علمت "العربية نت" من مصادر خاصة أن اللواء رستم غزالة رئيس الأمن السياسي السابق، موجود في المستشفى في حالة من الموت السريري، وأما عن قصة إقالة غزالة واختلافه مع رفيق شحادة "رئيس الأمن العسكري سابقا" ودخوله للمستشفى فقد طالت القصة الكثير من التكهن والأقاويل والإشاعات، وبحسب المصادر التي تواصلت معها "العربية نت" فإن الحكاية كما يلي.
تقول المصادر إنه من المعروف لدى السوريين أن غزالة وأقرباءه يهرّبون النفط، وأنهم جمعوا ثروة طائلة من التهريب، ويقال إنهم يبيعون النفط مؤخراً لتنظيم داعش، وما حدث أن اللواء رفيق شحادة وقف بوجه واحدة من عمليات التهريب مؤخراً، ما أغضب غزالة بشدة، وبعد اتصال هاتفي بينهما، وتبادل الشتائم هاتفياً، توجه غزالة إلى مكتب شحادة مع مرافقيه "ما عادة كل مسؤولي سوريا"، ولكن حراس مكتب شحادة رفضوا السماح للمرافقين بالدخول وأبقوهم عند الباب الخارجي.
وعند مرور غزالة من جهاز كشف المتفجرات "الفحص الأمني الاعتيادي" تبين أنه يرتدي حزاماً ناسفاً، وعند سؤاله عن الحزام أجاب بغضب وبنفاذ صبر أنه اعتاد على ارتدائه بسبب التهديدات باختطافه، وأنه في حال محاولة اختطافه فإنه يفضل تفجير نفسه بـ"الإرهابيين".
ويكمل المصدر أنه تم ضرب غزالة في مكتب شحادة ضرباً مبرحاً، ما أدى لنقله إلى مستشفى "الشامي" إلى العناية المركزة نظراً لأن إصاباته كانت شديدة الخطورة.
ولم ينته الأمر عند هذه النقطة، وإنما وبحسب "مصادر خاصة" فإن غزالة أصيب بالتسمم في المشفى، دون أن يستطيع أحد معرفة الجهة التي قامت بتسميمه، وانقسمت الآراء إلى اتجاهين، الأول يقول إن النظام قرر تصفيته، وآخرون يشكون بعائلة غزالة نفسه، وأنه الآن في مرحلة "موت سريري" ويعيش على الأجهزة فيما يتعلق بوظائف الجسم الضرورية للإبقاء على قيد الحياة، ورغم استدعاء أطباء من لبنان إلا أنهم لم يستطيعوا تقديم له أي جديد.
ولا يخلو يوم من معلومات تصنف أحياناً في خانة الإشاعات، رغم أنها لا تخلو غالبا من معلومة صحيحة، ولعل ما حصل مع غزالة وموضوع استقالته ودخوله للمشفى لا يزال قيد التفاعل منذ أسبوعين تقريباً، وكانت وسائل الإعلام اللبنانية الأكثر انشغالاً بموضوعه لأن اللبنانيين يعرفون غزالة جيداً، إذ أنه تم تعيينه من قبل الرئيس السوري بشار الأسد في عام 2002 لخلافة الجنرال غازي كنعان رئيسا الاستخبارات العسكرية السورية في لبنان، وكان لديه مسكن ومقر قيادته في عنجر، وبعد اغتيال رفيق الحريري وانسحاب الجيش السوري من لبنان عاد إلى سوريا.
وفي تفاعلات قضية غزالة قال الأمين القطري السابق لحزب البعث الوزير اللبناني السابق فايز شكر "المقرب من نظام الأسد"، في مقابلة تلفزيونية إن غزالي يعاني من مرض الضغط وقد "دعس دعسة ناقصة"، بمعنى أنه تعثر ووقع على الدرج، فدخل المستشفى، إلا أنه يتماثل للشفاء.
إقالات وغموض
أصدر الرئيس السوري بشار الأسد قرارا بإقالة رئيس شعبة الأمن السياسي في الجيش السوري اللواء رستم غزالي ورئيس شعبة الأمن العسكري اللواء رفيق شحادة، وشمل القرار تعيين اللواء محمد محلا رئيساً لشعبة المخابرات العسكرية بدلاً من اللواء رفيق شحادة وتعيين اللواء نزيه حسون رئيساً لشعبة الأمن السياسي بدلاً من اللواء رستم غزالة. وجاء ذلك على خلفية المشكلة بين اللواءين.
