رحبت المملكة وإندونيسيا بالتوقيع على اتفاقية إنشاء مجلس التنسيق الأعلى السعودي الإندونيسي، وعبّر البلدان عن تطلعهما إلى تعميق وتوسيع الشراكة في كافة المجالات بما يخدم مصالحهما المشتركة.
واستعرض الجانبان - في بيان مشترك في ختام زيارة الرئيس الإندونيسي جوكو ويدودو - أبرز تحديات الاقتصاد العالمي ودور المملكة وإندونيسيا في مواجهتها ونوّها بالمصالح المشتركة واسعة النطاق في كثير من الجوانب الاقتصادية المهمة في البلدين.
أشاد الجانبان بنمو التجارة البينية بنسبة 43% في 2022
وأشاد الجانبان بنمو التجارة البينية عام 2022م بمعدل 43% مقارنة بالعام 2021م، لتكون المملكة الشريك التجاري الأكبر لإندونيسيا بالمنطقة، إضافة على التأكيد باستمرار العمل المشترك لتعزيز وتنويع التجارة بينهما، وتذليل أي تحديات تواجه العلاقات التجارية، وتكثيف التواصل بين القطاع الخاص بالبلدين، واستطلعا إمكانية بحث اتفاقية للتجارة الحرة والاستثمار.
ونوّه الجانب الإندونيسي بدور المملكة الريادي في تعزيز موثوقية أسواق البترول العالمية واستقرارها، فيما أكد الجانبان ضرورة ضمان أمن الإمدادات لجميع مصادر الطاقة في الأسواق العالمية.
وتناول البيان أهمية تعزيز التعاون في مجالات توريد البترول الخام، والمنتجات المكررة، والبتروكيماويات، والمغذيات الزراعية، والتعاون الثنائي لتحديد وتقييم الفرص المحتملة في الاستخدامات المبتكرة للمواد الهيدروكربونية.
وتطلعت المملكة وإندونيسيا لتعزيز التعاون في مجالات الطاقة المتجددة، بما فيها الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، والطاقة الجوفية والحرارية، وتطوير مشروعاتها وتقنياتها، ودراسة الفرص الاستثمارية.
وتطرقا إلى رغبتهما في تعظيم الاستفادة من المحتوى المحلي بمشاريع قطاعات الطاقة، والتعاون على تحفيز الابتكار، وتطبيق التقنيات الناشئة بما فيها الذكاء الاصطناعي في قطاع الطاقة وتطوير البيئة الحاضنة لها.
واتفقا على أهمية تعزيز التعاون في تطوير سلاسل الإمداد لقطاعات الطاقة واستدامتها، وتمكين التعاون بين الشركات لتعظيم الاستفادة من الموارد المحلية بالبلدين، لتحقيق مرونة إمدادات الطاقة وفعاليتها.
اتفاق على تعزيز التعاون في مجالات الطاقة والمناخ والاستثمار والصناعة
وخلصا إلى بحث سبل التعاون حول سياسات المناخ الدولية، والتركيز على الانبعاثات دون المصادر، بتطبيق نهج الاقتصاد الدائري للكربون، ومبادرة "الشرق الأوسط الأخضر، والسعي لإنشاء مجمع إقليمي لاستخلاص الكربون واستخدامه وتخزينه، لمعالجة الانبعاثات الكربونية بطريقة مستدامة اقتصادياً، وبما يتماشى مع الظروف الوطنية لكل دولة.
كما رأى الجانبان تعزيز التعاون في مجال كفاءة الطاقة وترشيد استهلاكها ورفع الوعي بأهميتها، وتبادل الخبرات في قطاع خدمات الطاقة وتنمية القدرات في هذا المجال.
وعبرا عن تطلعهما لبحث سبل تعزيز التعاون بصناعة المواد الغذائية، ومواد البناء وتقنياتها، والسيارات، والأدوية، والاستثمار في صناعة وإنتاج البطاريات، والاستفادة من خبرات الجانب الإندونيسي في تقنيات الثورة الصناعية الرابعة، وعزما على تعزيز الاستثمارات المشتركة بينهما بقطاع التعدين والصناعات التعدينية.
