تبدو الكويت امام مفترق طرق فيما يتوجه الناخبون الى صناديق الاقتراع لاختيار برلمان جديد من دون امل كبير باعادة الاستقرار السياسي الى البلاد في ظل المواجهة الشرسة وغير المسبوقة بين الحكومة والمعارضة التي تقاطع الاستحقاق.

والانتخابات التي تنظم السبت هي الثانية هذه السنة والخامسة منذ منتصف 2006، وتأتي في سياق الازمات السياسية المتكررة التي تهز هذا البلد النفطي المهم منذ ست سنوات.

ولعل الاهم في هذه الانتخابات انها تمثل بالنسبة للحكومة والمعارضة اختبارا لشعبيتهما، وسيتجلى ذلك من خلال نسبة المشاركة.

وكان مواطنو دول الخليج ينظرون الى الكويت كبلد سباق في مجال الديموقراطية بفضل حياته البرلمانية الحيوية التي انطلقت منذ العام 1962 وبفضل هامش حرية التعبير الواسع نسبيا، الا ان هذه الصورة تلطخت بسبب الخلافات السياسية والمماحكات المتواصلة طوال السنوات الست الماضية.

وقال المرشح الشيعي للانتخابات عبدالواحد الخلفان لوكالة فرانس برس ان "الكويت تقف على مفترق طرق. نتائج السبت القادم سوف ترسم ملامح الاحداث السياسية في المستقبل".

واضاف "اذا كانت نسبة المشاركة في التصويت ضعيفة اي اقل من 35 او 40%، فان هذا سيقوي من شوكة المعارضة وسيدعم حراكها، واذا تجاوزت النسبة 50%، وهذا ما نحن متفائلون بتحقيقه، فان هذا سيعطي دفعة معنوية للمجلس القادم".

ولا يشارك اي مرشح عن المعارضة في الانتخابات التي تهدف الى اختيار الاعضاء الخمسين في مجلس الامة، وبالتالي، فان جميع اعضاء البرلمان يفترض ان يكونوا من الموالين للحكومة، الا ان خلفان يرى بأن شكلا جديدا من المعارضة سيتكون في البرلمان المقبل.

وكانت المعارضة حققت فوزا ساحقا في انتخابات شباط/فبراير 2012 وحصلت على 36 مقعدا من اصل 50. الا ان المحكمة الدستورية الغت هذا البرلمان في حزيران/يوينو.

ولم تشهد الكويت في الاسابيع الاخيرة حملات انتخابية حماسية وشاركت اعداد متواضعة في التجمعات التي نظمها المرشحون، على عكس الاجواء النارية في الدورات الماضية.

وتبدو المعارضة التي تضم اسلاميين وقبليين وقوميين وليبراليين واثقة بان المشاركة ستكون منخفضة ما سيضعف من حظوظ البرلمان المقبل بالاستمرار طويلا.

وقال النائب السابق المعارض محمد الدلال "نحن نتوقع مقاطعة بنسبة 70% ونعتقد بان حملة المقاطعة حققت نجاحا كبيرا".

واضاف لوكالة فرانس برس ""لدينا تفاؤل ان البرلمان القادم لن يعمر طويلا ... لانه مرفوض من قطاعات واسعة من الشعب الكويتي ولانه فاقد للشرعية الشعبية والدستورية".

وواجهت الحكومة حملة المقاطعة بحملة تدعو الناخبين للمشاركة عبر وسائل الاعلام الحكومية.

كما دعا امير البلاد الشيخ صباح الاحمد الصباح مواطنيه الى ممارسة حقهم بالاقتراع.

واحتدمت الازمة السياسية الحالية عندما اصدر امير البلاد تعديلا لنظام الانتخابات. وبموجب التعديل، بات الاقتراع محصورا بالتصويت لمرشح واحد بدلا من اربعة مرشحين.

وتعتبر المعارضة ان التعديل يهدف الى التأثير على نتائج الانتخابات والمجيء ببرلمان "مطيع".

وكانت المحكمة الدستورية اصدرت في حزيران/يونيو حكما غير مسبوق الغت بموجبه البرلمان المنتخب في شباط/فبراير 2012 واعادت برلمان 2009 ذات الغالبية المؤيدة للحكومة، الا ان الامير حل هذا البرلمان المعاد في نهاية الامر ودعا الى انتخابات جديدة وسط تأزم سياسي كبير، كما اصدر التعديل المثير للجدل على قانون الانتخاب.

وقال المحلل السياسي المستقل ناصر العبدلي ان "الصراع سيستمر وسيتخذ اشكالا واليات متعددة ... ولا يمكن استبعاد العنف".

واضاف "انه صراع بين الفوضى ودولة القانون ... الان نعيش في دولة الفوضى حيث المؤسسات العامة معطلة والتنمية متوقفة بالرغم من وجود فوائض مالية ضخمة وغير مسبوقة".

وسجلت الكويت العضو في منظمة الدول المصدرة للنفط فوائض تراكمية تجاوزت 250 مليار دولار على مدى السنوات المالية ال13 الماضية، وذلك بفضل اسعار الخام المرتفعة، كما باتت تملك اصولا خارجية تقدر ب400 مليار دولار.

وتوافق خلفان والعبدلي على ان المستقبل رهن باختيار حكومة اصلاحية تعيد البلاد الى سكة التنمية.

وقال الدلال انه بعد الانتخابات، ستطلق المعارضة حملة لمقاطعة البرلمان المقبل والحكومة والقوانين التي ستصدر عنهما.

واضاف "ان المعارضة مجمعة على استمرار الحراك السلمي المدني حتى سقوط البرلمان وسحب مرسوم التعديل".

ومنذ منتصف 2006، استقالت تسع حكومات وجرى حل البرلمان ست مرات، ما يعكس الازمات السياسية العميقة والمتتالية. وازاء هذا الواقع، تصاعدت المطالبات باصلاحات جذرية للنظام السياسي.

وقال النائب المعارض السابق عبدالرحمن العنجري (ليبرالي) الاسبوع الماضي "نحن مواطنون ولسنا تابعين (ونحن) مشاركون في الحكم والثروة" عاكسا مطالب لتوسيع المشاركة الشعبية.