كشفت دراسة أجرتها باحثة سعودية متخصصة في مجال الطاقة، أن 84 بالمائة ممن أجابوا على الاستبيان، أكدوا معرفتهم التامة بمفهوم ترشيد استهلاك الكهرباء، لكنهم لا يطبقونه في منازلهم.

وأفرزت الدراسة جهل الكثير من فئات المجتمع بمختلف تأهيلهم العلمي والمستوى العمري عن القدر الذي تستهلكه منازلهم من الكهرباء بالكيلو واط شهريا، ما انعكس سلبا على طريقة الاستخدام الأمثل للطاقة ووقف نزيف الهدر.

وقالت سمر خان باحثة دكتوراة في أمن الطاقة، إن الدراسة البحثية التي أجرتها بالتعاون مع أحد المهندسين السعوديين على 742 مشاركا لقياس مستوى الوعي بأمور ترشيد استهلاك الطاقة في المملكة العربية السعودية، كشفت أن هناك علاقة بين مستوى التعليم ونسبة وعي المستهلك بأمور الطاقة بشكل عام.

وأوضحت أن عدد المشاركين في الدراسة من الذكور كان أعلى من الإناث بنسبة (74 بالمائة ذكور و26 بالمائة من الإناث، بينما كانت أعمار المشاركين في الدراسة على النحو التالي: الأعمار بين 25 إلى 35 (49%)، الأعمار بين 36 إلى 50 (24%)، الأعمار بين 16 إلى 24 (23%) وفقط (4%) من المشاركين تراوحت أعمارهم بين سن 51 و 65.

وعن آلية الدراسة، قالت سمر خان: بدايةً تم سؤال المستطلعين عن مدى معرفتهم بمفهوم (ترشيد استهلاك الطاقة)، حيث أفرزت الإجابات أن (84 بالمائة على دراية كافية بمعنى الترشيد، ولكن لا يقومون بتطبيق سلوكيات الترشيد في حياتهم اليومية. ومن ثم تم سؤال المستطلعين عن مدى معرفتهم بكمية استهلاكهم للكهرباء بالكيلو واط في منازلهم.

وأضافت: كما تبين أنه ليس هناك سوى 10.53 بالمائة من المستجيبين الذين يحملون شهادة المرحلة الثانوية تعرفوا على كمية استهلاكهم للكهرباء بالكيلو واط شهرياً، و13.37٪ من المستطلعين الذين يحملون شهادة البكالوريوس تعرفوا على حجم استهلاكهم الشهري بالكيلو واط، و24.17٪ من المستطلعين الذين يحملون شهادة دراسات عليا (ماجستير أو دكتوراة) كانت معلوماتهم أكثر عن حجم الاستهلاك في منازلهم بالكيلو واط.

وبينت أن الشكل (1) يوضح أنه كلما زاد المستوى التعليمي للمستهلك زادت معلوماته ومعرفته بأمور الطاقة، وهذا يثبت لنا أهمية التعليم لزيادة الوعي حول مواضيع الترشيد وبالتالي للتقليل من حجم استهلاك الطاقة.

وذكرت باحثة الدكتوراة في مجال الطاقة، أنه تم سؤال المستطلعين أيضاً عن مدى معرفتهم بإضاءة الـ «إل إي دي» وفوائد استخدامها في المنزل، حيث إن شكل (2) يوضح أيضاً أنه كلما انخفض المستوى التعليمي للشخص يقل وعيه بفائدة هذا النوع من الإضاءة.

واسترسلت سمر خان: إن استخدام المصابيح الموفرة للطاقة «إل إي دي» تعطي إنارة بنفس مستوى المصابيح العادية، كما أنها تستهلك من 30 إلى 40 بالمائة فقط من الطاقة الكهربائية، إضافة إلى ذلك هذا النوع من المصابيح يستمر لفترة أطول حوالي 100.000 ساعة أي 11 سنة تقريباً.

وأبانت أن المصابيح العادية منخفضة الكفاءة تستمر حوالي 1000 ساعة. والأمر المهم أيضاً أن مصابيح «إل إي دي» لا تنتج حرارة، فبالتالي يساعد استخدامها على الحفاظ على درجة حرارة المنزل خصوصاً في فصل الصيف.

