ما بين نظرات الريبة، وتفحص الهويات الثبوتية أحياناً، وبين حسن النوايا وحاجة الأعمال إلى المرونة والمضي قدماً في التعامل المحفوف بالثقة، يتردد القائمون على شركات تأجير السيارات في تسليم مركباتهم لأناس يشبهون أناساً قد خرجوا ذات يوم بمركبات من ذات الشركة ولم يعودوا بها إلا بعد شق الأنفس.

حكايات ومحاذير وقصص تقوض مبدأ الثقة أحياناً خوفاً من الدخول في دهاليز المطالبات والمراجعات للدوائر الحكومية التي يطول أمدها.

في الوقت الذي تؤكد فيه مؤشرات وعي المجتمع، ونضجه في التعامل والتفكير، بدأ مستثمرون في مجال تأجير السيارات مطمئنين إلى ما يحدثه ذلك الوعي من تحسن في سلوك المستأجرين.

إلا أن غياب الضوابط التي تحد من عبث العابثين في هذا المجال، وطول دورة النظام يربك سوق تأجير السيارات، ويجعل القائمين عليه يلجأون إلى مبدأ الفراسة وتقييم مبدأ الاطمئنان إلى ذلك المستأجر من خلال النظر إليه ملياً.

وتعاني شركات تأجير السيارات من خسائر فادحة جراء سوء استخدام سياراتها، والعبث بها أحياناً من قبل مستأجرين عبثيين يستفيدون من بيروقراطية الأنظمة وطول نفسها.

عبدالرحمن البسامي مدير عام شركة الدبلومات لتأجير السيارات قال إن تنامي الوعي في أوساط المجتمع السعودي خلال العقود الأخيرة قد أدى إلى تحسن ملحوظ في سلوكيات مستأجري السيارات، لكنه في الوقت ذاته أكد أن مشكلات شركات تأجير المركبات هي مشكلات مزمنة في المنطقة، مبيناً أن مصدر تلك المشكلات ليست حكراً على المستأجر السعودي.

وبين أن شريحة المستأجرين التي قد تتسبب في مشكلات لشركة التأجير قد تكون من السعوديين أو من المقيمين على حد سواء، مشيراً إلى أن مقيمين استأجروا سيارات وغادروا البلاد دون أن يسلموا تلك السيارات، أو يدفعوا قيمة استئجارها.

ودعا البسامي الجهات المعنية إلى استحداث مزيد من الضوابط التي تنظم علاقة شركات تأجير السيارات بالمستأجرين، وقال: إن الإجراءات المتبعة اليوم في حالة عدم تسلم المركبة، أو عدم الوفاء بالتزامات المستأجر تجاه الشركة لا تحد من حالات العبث التي تطال المركبات وتسبب في خسائر كبيرة لشركات تأجير السيارات.

وأضاف قائلاً: إن الاكتفاء بالتعميم على المركبة المستأجرة ليس كافياً، ولا يضيق الخناق على المستأجر المخالف، أو الهارب بالسيارة، خاصة مع تنامي ظاهرة استبدال لوحات المركبات دون عقوبات رادعة.

وطالب البسامي بمزيد من الإجراءات الصارمة لمواجهة المستهترين الذين يعبثون بالمركبات المستأجرة مما يتسبب في خسائر فادحة لشركات التأجير. وطالب أن يعمم على السائق المستأجر لتلك المركبة، وإيقاف رقم حاسبه الآلي بحيث لا يستطيع أن يقوم بأي إجراء يتعلق برقم بطاقته حتى ينهي التعميم الصادر بحقه.

وِأشار عبدالرحمن البسامي أن بعض المستأجرين قد يستأجر مركبة لثلاثة أيام فقط، بينما قد تبقى تلك المركبة خارج مقر الشركة المؤجرة لثلاثة أشهر أو لعام كامل جراء بطء الإجراءات، وعدم تضييق الخناق على المستأجر المستهتر بالأنظمة وبممتلكات الآخرين.

وأكد ان غياب ثقافة استخدام بطاقات الائتمان لدى الغالبية العظمى من المواطنين والمقيمين قد ساهم في تفاقم ضياع حقوق الشركات المؤجرة للمركبات في المملكة، مبيناً أن تقيد الشركات بعدم التأجير إلا بوجود بطاقة ائتمانية سيحد من عملها كثيراً بحكم قلة استخدام تلك البطاقات.

وأشار البسامي أن نظام تم، وساهر وشموس قد ساهمت جميعها في الحد من تحرك المستأجرين المخالفين، إلا أن الأمر يحتاج إلى مزيد من الضوابط التي تحمي حقوق المؤجر والمستأجر على حد سواء.