون مواطن ومواطنة يعملون في القطاع الخاص
وأضاف أن هذا الانخفاض تزامن مع النمو المستمر والمتسارع الذي شهده القطاع الخاص منذ انطلاق رؤية السعودية 2030 التي تهدف إلى توفير البيئة المحفزة والممكنة له عبر العديد من الخطط الإستراتيجية والمبادرات الداعمة، والتي ساهمت في دعم القطاع والمنشآت الصغيرة والمتوسطة وخلق فرص جديدة للمواطنين، ومكّنت سوق العمل من استيعاب المزيد من الكوادر البشرية السعودية، مبينا أن أكثر من 2.3 مليون مواطن ومواطنة يعملون في القطاع، وهو الرقم الأعلى تاريخياً، كما بلغ معدل مشاركة المرأة في سوق العمل 5.3 متجاوزًا مستهدف الرؤية في عام 2030م.
وأشاد بالدور المحوري للمواطن السعودي في التنمية الاقتصادية الشاملة والمستدامة، مؤكدا أنه الركيزة الأساسية وأثمن ما تملكه البلاد علاوةً على دوره المباشر والملموس في تحقيق الإنجازات والمضي قدماً في مختلف المجالات والقطاعات الواعدة، موضحا أن الحكومة تواصل جهودها في المراجعة الدورية لبرامج منظومة الدعم والإعانات الاجتماعية وتحسينها، بما يكفل الوصول للفئات المستهدفة، إضافة إلى مواصلة جهودها في رفع مستوى جودة الخدمات، والمرافق الحكومية وتطوير البنية التحتية في مختلف مناطق المملكة، مما يسهم في رفع مستوى جودة الحياة فيها.
وأشار الجدعان إلى أن نجاح الحكومة في التصدي للمخاطر الناجمة عن التغيرات الجيوسياسية والحد من آثارها الاقتصادية والاجتماعية يثبت قوة ومتانة اقتصاد المملكة، مؤكدا دورها الريادي في استقرار أسواق الطاقة وسعيها للإسهام في تعزيز نمو واستقرار الاقتصاد المحلي والعالمي.