تعتزم هيئة حقوق الإنسان برفع جملة من المطالبات للجهات ذات العلاقة لإنصاف السجينات المفرج عنهن ومنحهن حقوقهن كاملة وعلى رأسها إدماجهن في المجتمع من خلال إيجاد تشريعات لمنحهن نسبا معينة للتوظيف في سوق العمل، ومسح السابقة من صحيفة المفرج عنها لمساعدتها على بدء حياة جديدة.

ونظمت الجمعية صباح أمس الملتقى الأول عن حقوق السجينات المفرج عنهن في الغرفة التجارية الصناعية في مدينة جدة قدمت فيها مجموعة من أوراق العمل من قبل المختصات.

وخلص الملتقى إلى اقتراح جملة من التوصيات لرفعها للجهات المسؤولة ومنها إيجاد جهة اجتماعية نفسية تتعامل مع السجينة قبل الخروج، وعدم إدخال المواطنة السعودية التي في طور التحقيق للسجن وتوفير مكان للتوقيف.

وطالب المشاركون في الملتقى وحدة الحماية والضيافة بتوفير مكتب داخل السجن حتى يتسنى لها المعالجة قبل الخروج، مشددين على ضرورة معالجة

وضع الأسرة

وأكد المجتمعون في توصياتهم على أهمية التوعية في الأسرة في حالات الاعتداء الجنسي على الفتاة والتعامل معها بشكل جديد حتى لا تغرق الفتاة في القضايا الأخلاقية مجددا.

ودعا المجتمعون لإصلاح اللائحة الداخلية للمؤسسات الإصلاحية مع الحزم في تطبيقها، إضافة لدعم وحدة الحماية والضيافة بكل ماتحتاج.

وأكد المجتمعون على أهمية مشاركة الشرطة في الإصلاحيات والحماية وحقوق الإنسان بتوفير شرطي متخصص في كل دائرة من هذه الدوائر.

وطالب المجتمعون بربط الأحوال المدنية بجميع الأجهزة الحكومية، كما طالبوا الضمان الاجتماعي بتوفير مكتب لهم في السجن لخدمة السجينات.

وأوصوا بأن ينظر للسجينة نظرة السجين وأن يصرف من الضمان الاجتماعي مبلغ لعائلة السجينة، كما طالبوا ببرامج مرئية ومسموعة لتحسين صورة المفرج عنها.

وطالبوا بمراعاة المجتمع للمرأة وطريقة أخذ السجينة عند القبض عليها من داخل منزلها ووسط أطفالها وإيجاد آلية معينة لأخذ المرأة، مشيرين إلى أن الإسلام راعى المرأة، داعين إلى الابتعاد عن وضع السلاسل في أيدي المرأة عند أخذها.

وحفل الملتقى بالعديد من الطروحات الإيجابية كما اشتمل على معرض لأعمال السجينات واستعرض معاناة إحدى السجينات المفرج عنهن في المجتمع.

وستضمن هيئة حقوق الإنسان ضمن توصياتها التي سترفع للجهات ذات العلاقة توصية بإيجاد تشريعات تلزم أصحاب العمل بتشغيل السجينات المفرج عنهن بعد انتهاء محكوميتهن ويكون لهن نسبة في سوق العمل.

وسيرفع مع التوصيات التأكيد على إطلاق سراح السجينة فور انتهاء محكوميتها وعدم التسويف في ذلك مع تسليمها متعلقاتها الشخصية، ومنحها فرصة للابتعاث للدراسة مع ضرورة توعية المجتمع بضرورة تقبلها حتى لاتعود للانحراف مجددا، وسوف يتم المطالبة بمسح السوابق من صفحة الفتاة السجينة بعد خروجها من السجن لتبدأ حياة جديدة من خلال اندماجها في المجتمع.

«الشرق» واجهت المختصين من المشاركين في الملتقى بجملة من الأسئلة حول مدى ضمان النظام لحقوق المرأة السجينة المفرج عنها وهل هي كافية أم تحتاج لإعادة النظر؟ وأين يكمن الخلل في نظرة المجتمع أم في التشريعات؟ وتساءلت عن سبب غياب الدراسات والأبحاث حيال السجينات بشكل عام والمفرج عنهن بشكل خاص.

