تماماً كما تعبر الفنون عن تجارب ومشاعر البشر، صنعت الفنانة دنيا الشطيري عملاً فنياً استثنائياً؛ يروي حكاية المهاجرين اليمنيين، ورحلتهم الصعبة في البحث عن حياة أفضل.
الكاسيت جسد المشاعر الاجتماعية والثقافية للمهاجرين اليمنيين
ويستند هذا العمل الفني إلى الفكرة القائمة؛ على أن الطريقة الوحيدة للتواصل بين المهاجرين وأحبائهم في اليمن؛ كانت عن "طريق الكاسيت".
وتكشف الفنانة الشطيري لـ"أخبار24" خلال تواجُدها بمعرض "بين ثقافتين" الذي تحتضنه الرياض، ويعرض الثقافة السعودية واليمنية، عن سبب تفكيرها بذلك العمل، وذلك لأنها كانت تعيش تلك المعاناة نفسها؛ "تقصد الغربة"، وأنها كانت تنتظر كل يوم تسجيل واحد من الكاسيت لتصلها آخر أخبار الأحبّة.
وتصف حالها، بأنها كانت تذهب سريعاً لتشغيل "الكاسيت"، حتى تسمع صوت من يختبئون بداخله، إذ كان يقول لها جدها وقتها بصوته المرتعش الآتي من التسجيل "سلامي على قمر قد غاب عني"؛ ومن حينها والفنانة يلاحقها جدها كظل جسد غائب.
الفنانة استطاعت أن تعبر عن مشاعر المهاجرين بطريقة مؤثرة وملموسة
وتُعَدّ اليمن واحدة من الدول التي شهدت صراعات وأوضاعاً صعبة على مدى سنين طويلة، ما دفع العديد من الشباب إلى مغادرة البلاد بحثًا عن حياة أفضل وفرص عمل أكثر استقراراً، ومع انتشار الهواتف المحمولة ووسائل التواصل الاجتماعي اندثرت فكرة التواصل عَبْر "الكاسيت"، الذي كان يُعَدّ الوسيلة الرئيسية للتواصل مع أهلهم المتبقين في اليمن.
وبالعودة للفنانة الشطيري، ولعملها الفني، فقد قامت الفنانة بتجسيد تلك الروح والمشاعر الاجتماعية والثقافية للمهاجرين اليمنيين؛ من خلال استخدام تقنيات مختلفة لإيصال رسالتها، بما في ذلك الرسومات والتجسيم الفني؛ وتركزت أعمالها على تصوير لحظات الانفصال والحنين والأمل، التي يعيشها المهاجرون اليمنيون.
ومن خلال استخدام الأصوات الواقعية للمهاجرين والتفاصيل الدقيقة، استطاعت الفنانة أن تعبر عن مشاعر المهاجرين بطريقة مؤثرة وملموسة، إذ استخدمت أكثر من 850 قطعة من الكاسيت، كرمز للروابط العاطفية المتينة بين المهاجرين وأهلهم، وكيف أصبحت وسيلة تواصل قوية تمثل الحب والاهتمام والحنين.
وتسعى الفنانة من خلال عملها الفني، إلى إلقاء الضوء على تجربة المهاجرين اليمنيين وإبراز الصعوبات والتحديات التي يواجهونها في رحلتهم، كما تهدف إلى تعزيز التفاهم والتضامن بين الثقافات المختلفة وتشجيع الحوار العابر للحدود.