قال إمام وخطيب المسجد النبوي فضيلة الشيخ الدكتور حسين آل الشيخ في خطبة الجمعة: إن الكثير من مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي يقحمون أنفسهم فيما لا يعلمون فيتحدثون بغير تخصص في كل مجال، سياسي أو طبي أو اجتماعي أو تعبير للرؤى، فيخدعون الأغرار، ويقصد الكثير منهم أكل أموال الناس بالباطل مما ينالهم جراء المتابعين.
آل الشيخ: الواجب على المسلمين مقاطعة مثل أولئك وعدم الانجرار إليهم
وحذر خطيب المسجد النبوي، المسلمين من الشائعات، والأراجيف وتتابع المعلومات ولو كثر ناقلوها، وعظم شائعوها، إنما الميزان الأدق المعرفة الكاملة عن صدق الأخبار وصحتها، ومدى تحقق المصلحة الخاصة والعامة من تناقلها ونشرها وتداولها، مع وجوب مراعاة عدم وجود المفسدة من نشرها وإذاعتها، قال تعالى: (يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ ٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَكُونُواْ مَعَ ٱلصَّٰدِقِينَ )، وقال جل وعلا: (وَإِذَا جَآءَهُم أَمر مِّنَ ٱلأَمنِ أَوِ ٱلخَوفِ أَذَاعُواْ بِهِ وَلَو رَدُّوهُ إِلَى ٱلرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الأَمرِ مِنهُم لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَستَنبِطُونَهُ مِنهُم وَلَولَا فَضلُ اللَّهِ عَلَيكُم وَرَحمَتُهُ لَاتَّبَعتُمُ ٱلشَّيطَٰنَ إِلَّا قَلِيلا ).
وتابع، أنه في عالم اليوم تلاطمت من كل جانب الأخبار والمعلومات إلى أسماع الناس وأبصارهم وعقولهم، وتدفقت عليهم سيول من الأطروحات في شتى المجالات، فإن المسلم في أشدّ الضرورة إلى المرتكزات التي يضبط بها جوارحه، ويجنبها أسباب الانحرافات والزلل، من منطلق وقطعيات الشريعة ومقاصد وأصول الدين يقول جل وعلا: ( وَلَا تَقفُ مَا لَيسَ لَكَ بِهِ عِلمٌ إِنَّ ٱلسَّمعَ وَٱلبَصَرَ وَٱلفُؤَادَ كُلُّ أُولَٰٓئِكَ كَانَ عَنهُ مَسـُٔوولا) ، هذه الآية الكريمة، وما ماثلها من النصوص الشرعية، تقرر أصلاً قطعياً، يضمن السلامة للمجتمع، ويحقق أسباب النجاة، وسُبلَ السعادة بكل معانيها، إنه أصل منهج المسؤولية الكاملة أمام الله جل وعلا على كل مسلم عما استعمل فيه سمعه وبصره وفؤاده، من خير أو شر.
وبيّن أن هذا الأصل يفرض على المسلم التزام قِيَم الصدق والحق والعدل في شؤونه كلها، وتصرفاته جميعها، ليكون قائلاً بالحق فاعلاً له، مجانباً كل باطل وزور وكذب وافتراء، مشيراً إلى أن هذا الأصل يربي المسلم على قاعدةٍ في الحياة، وهي الالتزام بالتحري والتثبت، والاحتياط والتروي والتدبر والتبيّن، فلا يقبل كل خبر بمجرد سماعه، ولا يكون متبعاً كل متحدث وقائل بما ليس عنده من دليل بصحته ولا برهان بصدقه، كما هو وللأسف واقع في عالم التواصل عند كثير من العالم اليوم، بل الإسلام يربي أتباعه على مرتكزات شرعية، وأصول دينية، تجعله ذا ميزان، يتحرى عن كل معلومة تصل إليه، وتطرح تحت مسامعه ومسامع غيره.
وأضاف، أن الواجب على المسلمين مقاطعة مثل أولئك وعدم الانجرار إليهم فمثل هذه المواقع تجر شرا كبيرا وضررا عظيما على دين الناس، قال تعالى: (يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ خُذُواْ حِذرَكُم)، ومما ابتلي به اليوم عبر وسائل التواصل تجنيد جنود مجندة لاتباع خطوات الشيطان تدعمهم منظمات وتحتويهم مؤسسات ينشرون الإلحاد بين المسلمين ويبثون الشبهات يشككون المسلمين في ثوابت دينهم ومحكمات شرعهم ومسلمات مصادرهم والمرتكزات التي تبنى عليها أحكام دينهم فإياك أيها المسلم أن تكثر سوادهم أو أن تستمع إليهم أو أن تكون سببا من حيث لا تشعر في نشر سمومهم، وكن على حذر من مناقشتهم ومجادلتهم؛ لأنه مكابرون وللحق معاندون وللباطل مريدون، فمثل أولئك لا تجوز مناظرتهم كما بيّنه أهل العلم في أحكام المناظرة والجدل.