لجأت محلات تجارية في الأسواق المحلية منذ نحو ثلاثة أسابيع لتعظيم مبيعاتها إلى اتخاذ أشكال متنوعة للتحايل على «المستهلك» من خلال عرض منتجاتها بتخفيضات خيالية تصل في ظاهرها إلى 70%، وهي في حقيقة الأمر تخفيضات وهمية بعضها مخفض من أصل الأسعار المتضخمة وبعضها تخفيضات لا تذكر حسب عدد من المستهلكين التقت معهم «المدينة».

وتشهد أسواق الملابس والأكسسوارت تخفيضات كبيرة ومتفاوتة، تراوحت بين 30 إلى 70%، تقودها بعض الشركات العالمية العاملة في السوق، والمنتشرة في أغلب المجمعات التجارية، ممّا اعتبره البعض تحايلاً من تلك المحلات على المستهلكين لجذب أكبر شريحة منهم، واختلفت عبارات الملصقات التسويقية على المحلات بين «اشتري قطعة واحصل على الأخرى مجانًا»، أو»لا يفوتك»، ومصطلحات جذب أخرى بهدف استقطاب أكبر عدد من المتسوّقين.

وطالب مستهلكون بمراقبة المحال التجارية ومراكز التسوّق التي تعمد إلى عمل تنزيلات وعروض ترويجية غير حقيقية ومخادعة، بهدف استغلال المستهلك، وتصريف البضائع قبل نهاية الموسم.

عروض الـ 70% تستدرج المستهلكين دون رقيب

يقول حسين العمري «مستهلك»: «للأسف بعض أصحاب المحلات يضع ملصقات تحمل عبارات بخط كبير عن تخفيضات تصل لـ50 أو 70% بهدف جلب الزبون، وعند الدخول للمحل يتضح أن هناك خلاف المعلن في الخارج من ناحية محدودية السلع التي يشملها العرض، وباقي السلع تُباع بالسعر السابق المرتفع، فيما يلجأ أصحاب محلات أخرى بوضع عبارات مثل «آخر قطعة من الأكثر مبيعًا»، وهي في حقيقة الأمر بضاعة متكدسة داخل المستودعات الخاصة بهم».

ويشير سالم الجهني «مستهلك» إلى «أن بعض المحلات تضع تخفيضات وهمية على منتجات قاربت موضتها على الانتهاء، أو عند القرب من دخول موسم الصيف، والذي يكثر فيه السفر، وتقل الحركة على المولات، فيما البعض من أصحاب المحلات يضع تخفيضات بواقع 40%. وعند الخوض في التفاصيل يتضح أن التخفيض أقل من النسبة المعلنه».

وقالت ام عبدالله (متسوقة): «أصدق أغلب التخفيضات، خصوصًا من المحلات الكبيرة صاحبة الماركة، لأنها تلجأ للتخفيضات للتخلّص منها لنزول منتج جديد، وارتباطها بمصانع تنتج لها موديلات جديدة تتناسب مع فصول السنة»، وقالت «بقاء القديم يكلّف من خلال تخزينه، ولهذا يتم بيعه بأقل ربح، وحتى بالتكلفة».

وأشارت إلى أنها تستطيع التفريق بين المخفض، وغير المخفض في الماركات الشهيرة، إلاّ أن المحلات العادية وغير المشهورة ممكن يستغلون مسمّى تخفيضات ويتلاعبون في الأسعار، وعلى الزبون أن يميّز بين البضاعة التي تم عمل تخفيض عليها، أو لم تخفض، ومن خلال جودة المنتج، وفي النهاية هو من سيدفع قيمتها، لذلك لابد من الحذر.

تجار: الشركات الكبرى وراء جذب المتسوقين

ويؤكد مهند با عامر (تاجر) أن المجمعات التجارية تشهد إقبالاً في نسب الزبائن خلال هذه الفترة، وتلعب الشركات الكبيرة دورًا كبيرًا في جذب المتسوّقين، بما تطرحه من تخفيضات، مؤكدًا أن هذه الشركات ستكون مجبرة في الفترة المقبلة على القيام بتخفيضات أخرى تأتي في الموعد المعتاد لموسم التخفيضات.

وعن الشكوك المتداولة حول هذه التخفيضات التي تبدأ من 30 إلى 70% قال: تتنوع البضاعة المعروضة، فالبعض منها انتهت موضته، ودخلت موديلات جديدة؛ ممّا يجعل المحل يبيع بأي مبلغ، فهو مكسب بدل التخزين المعرض للتلف.

وأضاف إن هناك تجارًا يجلبون كميات كبيرة من البضاعة، وحققوا هامش ربح جيدًا، إضافةً لرأس المال الحقيقي يتم وضع تخفيضات على المتبقي منها بهدف جلب بضاعة جديدة تحاكي الموضة والمواسم المقبلة.

من جانبه قال فايزعبدالله (مدير مبيعات في شركة ملابس) إن مبيعات الفترة الماضية كانت جيدة من خلال مهرجانات التسوق التي أقيمت في أغلب المناطق، ومنها محافظة جدة بحكم موقعها السياحي، مشيرًا أن حملة التخفيضات التي قادتها الماركات المعروفة مبكرًا قبل الصيف تدل على مخاوفهم من ضعف الإقبال على الشراء، والتأخر حتى شهر رمضان المبارك، إذ إن هذه التخفيضات تم تقديمها عن موعدها المتعارف عليه، وجاءت بنسب عالية وصلت في بعض المحلات إلى 70%، وهو مشابه لما كان يحدث في الأعوام السابقة.

