توقّع صندوق النقد الدولي، في تقريره السنوي، بلوغ معدل نمو القطاع غير النفطي في المملكة الذي يشمل الأنشطة الحكومية 3.5% في المدى المتوسط، كما ثبّت توقعاته لنمو الاقتصاد السعودي للعام المقبل عند 4.7%، مبدياً تأييده لاتجاه الحكومة بإعادة تحديد أولويات الإنفاق الاستثماري.
تزايد قوة الطلب المحلي وتسارع معدلات تنفيذ المشروعات
وعزا الصندوق توقعاته إلى تزايد قوة الطلب المحلي مع تسارع معدلات تنفيذ المشروعات، حسبما جاء في بيان للصندوق بختام بعثة مشاورات المادة الرابعة لعام 2024 مع المملكة الصادر اليوم (الأربعاء).
وأكد التقرير أن إعادة معايرة الإنفاق الاستثماري في المملكة؛ ساعد في الحد من مخاطر فورة النشاط الاقتصادي، مقترحاً الإعلان عن التأثير المباشر لذلك على أهداف رؤية 2030؛ للمساعدة في إبراز أولويات الحكومة ودعم توقعات المستثمرين.
وأوصى بالإلغاء التدريجي للدعم المتبقي على الوقود، مع تنفيذ برامج اجتماعية تستهدف الفئات المستحقة، واحتواء فاتورة الأجور في السعودية، مشيراً إلى أنه في حالة استمرار تسارع وتيرة نمو الائتمان؛ ستكون هناك حاجة لتشديد إطار السلامة الاحترازية الكلية للقطاع المصرفي.
ونوّه الصندوق بتباطؤ معدل التضخم على أساس سنوي إلى 1.6% في مايو 2024، رغم ارتفاع الإيجارات بمعدل 10% تقريباً في ظل تدفقات العمالة الوافدة وخطط إعادة التطوير الكبيرة في الرياض وجدة، مشيداً بقوة القطاع المصرفي وقدرة البنوك المحلية على مواجهة أي صدمات.
وأشاد التقرير بسياسات الاقتصاد الكلي والحِراك المُتسارع في المملكة، مما أسهم في تعزيز نمو الأنشطة غير النفطية، وزيادة معدلات التوظيف حتى تجاوزت أرقام ما قبل جائحة كورونا، بالإضافة إلى ارتفاع نسبة مشاركة المرأة في سوق العمل إلى أكثر من 35%؛ متجاوزةً مستهدف رؤية السعودية 2030 الواقع عند 30%.
ورحّب الصندوق بإجراءات التخطيط المالي طويل المدى بالمملكة، التي ساهمت في دعم تنفيذ مبادرات ومشاريع وبرامج رؤية السعودية 2030، مع تخفيف مخاطر فورة النشاط الاقتصادي، مؤكداً أن الحيّز المالي بالمملكة متين، وأن مخاطر الديون السيادية منخفضة، وأشار أيضاً إلى أن وفرة الاحتياطيات المالية في المملكة حدّت من آثار التحديات الإقليمية والعالمية.
وأكّد التقرير أن الإصلاحات المستمرة بالمملكة، ومنها ضمان التطبيق الفعّال للأنظمة، وتقنين الرسوم، وتعزيز رأس المال البشري، ورفع نسبة مشاركة المرأة السعودية في سوق العمل، وتسهيل الوصول إلى التمويل، وتحسين الحوكمة؛ أسهمت في تعزيز نمو القطاع الخاص، وجذب المزيد من الاستثمار الأجنبي المباشر، إلى جانب التقدم الكبير في مجال التحول الرقمي والذكاء الاصطناعي الذي يدعم هذه الجهود.
وأثنى المجلس التنفيذي للصندوق على دور المملكة القيادي في العمل الدولي متعدد الأطراف، ومن ذلك رئاستها للجنة الدولية للشؤون النقدية والمالية التابعة لصندوق النقد الدولي، ومساهماتها في مواجهة التحديات العالمية.
ونوّهـ الصندوق بزيادة نشاط قطاع الخدمات، بما في ذلك النقل والتجارة والسياحة والتمويل، بدعم من النمو القوي لحجم الاستهلاك الذي بلغت نسبته 5.7%.
وأشار إلى تحقيق طلبات تراخيص الاستثمار الأجنبي مستويات قياسية، إذ بلغت حوالي الضعف في العام 2023م مقارنة بالعام 2022م، بما في ذلك تقديم 330 شركة على طلبات الحصول على تراخيص لإنشاء مقارها الإقليمية في المملكة.
واستعرض التقرير تطورات القطاع المصرفي بالمملكة، مؤكداً تميزه بنسب قوية من الملاءة والسيولة، وتمتعه بالمرونة أمام الصدمات، لافتاً إلى أنه يستند على أساس قوي، كما أشار إلى كفاءة الوساطة المصرفية وفقاً لمؤشرات الربحية والبنية التحتية والقدرة التنافسية.
ارتفاع مؤشر السوق المالية السعودية "تداول" بنسبة 14.2% في العام 2023م
كما أشار التقرير بارتفاع مؤشر السوق المالية السعودية "تداول" بنسبة 14.2% في العام 2023م، متجاوزاً بذلك مؤشر "مورجان ستانلي" للأسواق الناشئة البالغ 7%، والتقدم في البيئة التقنية الممكنة للاستثمار، والترخيص لثلاثة بنوك رقمية، مؤكداً مساهمة ذلك في تعزيز الشمول المالي والتنافسية؛ إذ تتسم تلك البنوك بالمرونة والابتكار.
ونوّهـ التقرير بالإدارة الفعّالة التي اتبعتها المملكة في التعامل مع المخاطر الناجمة عن النمو السريع للإقراض العقاري، من خلال الدعم الحكومي المتنوع، ومتانة البنوك، والرهن العقاري الكامل، وغيرها من الإجراءات المساعدة، كما سلّط الضوء على التحسينات في أتمتة مصفوفة التقييم الوطني لمخاطر غسل الأموال وتمويل الإرهاب، وتعزيز دقة تحليل البيانات المتعلقة بالمخاطر الواردة من الجهات المبلغة؛ بما في ذلك شركات التقنية المالية.
وأوضح أن ارتفاع الإيرادات غير النفطية يعكس مدى فاعلية الإصلاحات القائمة التي أسهمت بشكل مباشر في تعزيز الامتثال، مشيداً بمواكبة الإجراءات الجمركية لأفضل الممارسات الدولية.
وأكّد الصندوق أن المملكة لديها أحد أدنى مستويات الكثافة لانبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون مقارنة بجميع المنتجين الرئيسيين للطاقة، نظراً للإصلاحات المستمرة في المجال البيئي وسعي المملكة لتحقيق الحياد الصفري في العام 2060م، مشيداً بنجاح المملكة في تأمين اتفاقية شراء مدتها 30 عاماً لمشروع الهيدروجين الأخضر في نيوم؛ تحقيقاً لسعيها باستغلال مصادر الطاقة المتجددة.
ونوّهـ الصندوق بعزم حكومة المملكة على بناء أحد أكبر مصانع احتجاز الكربون وتخزينه في العالم، والذي سيعمل على احتجاز ما يقارب 44 مليون طن من الكربون سنوياً بحلول العام 2035م، وسيتم تشغيله بحلول العام 2027م بسعة 9 ملايين طن سنوياً من ثاني أكسيد الكربون، مشيداً بجهود المملكة الحالية باحتجاز 1.3 مليون طن سنوياً من الكربون من خلال مصنع سابك ومعمل غاز العثمانية.