وأما رستم غزالة فهو ضابط معروف اقترن اسمه بالكثير من الملفات سواء في داخل سوريا أو خارجها. وهو من مواليد عام 1953 بدرعا.
برز اسمه كرئيس لفرع الأمن العسكري في بيروت خلال وجود الجيش السوري بلبنان ومن ثم عين من قبل الرئيس السوري بشار الأسد في عام 2002 لخلافة اللواء غازي كنعان رئيسا الاستخبارات العسكرية السورية في لبنان، سافر كثيرا إلى وادي البقاع حيث كان لديه مسكن ومقر قيادته في عنجر.
وبعد اغتيال رفيق الحريري وخروج الجيش السوري من لبنان عاد إلى سوريا، ليتم تعيينه رئيس للأمن السياسي بعد تفجير مبنى الأمن القومي، ومقتل عدة وجوه هامة مما يسمى "خلية الأزمة".
وبعد انتشار عدة روايات عن موت غزالة، وعن إصاباته ومرضه وشجاره مع شحادة التي أكدها النظام عندما أقيل الاثنان من مناصبهما، قام المؤيدون بمحاولات لنفي كل ما يشاع عن غزالة، خصوصاً وأنه "أي غزالة" من رجالات النظام الأقوياء والشرسين ومن أهم المساهمين في قمع الثورة السورية، فنشر المؤيدون صورة لغزالة بالبدلة العسكرية ولكنها مجهولة التاريخ والمكان، وكتب بعض المؤيدين على صفحاتهم جملاً تأتي في سياق تمجيد قوة غزالة وأنه بصحة جيدة.
ولكن غياب غزالة وإقالته تعطي مؤشرات شبه أكيدة عن تصفية النظام له، لأن النظام لم يعتد أن يترك أي تمرد حتى لو لم يكن موجها ضده بشكل مباشر، اعتاد أن لا يترك تمردا إلا ويقتل صاحبها، ولكن نشطاء يقولون إن النظام قتل غزالة لأن اسمه ضمن قائمة المتهمين بارتكاب جرائم ضد الإنسانية والتي ستقدمها الأمم المتحدة الشهر القادم للقضاء في بعض البلدان، ما يرجح نظرية تصفيته ومن قبله صهر الأسد آصف شوكت، وقال بعض أولئك الناشطين أن السوريين مقبلون على سلسلة تصفيات للنظام ورجالاته من داخله وليس من الخارج.
اغتيالات رجال النظام
ومن يطلع على سير الأحداث والاغتيالات التي جرت في جسد النظام والمتهم به النظام أيضاً، سيلاحظ أن الموت وصل لمعظم من له علاقة بمقتل رفيق الحريري، فقد انتحر وزير الداخلية اللواء غازي كنعان "رواية النظام" والتي شكك الكثيرون فيها، انتحر كنعان بعد مقتل الحريري في 2005، ومعروف أن كنعان كان يملك معلومات كثيرة عن النظام واستخباراته والمطبخ الداخلي له، وبعد ذلك قتل العميد محمد سليمان المحسوب على "باسل الأسد" وهو ضابط الارتباط حينها مع إيران وحزب الله، وقتل سليمان عام 2008 في الشاليه الخاص به، رغم أن هذا النوع من المناصب في سوريا يتأكد دوماً من تحصيناته واحتياطاته، ما يرجح فرضية قتله من قبل النظام.
وقبل سليمان قتل رجل حزب الله عماد مغنية في دمشق ضمنا لمربع الأمني في كفر سوسة، حيث تنتشر أفرع المخابرات وحيث الحراسة شديدة ومشددة دوماً، ويومها يذكر السوريون أن إحدى زوجات مغنية اتهمت النظام بشكل صريح ولكنها سرعان ما تراجعت عن تصريحاتها بعد ضغوط مورست عليها كما رجح محللون.
وما يجمع بين القتيلين اغتيال الحريري وأنهما متهمان بالتورط في اغتياله.