وأكدت أنه لمعرفة آراء خبراء الطاقة في المملكة العربية السعودية حول موضوع ارتفاع الاستهلاك، قمنا بسؤالهم عن التحديات والعوائق التي تواجه قطاع الطاقة السعودي حالياً، فمعظم الإجابات اتفقت أن التحدي الأكبر الذي يواجه المملكة هو الارتفاع غير المسبوق في الاستهلاك، وإذا استمر هذا الارتفاع المطرد للاستهلاك المحلي للطاقة، ولم يتم حل هذه التحديات ولم يتم تطوير مصادر طاقة متجددة، سوف تتعرض المملكة لخطر كبير مستقبلاً يتمثل في انخفاض حاد لكميات البترول المصدرة والتي يعتمد عليها الاقتصاد السعودي بنسبة تزيد عن 90% مما يعرض اقتصاد المملكة لمخاطر عالية على المدى الطويل.

وأضافت: عند سؤال أحد خبراء الطاقة عن دور المستهلك تجاه هذا التحدي؟ قال إن دور المستهلك هو دور حيوي ورئيسي بالرغم من أنه يمثل تحدياً كبيراً لصعوبة تغيير السلوك الفردي والجماعي لاستخدامات الطاقة في فترة قصيرة.

وقالت: إن الوصفة السحرية التي من الممكن أن تساعدنا في مواجهة هذا التحدي، «نحتاج إلى سياسات وحوافز لتثقيف المستهلك وتغيير سلوكياته في استهلاك الطاقة. لا نحتاج فقط إلى برامج وحملات توعوية من الجهات الحكومية ولكن نحتاج إلى مواطن متعلم وواع يستمع إلى هذه الحملات ويطبقها ويأخذها على محمل الجد».

وذكرت أنه على هذه الحملات أن تركز على إيضاح المخاطر التي تهدد المملكة مستقبلاً جراء هذا الارتفاع في استهلاك الطاقة، حيث نحتاج إلى التركيز على موضوع ترشيد الاستهلاك عن طريق خطب يوم الجمعة بشكل أكبر، واستثمار جهود الأئمة والخطباء الدعوية في ترشيد استهلاك الطاقة وليس من الجانب الديني فقط ولكن من الجانب الاجتماعي، البيئي والاقتصادي أيضاً.

كما نحتاج إلى تحسين في المناهج الدراسية لجميع المراحل الدراسية لتثقيف الأطفال بشكل مباشر، وبالتالي تثقيف أهاليهم بطريقة غير مباشرة، ونحتاج أيضاً إلى إدراج تخصصات في مختلف الأقسام الجامعية (للذكور والإناث) تهتم بأمور ترشيد الاستهلاك والمحافظة على الثروة الوطنية.

وأكدت سمر خان، أنه إذا عُولج تحدي الارتفاع في الاستهلاك بشكل فعال وسريع، يمكن تحويله إلى فرص إيجابية داعمة للاقتصاد السعودي مستقبلاً بإذن الله، فقد أشارت بعض الدراسات البحثية التي أجريت على المملكة العربية السعودية أن ترشيد استهلاك الطاقة سيوفر حوالي 230 مليون برميل نفط سنوياً.

وهذه المعدلات مبنية على افتراض تطبيق المملكة للوائح التنظيمية التي قام بها المركز السعودي لكفاءة الطاقة وهي معايير العزل الحراري في المباني، ومعايير كفاءة الطاقة في الأجهزة الكهربائية والمكيفات عن طريق إجبار الشركات على بيع المكيفات والأجهزة الكهربائية ذات كفاءة عالية، وغيرها من الأمور التي تساهم في ترشيد الاستهلاك.

وختمت سمر خان حديثها بقولها: «أكثر ما يُحزنني أنه على الرغم من النسب والإحصائيات السلبية التي تهدد مستقبل المملكة العربية السعودية بسبب الارتفاع المتزايد في الاستهلاك، إلا أن الكثيرين ما زالوا غير مقتنعين بأهمية الترشيد، بل يعتقد البعض بأن السعودية ليست بحاجة إلى الترشيد بحجة وفرة النفط.

وعلى الجميع أن يعلم أن المملكة تعاني الآن من ارتفاع مفرط في الاستهلاك المحلي للطاقة الذي يقدر بـ 7% سنوياً، حتى أصبحت مملكتنا للأسف تُلقب ببلد الإسراف».