بالرغم من تشغيل المرحلة الثانية لتوسعة محطة "الشقيق" التي تعثرت مسبقا، أعادت أزمة المياه بمنطقة عسير وخاصة أبها، وخميس مشيط، وأحد رفيدة ومراكزها (ملف مشروع المرحلة الثالثة من التوسعة) الذي ألغاه وزير المياه قبل سنوات بشكل مفاجئ، والذي كان من الممكن أن يحقق الأمن المائي لسكان المنطقة الذين عاشوا الأيام الماضية في مشقة للحصول على صهريج ماء، إضافه لتأثر المنازل والاقتصاد والسياحة بتلك الأزمة "السنوية"، لا سيما أن المنطقة وجهة سياحية واقتصادية وتحظى بنمو عمراني وكثافة سكانية.

المديرية العامة للمياه بمنطقة عسير تعاملت في البدء مع الأزمة بتصرحيات تحمل المستفيد المسؤولية بالدرجة الأولى حول ثقافته وخوفه من الأزمة، وعادت في تصريحات جديدة أكدت فيها أن مسؤوليتها وصلاحيتها تتركزان على توزيع المياه فقط، مما يكشف عدم قدرتها على اتهام جناح الوزير الثاني "التحلية" بنقصها لكميات المياه.

الجميع في المجالس وصالات الانتظار بمحطات توزيع المياه وغيرها ممن عانوا من "الأزمة"، تساءلوا من خلال "الوطن": لماذا المياه المحلاة تصل بكميات قليلة خلال الصيف؟ لماذا تم إلغاء مشروع المرحلة الثالثة لتحلية المياه بـ"الشقيق"؟

وتحدث عدد من أهالي المنطقة حول أزمة المياه التي التهبت مع مطلع شهر رمضان المبارك، مؤكدين أنها أشغلتهم عن العبادة وعن أسرهم وأصبح هاجسهم "اليومي" الحصول على صهريج، بل إن بعضهم دعا للعودة لمياه الآبار واستخدامها كخروج من الأزمة دون الاكتراث بمخاطرها الصحية.

المواطن عبدالله معيد، أكد أن الفترة الماضية من شهر رمضان، أصبح عنوان الحديث في المجالس والمساجد والأسواق أزمة المياه، وأنه اضطر للعودة لمياه الآبار وتعبئة الخزانات الخاصة بمنزله إضافة لأقاربه، كونه الحل الأمثل للخروج من الأزمة، بعد مشاهدتهم طوابير الانتظار في محطات التوزيع بمحافظة خميس مشيط.

عبدالله خصيف القرني، يؤكد أنه اصطف لساعات في إحدى الليالي الرمضانية، ولم يخرج بفائدة، مما دعاه لتكرار التجربة مرة أخرى من الساعة الثالثة فجراً وخرج بكرت صهريج الساعة 11 ظهراً ووصل الماء الساعة 3 عصراً، لافتاً إلى أنه كان محظوظاً بأحد الأصدقاء الذي سمح له بالاصطفاف أمامه ليقتصر مسافة الانتظار.

عبدالمحسن الشهراني، بين أنه توجه لمحطة توزيع المياه بالرونة وحصل على رقم الساعة 4 فجراً بينما حصل على كرت الصهريج الساعة 12 ظهراً ووصل الصهريج لمنزله الساعة 3 عصراً، مما اشغله عن العبادة في شهر رمضان، إضافة إلى أنه اضطر للاستئذان من دوامه الرسمي، مشيراً إلى أنه قرر في حال امتداد الأزمة العودة لمياه الآبار أو الشراء من السوق السوداء لحفظ "الوقت" و"الارتياح" من العناء.

العديد من أصحاب الوحدات السكنية والشقق المفروشة بمنطقة عسير تأثروا، بل إن المصطافين الذين فضلوا الاصطياف بالمنطقة انزعجوا من الأزمة.

الجميع الذين التقتهم "الوطن"، يهاجمون موظفي التوزيع بمحطات خميس مشيط، وتتفق أسئلتهم واستفساراتهم الموجهه لهم "أين الخلل؟ كل عام ونحن في أزمة، من المسؤول؟" أسئلة عميقة المعنى والمضمون ويصعب على الموظفين الإجابة عنها عدا القول: "انتظروا أرقامكم".

"الوطن" خلال الأيام الماضية تواجدت بشكل يومي بمحطات توزيع المياه بخميس مشيط، والتقت الكثير من مستثمري الشقق المفروشة والوحدات السكنية وبعض المقيمين الذين يعملون لديهم، مؤكدين أنهم يعانون من أزمة المياه ويخشون من هروب زبائنهم في حال عدم توافر الماء وخاصة أن موسمهم يتركز خلال الإجازة الصيفية ومنها شهر رمضان.

يذكر أنه قبل بضع سنوات وفي وقت ينتظر فيه أهالي منطقة عسير، من تثليث شرقا وحتى رجال ألمع غربا، ومن بلقرن شمالا وحتى ظهران الجنوب جنوبا، بفارغ الصبر، إيصال المياه المحلاة إلى مناطقهم، قامت وزارة المياه والكهرباء وبدون سابق إنذار، بتأجيل المرحلة الثالثة إلى أجل غير مسمى من توسعة محطة الشقيق، بعد أن تم اعتمادها بمبلغ وقدره نحو مليارين و700 مليون ريال.