أحالت السلطات اللبنانية رجلي أمن للمحاكمة العسكرية للاشتباه في تورطهما في تعذيب معتقلين بسجن رومية (شرق بيروت)، بعد أن تسربت صور لهذا التعذيب وأثارت غضبا شعبيا في البلاد.

وأعلن وزير العدل اللبناني أشرف ريفي أمس الأحد توقيف عنصري أمن في سجن رومية، أكبر سجون البلاد، وقال في مؤتمر صحفي إن ما نشر حول تعذيب المساجين "جريمة في الوطنية والإنسانية"، مضيفا أنها "لا يمكن أن تمر من دون عقاب".

وتعهد الوزير بحماية حقوق المساجين بغض النظر عن انتماءاتهم، وطالب بعدم استغلال الحادث سياسيا واستخدامه للهجوم على الحكومة.

غضب شعبي

وقد فجر نشر تسجيلين مصورين يظهران تعذيب المعتقلين في سجن رومية غضبا عارما في لبنان، خاصة في الأوساط التي ينتمي إليها المعتقلون.

وأظهر التسجيلان أفراد أمن لبنانيين يعتدون بالضرب المبرح على عدد من السجناء. ويرجّح أن يكونا قد صوّرا في منتصف أبريل/نيسان الماضي بعد اقتحام القوى الأمنية سجن رومية.

وجرى تجريد السجناء من ملابسهم وظهر رجال أمن يضربونهم، وبدت على ظهور بعض السجناء علامات حمر.
ومن جهته قال وزير الداخلية نهاد المشنوق إن الوقائع حدثت قبل شهرين عندما داهمت الشرطة سجن رومية في شرق بيروت لإنهاء أعمال شغب اندلعت فيه.

وأضاف في مؤتمر صحفي تحدث فيه عن التسجيلين، أن ستة من أفراد الشرطة -من أكثر من خمسمئة داهموا السجن- لهم صلة بما حدث. وأكد أن ضابطين أحيلا بالفعل لمحكمة عسكرية، بينما لم تتحدد بعد هويات الباقين.

وأثارت الصور جدلا كبيرا بشأن تدهور الحريات وحقوق الإنسان في لبنان، فضلا عن اتهامات متصاعدة للأجهزة القضائية والأمنية بازدواجية التعامل والتفرقة بين اللبنانيين.

احتجاجات

وأفاد مراسل الجزيرة نت في لبنان أسامة العويِّد بأن مناطق لبنانية عدة شهدت الأحد احتجاجات على التعذيب بسجن رومية، تركزت في مدينة طرابلس (شمال لبنان).

وقال إن أهالي موقوفين بالسجن تجمعوا في ساحة النور بطرابلس للاحتجاج على التعذيب، وطالبوا بإقالة وزير الداخلية نهاد المشنوق.

وذكر أن محتجين قطعوا طريق العبدة-عكار شمالي لبنان، كما قطع محتجون آخرون طريق سعد نايل تعلبايا-البقاع، وتجمع شبان أمام جامع الإمام علي في العاصمة بيروت وطالبوا بإقالة وزير الداخلية.

ونقل المراسل عن مصادر محلية قولها إن زعيم تيار المستقبل سعد الحريري اتصل هاتفيا بالمشنوق وبوزير العدل أشرف ريفي، مستنكرا ما حصل في سجن رومية، ومطالبا بمحاسبة المتورطين في عمليات التعذيب.

وتعليقا على التسجيلين، قال المحامي ومدير المؤسسة اللبنانية للديمقراطية وحقوق الإنسان نبيل الحلبي إن الصور المسربة لسجن رومية صدمت المجتمع اللبناني.

وأضاف الحلبي في مقابلة مع الجزيرة أن اللجنة الحقوقية طالبت منذ شهرين بفتح ملفات للتحقيق في عمليات التعذيب بالسجن.

وذكر الحلبي أن المؤسسة التي ينتمي إليها اطلعت على معلومات تشير لحدوث عمليات تعذيب بسجن رومية أعنف مما بيّنه التسجيلان. وقال إنه اطلع على معلومات تفيد بأن سجينا فقد إحدى عينيه جراء التعذيب، كما أن معتقلا آخر أُجبر على اغتصاب زميله في السجن.

من جهته شجب عضو المكتب السياسي لتيار المستقبل المحامي محمد المراد ما يلقاه سجناء رومية من تعذيب، وطالب بجهات مستقلة للتحقيق في الموضوع ومن خارج السلك العسكري.

من جانبه، طالب مفتي الجمهورية اللبنانية بأخذ كافة الإجراءات بحق من قام بالتعذيب في سجن رومية للحؤول دون تكرار هذه الأعمال التي اعتبرها مسيئة لسمعة لبنان.