تعديل الرؤوس

يؤكد عضو هيئة حقوق الإنسان أستاذ القانون في جامعة الملك عبدالعزيز الدكتور عمر الخولي لـ «الشرق» أن هناك حاجة لتعديل الرؤوس قبل النصوص في قضية السجينات المفرج عنهن خصوصا أن كثيرا من الأسر ترفض استقبال بناتها بعد خروجهن من السجن مما يجعلها تلجأ لصديقات السوء أو شباب السوء فتقع مرة أخرى في دروب الخطأ والعودة للسجن مجددا.

وأشار الخولي إلى ضرورة أن تساهم الأنظمة في احتواء الفتاة الخارجة من السجن واحتضانها من خلال إيجاد تشريعات تلزم أصحاب العمل بإيجاد نسبة معينة من الوظائف لهن.

وأبان الخولي وجود نصوص تحفظ حقوق السجينات لكنها منقوصة وبحاجة لإعادة نظر، مبينا أن بعض النصوص لاتُحترم.

ولفت الخولي إلى أن للسجينة حقوقا وللمفرج عنها حقوق، مؤكدا على ضرورة أن تأخذ حقوقها في كل مرحلة.

وأشار الخولي إلى أن بعض السجينات لايفرج عنهن حال انتهاء محكوميتهن وهذا يعتبر انتهاكا لحقوقها، موضحا أن من التوصيات التي سترفع التركيز على هذه الجزئيات.

وأرجع أستاذ القانون في جامعة الملك عبدالعزيز عدم وجود دراسات وأبحاث عن السجينات المفرج عنهن كونهن فئة مهمشة في المجتمع وهن الضحايا ولا يجدن العناية والمساعدة والمساندة على غرار مايحدث مع الرجال، مؤكدا أن عدم احتضان هذه الفئة يعيدهن مجددا للانحراف ودخول السجن.

وأوصى الخولي بضرورة الاهتمام بالقوانين غير المكتوبة التي تتطلب التوعية بضرورة أن يحتضن المجتمع الفتاة المخطئة ونفس الكلام ينطبق على المجتمع وسوق العمل، إضافة للتشريع في إصدار نظام المؤسسة الأهلية الذي نوقش في مجلس الشورى.

وأكد الخولي أنه سيتم المطالبة بمسح كل السوابق على الفتاة السجينة من صفحتها وإعطائها فرصة لتبدأ حياتها من جديد بدلا من أن تلحقها جنايتها أينما ذهبت وتلحق العار بها.

كفالة الحقوق

واختلفت مدير دار رعاية الفتيات حفصة تكروني مع رأي الخولي مشيرة إلى أن النظام كفل لهن الحقوق، لكنها في الوقت نفسه تتفق مع الخولي في أن التطبيق لما هو موجود من أنظمة مفقود على أرض الواقع.

وشددت على أن النظام كفل لها أن تعيش إنسانة سوية ولها هويتها، مشيرة إلى أن هذا غير مطبق ولابد من متابعته لتطبيقه.

ولفتت التكروني إلى أنه لا يوجد مراعاة من أسر السجينات للأسف.

وأضافت «إن الخلل يكمن في أن أفراد الأسرة لايدعون فرصة للنقاش حول الموضوع والسجينة في الدار تعرف مالها وماعليها ويكون التعامل متبادلا داخل السجن ولكن الأسرة تنبذها عندما تخرج».

وانتقدت التكروني دور وسائل الإعلام ووصفته بأنه مغيب، مشيرة إلى أن مايثار في الإعلام لايهم المرأة بشكل كبير مثل قيادة المرأة للسيارة وغيرها رغم أن القيادة ليست أكثر أهمية من حقوق السجينة المطلقة.

