كشف لـ«الشرق الأوسط» الدكتور صالح بن حسين العواجي وكيل وزارة المياه والكهرباء لشؤون الكهرباء بالسعودية، رئيس مجلس إدارة الشركة السعودية للكهرباء، عن توجه وطني يستدعي إنشاء شركات وتوفير كوادر متخصصة لتصميم وتنفيذ مشروعات الكهرباء في ربوع البلاد.

وأوضح العواجي أن هذا التوجه دفع الشركة السعودية للكهرباء نحو العمل على البدء في إنشاء شركات متخصصة تملكها الشركة نفسها، ومن هذه الشركات «شركة كهرباء السعودية لتطوير المشروعات»، وهي شركة هندسية مملوكة بالكامل للشركة السعودية للكهرباء.

ووفق العواجي، تتمثل المهام الرئيسية للشركة الوليدة في تصميم وإدارة المشروعات والإشراف على تنفيذها، مبينا أنها تهدف بدرجة رئيسية إلى توطين الخبرة الهندسية والمعرفة لمنسوبي الشركة، مشيرا إلى أنها لا تزال تعتمد على الاستشاريين وبيوت الخبرة وغالبا تكون من دول أجنبية.

وقال العواجي: «حتى الآن لا يوجد بالسعودية بيوت خبرة محلية قادرة على تصميم وتنفيذ مشروعات الكهرباء الضخمة ذات التقنية العالية بشكل كامل، وإنما تتشارك المكاتب المحلية مع مكاتب وبيوت خبرة أجنبية، لإجراء العمل وفق التصاميم المتقدمة لتنفيذ المشروعات.

وحرصا من الشركة السعودية للكهرباء على توطين الخبرة والمعرفة لدى منسوبيها في السعودية، وفق العواجي، أنشأت هذه الشركة لكي تقوم عليها كوادر متخصصة ومؤهلة من أبناء البلد تتوطن لديهم الخبرة والمعرفة، يتمتعون بالقدرة على قيادة العمل مستقبلا لسد احتياجات شركة الكهرباء المختلفة، وكذلك احتياجات قطاع الكهرباء في المملكة.

وأكد العواجي أن مجالات المشروعات في قطاع الكهرباء وسوق العمل السعودية ضخمة جدا، سواء كانت في الشركة السعودية للكهرباء أو لدى الجهات الأخرى، التي لديها مشروعات في الكهرباء مثل شركة «أرامكو السعودية»، أو المؤسسة العامة لتحلية المياه المالحة، أو شركات القطاع الخاص.

ومن الدراسات الأولية، وفق العواجي، فإن هذه الشركة الوليدة التي أنشأتها «الكهرباء»، اتضح أنها لن تفي سوى فقط بنحو 25 في المائة من احتياجات الشركة السعودية للكهرباء، مبينا أن ذلك يعطي دلالة على ضخامة السوق، والفرص المتاحة لدى المتنافسين الآخرين.

وقال العواجي: «مع أن هذه الشركة الوليدة تخدم الشركة السعودية للكهرباء، ولكنها ستكون أيضا متنافسة على المشروعات، وبالتالي لن تعطى لها المشروعات بصفة خاصة، دون وجود منافسين آخرين».

وأضاف: «من هذا المنطلق نأمل أن تكون هذه الشركة إضافة جيدة لقطاع الكهرباء في السعودية وليس فقط لشركة الكهرباء حتى يأتي اليوم الذي تستطيع فيه تقديم خدماتها المتميزة لمشروعات الشركة السعودية للكهرباء ومشروعات الكهرباء بشكل عام، بما فيها الجهات التي أشرنا إليها سابقا، من بينها القطاع الخاص».

وبجانب هذه الشركة الوليدة، نوه العواجي بمواصلة إنشاء شركات أخرى، منها على سبيل المثال شركات إنتاج الكهرباء المستقلة التي غالبا ما يسهم فيها القطاع الخاص، لافتا إلى شركات أخرى تنتج الكهرباء مثل شركة «أرامكو»، التي تعتبر من المنتجين للكهرباء كناتج ثنائي يصاحب أنشطة إنتاج البخار لمساندة صناعة البترول والغاز.