ورحبا بالتوسع في دخول القطاع الخاص في البلدين في شراكات استثمارية في المجالات الزراعية والصناعات الغذائية، واتفقا على أهمية استمرار التعاون بينهما في مجالات البيئة والمياه والزراعة والأمن الغذائي، معبرين عن رغبتهما في تعزيز التعاون والشراكة في المجالات المتعلقة بالاتصالات، والتقنية، والاقتصاد الرقمي، والابتكار، والفضاء، ومؤكدين على أهمية تعزيز التعاون في مجالات النقل والخدمات اللوجستية، بما يحقق المصالح المشتركة للبلدين.
وفي الجانب الدفاعي، اتفق الجانبان على أهمية تعزيز وتطوير التعاون الدفاعي بين البلدين بما يحقق المصالح المشتركة والأمن والاستقرار في المنطقة والعالم، وعلى رغبتهما في تعزيز التعاون الأمني القائم والتنسيق بالموضوعات ذات الاهتمام المشترك، بما فيها مكافحة الجرائم بجميع أشكالها، والإرهاب وتمويله، وتبادل المعلومات والخبرات والتدريب لتحقيق الأمن والاستقرار في البلدين الشقيقين.
وأكدا عزمهما على تعزيز التعاون الدولي الثنائي لمكافحة جرائم الفساد العابرة للحدود بجميع أشكالها، لا سيما في تحقيقات قضايا الفساد، وملاحقة مرتكبيها، واسترداد العائدات المتأتية من جرائم الفساد، بالاستفادة من شبكة "غلوب إي" التي أنشئت في إطار مبادرة الرياض لتعزيز التعاون الدولي بين سلطات إنفاذ قوانين مكافحة الفساد.
تنمية الحركة السياحية واستكشاف ما تزخر به كل بلد من مقومات سياحية
وتطلع الجانبان لتعزيز التعاون في المجال السياحي، والسياحة المستدامة، وتنمية الحركة السياحية بينهما واستكشاف ما يزخر به كل بلد من مقومات سياحية، وتبادل الخبرات، بما يعود بالنفع على القطاع السياحي وتنميته، والتأكيد على أهمية تعزيز التعاون في مختلف المجالات الثقافية، وتشجيع فرص التعاون في مجالي الرياضة والشباب بين البلدين.
كما أبديا الرغبة لتعزيز التعاون العلمي والتعليمي ورفع مستوى التعاون في التعليم العالي والبحث والابتكار، وتشجيع الجامعات والمؤسسات العلمية في البلدين على دعم العلاقات المباشرة بينها.
وفي العمل الإعلامي المشترك أكدا على أهمية تنسيقه لإبراز عمق العلاقات التاريخية بين البلدين، والتعاون في تنظيم الإعلام المرئي والمسموع وآليات التعامل مع المحتوى المخالف للقيم الإسلامية، وتطوير التعاون الإعلامي القائم في الإذاعة والتلفزيون، بالتبادل البرامجي والإخباري، وإقامة الدورات التدريبية وورش العمل، والتنسيق للمواكبة الإعلامية لأبرز المناسبات والفعاليات التي يستضيفها البلدان، وتبادل الزيارات بين وسائل الإعلام فيهما.
وفي المجال الصحي عبرا عن تطلعهما لتعزيز التعاون والتنسيق لدعم المبادرات العالمية لمواجهة الجوائح والمخاطر والتحديات الصحية الحالية والمستقبلية، والتعاون عبر المنظمات الدولية لتطوير اللقاحات والأدوية وأدوات التشخيص، والتنسيق حيال الجهود العالمية لمقاومة مضادات الميكروبات.
من جانبه رحب الجانب الإندونيسي باستضافة المملكة للمؤتمر الوزاري الرابع حول مقاومة مضادات الميكروبات المقرر انعقاده في نوفمبر 2024م.
وأكدت المملكة وإندونيسيا أهمية تعزيز التعاون لدعم إنجاح مبادرة "إطار العمل المشترك لمعالجة الديون بما يتجاوز نطاق مبادرة تعليق مدفوعات خدمة الدين" التي صادق عليها قادة دول مجموعة العشرين في قمة المجموعة برئاسة المملكة 2020م، وتعزيز التنسيق بينهما في المحافل الدولية مثل مجموعة العشرين، والمنظمات المالية الدولية كصندوق النقد والبنك الدوليين، والبنك الآسيوي للاستثمار في البنية التحتية وغيرها، بما يعزز الجهود الرامية إلى معالجة التحديات التي يواجهها الاقتصاد العالمي.
