تحتفي المملكة اليوم (الخميس)، بذكرى يوم تأسيس الدولة، على يد الإمام محمد بن سعود وتتجسّد في هذه المناسبة الوطنية معاني الاعتزاز بالجذور الراسخة والعمق التاريخي لهذه الدولة المباركة، وارتباط مواطنيها الوثيق بقادتها منذ تأسيس الدولة السعودية الأولى وعاصمتها الدرعية، وتطبيق الأسرة السعودية للجانب الأمني، الذي انعكس أثره على المجتمع السعودي، بعد قرون من التشتت والفرقة وعدم الاستقرار.
إرث تاريخي كبير أسسه الإمام محمد بن سعود
ويفتخر أبناء المملكة بهذا الإرث التاريخي الكبير الذي أسسه الإمام محمد بن سعود في دولة عظيمة رسمت سجلاً حافلاً لأحداث الحياة الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والثقافية التي عاشها أبناء الجزيرة العربية آنذاك تحت حكم الدولة السعودية الأولى، مروراً بحكم الإمام تركي بن عبدالله بن محمد بن سعود مؤسس الدولة السعودية الثانية، وصولاً إلى توحيد المملكة على يد موحدها الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن الفيصل، إلى ما وصلت إليه اليوم من نهضة داخلية ومكانة متميزة عربياً وإقليمياً وعالمياً، ومن بعده أبناؤه الملوك حتى العهد الزاهر للملك سلمان بن عبدالعزيز.
وتشهد مدن المملكة العديد من الفعاليات الثقافية والفنية التي تحلق في سماء الإبداع والحب والولاء مجسدة عمق هذا التاريخ الكبير الذي خلفه لنا قادة هذه البلاد المباركة ورجالاتهم حتى الوقت الحاضر، في لوحات معبرة عن فصول من الزمن مرت بها هذه البلاد في أوقات الرخاء والشدة، وظلت خلالها راسخة أبيّة محافظة على هويتها العربية الأصيلة مجددة مفهوم الوحدة الوطنية في جميع مراحل بناء الدولة السعودية الأولى فالثانية حتى الآن.
وتزامناً مع هذه المناسبة الوطنية، تنشر "أخبار24" أربعة أفلام وثائقية بدأت، بـ "بنو حنيفة.. إدارة السلطة في نجد، عشيرة المريدي..الانتقال من نجد.. العودة، من الدرعية حكاية المؤسس الأول، وتنتهي، بالدولة السعودية الأولى.. الإضافات الجديدة".
نشأة الدرعية ارتبطت ببدايات "بنو حنيفة"
ذكر الباحث في التاريخ السعودي الدكتور راشد بن عساكر، أن نشأة الدرعية ارتبطت ببدايات "بنو حنيفة" التي نزلت من الحجاز إلى نجد، واستقروا في وسط الجزيرة العربية قبل البعثة النبوية بـ200 عام، وعرف عنها أنها قبيلة عربية أصيلة من بني بكر بن وائل، التي عُرف عنها بالقبيلة المُتحضرة، وانتسبوا للوداي بسبب استقرارهم في بلاد العارض التي امتدت من الشمال "الحيسية" وصولاً بالجهات الجنوبية بـ"الخرج"، حيث كان لهم دور مهم منذ القدم؛ أي ما قبل عهد الرسول والجاهلية.
وتابع عميد كلية السياحة والآثار بجامعة الملك سعود الدكتور عبدالله المنيف، أنه ظهرت منهم زعامات مختلفة في المنطقة، امتدت من الشمال والوسط والجنوب، إلى أن وصلت للوادي" بنو حنيفة"، وكونوا العديد من المراكز الحضارية في نجد.
وذكر الأستاذ مساعد بشعبة التاريخ جامعة حائل خاتم الشمري، أنهم عملوا أول حصار لقريش "أهل مكة"، وضرب الصحابي الجليل "ثمامة بن أثال" أروع الأمثلة فيه، بعد ذلك انفلت عقد الأمن في الجزيرة العربية، بعد مقتل عثمان رضي الله عنه ودبت الفتن والحروب في البلاد.
وأكمل ابن عساكر حديثه، بعد عِلم الجميع بمُغادرة الخِلافة الراشدة لم يعد هناك حكم شامل داخل شبه الجزيرة إنما حكومات متفرقة هنا وهناك، وأصبح المقوم الأساسي في المعيشة السُكانية، هو بقاؤهم رافعين السيوف لحمايتهم، كما قال شاعرهم الأول والقديم:
وجدنا أبانا كان حل ببلدة سوى بين قيس قيس عيلان والفزر
فلما نأت عنا العشيرة كلها أقمنا وحالفنا السيوف على الدهر
ومضت طالبة الدكتوراه في التاريخ الحديث البندري الفغم قائلة، اشتعلت الحروب والمعارك والفتن فيما بينهم، وكان العامل الأهم والأكبر والمشترك الذي اتفق الجميع عليه، هو ضعف النواحي الأمنية في المنطقة.
وقال المنيف، إن المصادر النجدية ذكرت بعض المُدن كانت تُحكم من أربع زعامات، وكان هذا الفكر هو السائد في المنطقة النجدية على وجه التحديد، إلى قيام الدرعية، ودام هذا الحال قروناً عديدة حتى اضظر الكثير منهم إلى الهجرة.