تحظى رياضة الفروسية في المملكة عموماً ومنطقة تبوك خصوصاً بإقبال كبير من قبل هواة ركوب الخيل وفرسانها، حيث يعد الخيل جزءًا من الثقافة الأصيلة، ويكاد يتفق الجميع على حب هذا الكائن النبيل بصفاته والجميل بشكله، لدرجة دفعت بالعديد من النساء كحال غالب الرجال لممارسة رياضة ركوب الخيل وانطلقنَ منها إلى عالم الاحتراف والفروسية.
وتروي الفارسة أروى الطالبي قصة البدايات التي قادتها لأول مرة لعالم الخيل قائلة: "لقد بدأت علاقتي مع الخيل قبل 5 سنوات، حينما قرأت عن الفلسفة النفسية في الفروسية، التي دفعت بي لتعلم ركوب الخيل، فرياضة الفروسية ليست مجرد تأسيس جسدي بل علاقة روحية وعقلية برياضة هي من أقدم الرياضات التي عرفتها البشرية، ومنها انطلقت إلى عالم الخيل - بفضل الله - أولاً ثم بفضل ما توليه القيادة الحكيمة - أيدها الله - بالفروسية وشأنها، وتمكين المرأة لممارسة مختلف الرياضات، حيث انتقلت اليوم من الهواية إلى الاحتراف في رياضة قفز الحواجز والركوب الحر، إلى جانب التدريبات التي نتلقاها في الوقت الحالي لتعلم رياضة التقاط الأوتاد، التي تُعتبر المحك الرئيس لاختبار قدرات الفارس، نظراً لعلاقتها الوثيقة بعالم الحروب قديماً.
وأوصت "الطالبي" قريناتها من النساء بالإقبال على رياضة الفروسية التي تُمكّن الإنسان من تحويل مهاراته الذهنية إلى أفعال ناجحة، وبالتالي الاستفادة من ذلك لن تقف عند حاجز الصحة البدنية فحسب بل ستتجاوزه إلى الصحة النفسية والعقلية.
وأما الفارسة عهود المجذوب فترى أن علاقتها مع الخيل نابعة من فخرها بهويتها العربية، وقصة عشق أزلية لازمتها منذ الطفولة، حيث كانت تحلم بأن تكون فارسة، إلى أن تمكنت فعلياً من دخول هذا العالم الجميل، وبعد فترة من التدريب استطاعت أن تكون فارسة ليس في الركوب الحر فحسب، بل في رياضة قفز الحواجز التي تتطلب من الفارس أن يتعامل مع سلسلة من العوائق، بدءاً من الارتفاعات العمودية البسيطة وحتى الحواجز المهيبة والمسارات الفنية التي تضعه على طريق الإبداع الرياضي المتفرد والمميز.
وفي السياق ذاته قالت الفارستان رغد محمود وهبة الفارس إن أحلام الطفولة قد كانت بسبب عدم وجود الأندية -آنذاك- مجرد آمال، لكن كتبت رؤية 2030 عهداً جديداً للرياضة النسائية، فمكنت المرأة من ممارسة مختلف الرياضات ومنها وأهمها " الفروسية"، فتعلمن ركوب الخيل واحتراف مختلف الرياضات فيها، لاسيما قفز الحواجز ورياضة الركوب الحر، مشيرتين إلى أن وجود مثل هذه الرياضات وافتتاح الأندية التي تهتم بها وتشجع عليها، سيلبي شغف الكثير من نظيراتهن الفتيات سواء على مستوى رياضة الفروسية وغيرها من الرياضات الأخرى.
وحول الإقبال النسائي بمنطقة تبوك على رياضة الفروسية، أكد لـ" واس" مالك أحد مرابط الخيول بمنطقة تبوك ناصر الناصر أن هناك إقبالاً متزايداً على هذه الرياضة طيلة فترات السنة من كل أطياف المجتمع لاسيما النساء، ما حدا به لافتتاح مضمار خاص بهن بمواصفات عالية، يهتم برياضة قفز الحواجز على وجه التحديد، ويعمل فيه مدربات متخصصات، مشيراً إلى أن رياضة الفروسية تُعد رغم قدمها بالنسبة للمنطقة، من الرياضات الحديثة التي وجدت طريقها إلى الشباب والفتيات، واسترعت اهتمامهم، فرياضة الفروسية من الرياضات التي ترمز للشجاعة والفخر والجمال والقوة والبطولة والأصالة، وتعزز ثقة محبي هذه الرياضة بأنفسهم وتساعدهم على تعلم الصبر والتحمل، فضلاً عن فوائد ممارسة الفروسية الصحية سواء على المستوى النفسي أو الجسدي.
يُذكر أن منطقة تبوك تحتضن هذه الأيام الدورة التدريبية التأسيسية لرياضة التقاط الأوتاد التمهيدية، التي ينظمها الاتحاد السعودي للفروسية، بمشاركة ما يزيد على 27 فارساً وفارسة من مختلف الأعمار، وتستمر لمدة 15 يوماً بإسطبل الثنيانة بمدينة تبوك.
وتأتي "الدورة" من أجل نشر هذه الرياضة في أوساط المجتمع والتشجيع على ممارستها من قبل هواة ركوب الخيل وفرسانها، وصقل مهارات الفرسان والفارسات في المملكة وتطوير مهاراتهم في رياضات الفروسية، حيث تتضمن جزءاً نظرياً يهدف إلى إطلاع المشاركين على أبرز اللوائح والقوانين لرياضة التقاط الأوتاد، والجزء الآخر تدريبي وعملي يتمثل في التدريب على أساليب ومهارات استخدام سلاح الرمح وسلاح السيف بمختلف المسابقات المعتمدة، حيث سيُمْنَح مجتازو الدورة شهادات معتمدة من الاتحاد السعودي للفروسية بالتعاون مع معهد إعداد القادة.