وفي 2013 قتل اللواء جامع جامع رئيس فرع الأمن العسكري وهو أيضاً متهم بالتورط باغتيال الحريري، ويومها أعلن الثوار وتم الإعلان مؤخراً عن محاولة فاشلة لاغتيال الوزير اللبناني السابق ميشال سماحة وهو أيضاً من العارفين والمطلعين على ملابسات قضية الحريري وكان مستشاراً إعلامياً لبشار الأسد.
وجاءت قضية رستم غزالة الأخيرة لتعيد كل تلك الملفات إلى الواجهة وتترك سؤالاً حول حاله ومن سممه، وكيف وصلت الأمور بينه وبين اللواء رفيق شحادة إلى حد الضرب والإهانة مالم يأخذ الأخير الإذن والقرار من القيادة العليا نفسها والمتمثلة ببشار الأسد.
صحافة عالمية
نشرت صحيفة "لو موند" الفرنسية تقريراً أمس الأول على إثر ما تداولته وسائل إعلام ومواقع إخبارية من أخبار حول ما تعرض له مدير الأمن السياسي في سوريا اللواء رستم غزالي في الأسابيع الأخيرة، والغموض الذي يلف مصيره، وقالت إن الغموض يعد أمراً طبيعياً في ملفات كهذه، بما أن المعني بالأمر من أبرز الشخصيات التي عملت في جهاز المخابرات خلال حكم الرئيس بشار الأسد.
وذكّر التقرير بأن رستم غزالي، المكنى بـ"أبو عبدو"، عُيّن كمدير للأمن السياسي في سوريا على أثر التفجير الذي استهدف مقر مكتب الأمن الوطني في دمشق في 18 تموز 2012، ولكنه معروف أكثر بدوره في لبنان خلال السنوات الأولى للألفية، حيث استغل نفوذه ومنصبه في أجهزة المخابرات السورية للقيام بأنشطة غير قانونية. ومن ذلك، دوره في إفلاس بنك المدينة بعد أن استحوذ على قروض وصلت إلى 200 مليون دولار خلال ثلاث سنوات.
وعاد غزالي إلى سوريا في خريف سنة 2005، خلال الانسحاب السوري من لبنان الذي فرض من مجلس الأمن الدولي، وحاز على ثقة بشار الأسد الذي كلفه بإدارة أمن المنطقة الحدودية بين لبنان وسوريا، بما أنه من البديهي أن يكون قد ترك قنوات الاتصال مفتوحة في لبنان مع مخبريه وحلفائه.
وقد ورد اسم غزالي ضمن المسؤولين الذين استجوبتهم اللجنة الدولية للتحقيق في اغتيال الحريري.
وتفيد المعلومات المتوفرة بأن غزالي وصل إلى مستشفى "الشامي"، وهو مستشفى خاص يقع قرب القصر الرئاسي في مرتفعات دمشق يقدم العلاج للنخبة السياسية والعسكرية وعائلة الأسد، في الخامس عشر من شباط 2015 وهو في حالة حرجة.
ولاحظ التقرير أنه رغم كثرة الروايات وتضاربها، فإن هنالك شبه إجماع على أن من أصدر الأوامر بتصفية غزالي هم زملاء له في الجيش. وأبرز المشتبه بهم في هذا السياق هو الجنرال جميل حسن، رئيس المخابرات الجوية، الذي يقال إنه أصدر الأوامر للطائرات بقصف محيط منزل غزالي، بذريعة منع مقاتلي الجيش الحر من التقدم داخل بلدة قرفا، ورفيق شحادة مدير المخابرات العسكرية الذي اتهم غزالي ببيع البنزين لمقاتلين معارضين للنظام في جنوب البلاد.
في المقابل، أشار التقرير إلى أن رستم غزالي كان قد أثار غضباً كبيراً في صفوف زملائه بسبب رفضه السماح لقوات من إيران و"حزب الله" بالتمركز داخل منزله في مرتفعات بلدة قرفا في محافظة درعا، حيث أرادت تلك القوات اتخاذه مركز عمليات ومستودعاً للمدفعية والمدرعات لصد تقدم المعارضة على محور دمشق – درعا. وبدلاً من ذلك، قام غزالي بتفجير منزله بالكامل وحرق مكوناته كافة، ونشر تسجيلاً للعملية على "يوتيوب"، في حركة تحد واضح للأوامر الصادرة بالتعاون مع الإيرانيين و"حزب الله".