وأشارت مدير دار الرعاية إلى أن الفتاة أخطأت ونالت عقابها وتريد أن تعيش بشكل آمن وسليم، مضيفة «من أسباب العودة إلى الجريمة عدم تقبل الأهل للمفرج عنها وانعدام الثقة فيها وعدم ترك الفتاة تعمل أو تختلط بالآخرين وسحب الأوراق الثبوتية عن المفرج عنها مما يزيد عليها ويضطرها أحيانا للتزوير.

وأبانت التكروني أن انعدام المورد المالي يضطر بعض النساء لبيع أجسادهن أو سرقة زميلاتهن مما يدفعها مجددا لارتكاب الجرائم ودخول السجن.

وقالت «بعض الفتيات يرفضن الدخول في المدارس والجامعات وفي المقابل لا يتم تهيئة أسرة السجينة لاستقبالها مما يضاعف معاناتها».

ولفتت التكروني إلى أن مايدفع الفتاة للجريمة أحيانا عدم صلاح وليها بأن يكون مدمنا للمخدرات والمسكرات أو مجرما، إضافة لتزويج الفتيات من أي شخص دون السؤال عنه ومعرفة أخلاقه، مشددة على ضرورة حل الأسباب التي تؤدي بالفتاة لارتكاب الجناية ودخول السجن.

الأخطاء البسيطة

وقالت مديرة القسم النسائي بسجن بريمان فوزية عباس «يجب أن نقسم الأخطاء إلى قسمين: الأول «لاتحاسب عليه الفتاة إن كان من القضايا البسيطة ولاتودع بسببه في السجن وبالتالي تقل مشكلات السجينات المفرج عنهن.

وأشارت عباس إلى أن بعض القضايا يمكن أن تنتهي بتعهد واستدعاء ولي أمر الفتاة حتى لا تقع في الخطأ مرة أخرى لأن دخول الفتاة السجن من جديد يجعلها عرضة للانحراف.

وأبانت عباس أنه تم اقتراح إنشاء مكتب تأهيل يتبع مؤسسات المجتمع المدني يحوي مختصين في علم النفس والاجتماع بحيث يتم عمل تأهيل للفتاة وأسرتها قبل خروجها بثلاثة أشهر أو ستة أشهر حتى يصبح هناك توافق نفسي ويتسلمها الأهل بكل أريحية ولاينظرون لابنتهم على أنها سجينة ولا يمارسون الضغوط عليها مجددا لتعود للجريمة.

وأيدت توصية الخولي بأن يتم إيجاد تشريعات تضمن لها وظائف في سوق العمل لأن الحاجة المادية أحد أهم أسباب الانحراف.

ودعت وسائل الإعلام للقيام بدورها في التوعية على تغيير النظرة السوداوية تجاه السجينة المفرج عنها.
واتفقت مع رأي التكروني بأن تدرس أسباب انحراف الفتيات في الأصل لأن الوقاية خير من العلاج.

حقوق السجينة

وبينت مديرة المكتب النسوي في هيئة حقوق الإنسان جواهر النهاري أن الملتقى جاء لتحسين نظرة المجتمع تجاه السجينات المفرج عنهن، من خلال مشاركة الأجهزة الحكومية ذات العلاقة في هذا الملتقى من إدارة السجون مرورا بدار رعاية الفتيات ودار الحماية والضمان الاجتماعي ومكتب العمل بالإضافة لوسائل الإعلام لإيضاح الصورة حول حقوق السجينة ومراجعة حقوقها ومحاولة إحيائها من جديد بعيدا عن الإثارة.

ولفتت النهاري إلى أن التوصيات التي خرج بها الملتقى سترفع من قبل الهيئة للإمارة بشكل مدروس وعلمي بحيث تشمل حلولا معقولة يمكن تطبيقها على أرض الواقع حتى يمكن احتواء السجينة المفرج عنها ودعمها ورعايتها.

وأكدت النهاري أن هناك سلسلة أخرى من القضايا سيتم طرحها في المستقبل تخص المرأة وحقوقها.

وكان الملتقى الذي نظمته هيئة حقوق الإنسان أمس في جدة بدعم من المشرف العام للهيئة مازن بترجي وفكرة وتنفيذ جواهر النهاري هو الأول من نوعه على مستوى المملكة.