وفي الشأن الدولي، جدد الجانبان عزمهما على مواصلة التنسيق وتكثيف الجهود الرامية إلى صون السلم والأمن الدوليين، وتبادلا وجهات النظر حول القضايا التي تهم البلدين إقليمياً ودولياً، عازمين على تعزيز التعاون والتنسيق المشترك ومواصلة دعمهما لكل ما من شأنه إرساء السلام والاستقرار بالمنطقة والعالم.
شددت المملكة وإندونيسيا على أهمية التزام إيران بسلمية برنامجها النووي
كما جدد الجانبان إدانتهما واستنكارهما للإساءات المتعمدة للقرآن الكريم، مشددين على أهمية تضافر الجهود في سبيل نشر قيم الحوار والتسامح والتعايش السلمي، ونبذ الكراهية والتطرف والإقصاء، ومنع الإساءة للأديان والمقدسات.
وفي الشأن اليمني، أكدا أهمية الدعم الكامل للجهود الأممية والإقليمية للتوصل إلى حل سياسي شامل للأزمة، وأشاد الجانب الإندونيسي بجهود المملكة ومبادراتها العديدة الرامية إلى تشجيع الحوار بين الأطراف اليمنية، ودورها في تقديم وتسهيل وصول المساعدات الإنسانية، وتقديم الدعم الاقتصادي والمشاريع التنموية لليمن، ودعمهما الكامل لمجلس القيادة الرئاسي في الجمهورية اليمنية.
وثمن الجانبان الجهود الأممية في تعزيز الالتزام بالهدنة، وأكدا على أهمية انخراط الحوثيين بإيجابية مع الجهود الدولية والأممية الرامية إلى إنهاء الأزمة اليمنية والتعاطي بجدية مع مبادرات وجهود السلام.
ورحب الجانب الإندونيسي باتفاق المملكة وإيران على استئناف العلاقات الدبلوماسية معرباً عن أمله في أن تسهم هذه الخطوة في تعزيز الأمن والاستقرار بالمنطقة، وبما يحفظ سيادة الدول وعدم التدخل في شؤونها الداخلية.
وشددت المملكة وإندونيسيا على أهمية التزام إيران بسلمية برنامجها النووي، والتعاون الكامل مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وأهمية أن يسهم أي اتفاق في التأسيس لمفاوضات شاملة تشارك فيها دول المنطقة، وتتناول مصادر تهديد الأمن والسلم الإقليمي والدولي.
وأعرب الجانبان عن بالغ قلقهما حيال الكارثة الإنسانية في غزة، وشددا على ضرورة وقف العمليات العسكرية في الأراضي الفلسطينية، وحماية المدنيين، وأكدا على أهمية الدور الذي يجب أن يضطلع به المجتمع الدولي في الضغط على الجانب الإسرائيلي لإيقاف الهجمات الإسرائيلية والتهجير القسري للفلسطينيين من قطاع غزة الذي يُعَدّ انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي الإنساني والقوانين الدولية.
وشدد الجانبان على ضرورة السماح بتمكين المنظمات الدولية الإنسانية للقيام بدورها في تقديم المساعدات الإنسانية والإغاثية إلى الشعب الفلسطيني بما فيه منظمات الأمم المتحدة، خاصة وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا" ودعم جهودها في ذلك، وعلى ضرورة إنهاء السبب الحقيقي للنزاع المتمثل في الاحتلال الإسرائيلي، وأهمية تكثيف الجهود للوصول إلى تسوية شاملة وعادلة للنزاع الفلسطيني الإسرائيلي وفقاً لمبدأ حل الدولتين، ومبادرة السلام العربية، وقرارات الشرعية الدولية ذات الصلة، بما يكفل للشعب الفلسطيني حقه في إقامة دولته المستقلة على حدود 1967م وعاصمتها القدس الشرقية.
وفي الشأن الأفغاني، أكدا على أهمية استمرار التنسيق بين أعضاء المجتمع الدولي بما يحقق السلام والاستقرار في أفغانستان، وعدم السماح باستخدامها كمنصّة أو ملاذ آمِن للجماعات الإرهابية والمتطرفة، وعلى توفير متطلبات التنمية الأساسية للشعب الأفغاني، بما في ذلك التعليم للبنين والبنات، ودعم الجهود الدولية المبذولة للحدّ من تدهور الوضع الإنساني في أفغانستان، وإيصال المساعدات الإنسانية لشعبها.