حيث إن التخفيضات التي قامت بها الشركات الكبيرة في المجمعات التجارية ساهمت في رفع وتيرة الشراء.

لجنة المراكز التجارية: المواطن هو الرقيب الأول للأسواق

قال رئيس لجنة المراكز التجارية بغرفة جدة محمد علوي إن التخفيضات المقدمة في الكثير من المراكز التجارية لا تتم إلاّ بموافقة من الغرفة التجارية، بحيث يتم التأكد من صحتها، واستيفاء الشروط والأنظمة الخاصة مع ضرورة تحديد المدة الزمنية المحددة لها، مشددًا على الدور الرقابي للمواطن للإبلاغ عن تلك الممارسات، خاصة في ظل التجاوب السريع من وزارة التجارة مع مثل هذه البلاغات.

وعن التخفيضات الوهمية من قبل أصحاب بعض المحلات قال هي «محدودة»، ومن يقوم بممارستها سيعرّض نفسه للمساءلة، وتطبّق في حقه الإجراءات القانونية.

غرفة جدة:مراقبة العروض الوهمية مسؤولية حماية المستهلك

وقال محيي الدين حكمي مسؤول التراخيص في الغرفة التجارية: نقوم بإصدار تراخيص للمحللات التجارية الراغبة في عمل تخفيض على بضائعها، ولكن بشروط منها فواتير شراء البضائع الأصلية، ودفع رسوم الترخيص والذي يختلف بطبيعة حجم المنشـأة، ويكون 250 ريالاً و500 ريال، وأضاف: نحن نقوم بإصدار التراخيص بإشراف من وزارة التجارة وطبيعة عملنا إصدارها ويبقى على حماية المستهلك مراقبة الشكاوى في حال العروض الوهمية التي تقدمها بعض المحال.

وتابع قائلاً: تم إصدار الكثير من التصاريح في هذا الموسم وعادة يبدأ التصريح قبل الإجازة الصيفية وينتهي بحلول رمضان.

حماية المستهلك تحذر من الانسياق وراء التخفيضات

حذر رئيس حماية المستهلك د.سليمان السماحي من الانسياق وراء التخفيضات على السلع الغذائية في الأسواق او الملابس والخرداوات، مشيرًا أنها تجعل المواطن يشتري غالبًا أشياء لا يحتاج إليها وبكميات كبيرة.

مطالبًا المستهلك بضرورة تفحص السلعة قبل شرائها والتركيز على الصلاحية للمنتجات الغذائية او الجودة في الكماليات من ملابس ونحوها.

وقال محمد الشهري، رئيس لجنة المنسوجات والملابس بالغرفة التجارية الصناعية بجدة أن ما نشاهده من تخفيضات أمر طبيعي خاصةً أن هناك تنافسًا للشركات العالمية المتخصصة في صناعة الملابس والماركات لدخول السوق السعودية؛ لحجم الاقتصاد السعودي القوي في المنطقة واستقراره ومستويات النمو العالية فيه.

وزارة التجارة: لا يجوز التخفيضات إلاّ بترخيص

وقال مصدر مطلع بوزارة التجارة انه وفقًا للمادّة الثامنّة عشّرة لا يجوز للمُنشآت التجاريّة إجراء تخفيضات شاملّة أو جزئيّة لأسعار المُنتَجات المعروضة للبيع بها أو الإعلان عنها إلاّ بعد الحصول على ترخيص بذلك من الوزارة أو فرعها المُختصّ وفقًا للشروط والضوابط والتي منها تتقدّم المُنشأة للإدارة العامة لمكافحة الغش التجاري أو فرع الوزارة المُختصّ برغبتها في إجراء التخفيضات قبل الموعد المُحدّدة لبدئها بمُدّة لا تقل عن ثلاثين يومًا على أن يتضمّن الطلب ما يلي: أسباب إجراء التخفيضات ومُدّة التخفيضات وتاريخ بدايتها وانتهائها.

كذلك قائمة بالمُنتَجات التي تسرى عليها التخفيضات يبين بها السعر الفعلي المُحدّدة لكل مُنتَج وقت تقديم الطلب والسعر بعد التخفيض ونسبة التخفيض.

إرفاق ما يثبت بأنه باع بالسعر الفعلي المُحدّد بقائمة السلع على فترات مختلفة، أو تعهُّدٍ مُصدّقٍ من صاحب المُنشأة بأن الأسعار المدّوّنة هي التي باع بها على فترات مُختلفة قبل طلب إجراء التخفيضات.

بحيث تتولّى الإدارة العامة لمكافحة الغش التجاري أو فرع الوزارة المُختصّ دراسة الطلب وإصدار الترخيص المطلوب خلال فترة لا تتجاوز (خمسّة عشّر) يومًا من تاريخ تقديمه في حالة توفر شروط الترخيص، وفي حالة رفض الطلب تُبلّغ المُنشأة بالرفض خلال (10) أيام من تاريخ قيد الطلب، مع إيضاح أسباب الرفض.

يذكر أن قطاع الملابس السعودية يقدر حجمه بنحو أكثر من 10 مليارات ريال (2.6 مليار دولار)، نظرًا للتطورات الكبيرة خلال العامين الماضيين وسط تزايد إقبال الماركات العالمية على السوق السعودية.