كشفت لـ ''الاقتصادية'' مصادر مطلعة، عن استغلال بعض المخابز والمصانع المتخصصة سلعة الدقيق المعان من الدولة، حيث اتضح وجود مخابز متخصصة تعمل على تجفيف الخبز وبيعه كأعلاف للمواشي والاستفادة من أرباحه العالية.

يأتي ذلك في ظل التلاعب الذي شهده سوق الدقيق وخصوصاً في جدة، والذي هدف منه بعض ضعاف النفوس إلى تجفيف السوق وافتعال أزمة، رغم وجود كميات فائضة من السلعة تسد حاجة السوق.

ومن خلال معلومات حصلت ''الاقتصادية'' عليها فإن الكيس الواحد زنة 45 كيلوجاما يوزع للمخابز بسعر يبلغ نحو 25 ريالا، ينتج منه ما بين 7 و9 أكياس من الخبز المجفف، ويباع الكيس بسعر 15 ريالا لأصحاب المواشي للاستفادة منه كعلف.

وفي جانب آخر يتعلق بالمصانع، اتضح أن شركة تنتج المكرونة في السعودية تستفيد بشكل كبير من الدقيق المعان من الدولة، حيث أوضحت المصادر أن الكيس الواحد زنة 45 كيلوجراما، الذي يباع لها بنحو 25 ريالا، تربح من خلاله في منتجاتها النهائية نحو 700 ريال، إضافة إلى أنها تعمد إلى تصديره إلى خارج السعودية.

وكانت ''الاقتصادية'' قد نشرت في كانون الأول (ديسمبر) من العام الماضي، خبراً يشير إلى وجود شركة غذائية كانت تنتج نوعا مشهورا من المكرونة ''إندومي'' الذي تعتمد صناعته على الدقيق ويورد للسعودية من إندونيسيا، وبعد أن تبين لها حجم الدعم الكبير الذي تقدمه الدولة لسلعة الدقيق، إلى جانب الدعم الآخر للمصانع من خلال الكهرباء وغيرها، افتتحت مصنعا لها في السعودية وأصبحت تصدر لإندونيسيا من خلاله.

وطالبت المصادر في حديثها أمس، بضرورة وقف تصدير السلع المعانة من الدولة، ورد الإعانة لخزانة الدولة في حال رغبت الشركة في التصدير، مؤكدة أن استمرار تصدير تلك السلع فيه ''استغلال لأموال الدولة''؛ بالنظر إلى أن الإعانة وضعت في الأساس لتخفيض الأسعار للمواطن.

كما شددت على أهمية وضع أنظمة وقوانين صارمة لتصدير مثل تلك السلع، لضمان عدم استغلالها من ضعاف النفوس.

ونشرت ''الاقتصادية'' نهاية العام الماضي في سياق خبرها عن السلع المعانة، وعلى لسان مصادر حكومية، قولها إن السعودية تتجه لمنع تصدير جميع السلع المدعومة من قبل الدولة، وإن ذلك يدرس حاليا في المجلس الاقتصادي الأعلى، وينتظر إقراره قريبا.

وتشير المعلومات إلى أن الدولة تدعم الدقيق بأكثر من 70 في المائة من أسعاره الحقيقية، حيث يقدم الدعم بما يراوح بين 65 و80 ريالا حسب نوع الدقيق، وأن ذلك كان عاملا مهما في استقرار أسعار السلعة، وعدم ارتفاعها بما يفوق قدرة المستهلك خلال الفترة الماضية.

لكن مصادر، أشارت في حديث سابق لها مع ''الاقتصادية''، إلى أن حجم التصدير من منتجات الدقيق في السعودية كبير جدا، وأن تجارا استغلوا هذا الدعم في تصديره إلى الأسواق المجاورة وبعض الدول الأخرى، للاستفادة من الفروقات السعرية على أثر الدعم.

وتشير المعلومات إلى أنه في حال رغبت الشركات في التصدير فإنه سيتعين عليها، وفق النظام الذي سيصدر لاحقا، رد الإعانة التي قدمتها الدولة لتلك السلعة المصدرة، ليتم التعامل معها كالذي تم أخيرا في سلعة الدجاج المحلي الذي رفع حظر التصدير عنه، وأقرت معه استرداد الإعانة المقدمة له، ومعاملتها كالمشتقات البترولية في هذا الشأن.

ويبلغ سعر الدقيق زنة 45 كيلوجراما الخاص بالمخابز بعد دعم الدولة نحو 22 ريالا، أما ''فوم'' وهو الدقيق العادي الذي ينتج منه الخبز وبنفس الحجم فيبلغ سعره بعد الدعم 20 ريالا، ويصل للمخابز والمصانع من خلال الموزعين بارتفاع ما بين ريالين إلى ثلاثة ريالات عن سعره من ''الصوامع''.

وتشير المعلومات إلى أن المخابز والمصانع المتخصصة في صناعة المعجنات والأنواع الأخرى التي يستخدم في تجهيزها الدقيق، تأخذ كميات إضافية عند احتياجها من السوق السوداء وبأسعار تصل ما بين 30 و40 ريالا للكيس الواحد، ومع ذلك فهي تستفيد من تلك الأسعار، بالنظر إلى المكاسب الكبيرة التي تجنيها من المنتجات النهائية التي تستهلك الدقيق الرخيص.