كذلك -والحديث للعواجي- تنتج المؤسسة العامة لتحلية المياه المالحة، الكهرباء كمنتج ثنائي إضافي بجانب إنتاج المياه المحلاة، إلى جانب هذه الجهات توجد مجموعة شركات من القطاع الخاص لديها مشروعات، مثل شركة «مرافق» وشركة «هجر» لإنتاج الكهرباء، وشركة «الشعيبة»، وشركة «الشقيق»، خلافها من الشركات التي تسهم في توليد الكهرباء وبعضها مياه محلاة كمشاركة من القطاع الخاص، وهذه تسمى المشروعات المستقلة.

وعن حجم مجمل الاستثمارات في قطاع الكهرباء، قال العواجي: «تقدر الاستثمارات اللازمة لقطاع الكهرباء في الأعوام العشرة المقبلة بما بين 500 (133.3 مليار دولار) و700 مليار ريال (186.6 مليار دولار)، ويفترض أن يسهم القطاع الخاص بجزء معتبر منها».

وفي ما يتعلق بترشيد استهلاك الكهرباء في ظل الحاجة الماسة لترشيد وحسن استخدامها، لتقليص النمو المتزايد في الطلب عليها نتيجة للنمو في مشروعات البنى التحتية والمشروعات الجديدة ذات الصلة، قال العواجي: «نتيجة لعوامل عدة منها طبيعة الطقس والاستهلاك الجائر للكهرباء، وقصور الوعي لدى المستهلكين فإن معدل استهلاك الفرد في السعودية، خصوصا في القطاع السكني، يعتبر من أعلى المعدلات على مستوى العالم».

وقال: «هذا هو أحد أسباب نمو الطلب عاليا للكهرباء بمعدلات كبيرة جديدة مقارنة بنمو الطلب عليها في بقية دول العالم، الأمر الذي يحتم على الجميع سواء في مواقع متخذي القرار أو الجهات العاملة في قطاع الكهرباء وانتهاء بالمشتركين العمل كفريق واحد من أجل الحد من استهلاك العالي للكهرباء، والحرص على استهلاكها بكفاءة عالية».

وأضاف العواجي: «هذا الأمر في الواقع لم تغفل عنه الجهات المسؤولة، إذ كانت هناك حملات توعوية خلال العقود الماضية، ومن ثم صدرت قرارات من الدولة من أهمها إنشاء المركز السعودي لكفاءة الطاقة الذي ينفذ - حاليا - حزمة من البرامج الموجهة بعناية واحترافية للحد من الاستهلاك الجائر للكهرباء».

كذلك، والحديث للعواجي، صدرت تشريعات في ما يخص مواصفات المعدات والأجهزة الكهربائية، خصوصا تلك التي تستخدم في الأجهزة المنزلية، وفي مقدمتها أجهزة التكييف من أجل رفع كفاءتها إلى المستوى الأعلى الممكن.

وقال العواجي: «من وجهة نظري فإن هذه الأنشطة والبرامج ستحقق نتائج إيجابية مستقبلا، ولكن من المهم جدا أخذ هذا الموضوع بعين الاعتبار وبمنتهى الاهتمام لدى الأطراف المعنية كافة ومن أهمها المستهلك النهائي».

وزاد: «إن المسؤولية الأكبر تقع على المستهلك الأخير، من خلال وجوب حسن الاختيار للأجهزة الكهربائية ذات الكفاءة العالية في المباني، وأيضا ضرورة استخدام العزل الحراري في المباني، والسلوك الحسن في الاستهلاك داخل المنزل، وهي المهمة جدا، وتتمثل في الاستخدام على قدر الحاجة، وإغلاق الأجهزة والإضاءة عند غير الحاجة إليها».

وأضاف: «وإذا تكاتفت الجهود ستتحقق الأهداف التي لا بد للجميع من العمل على تحقيقها حتى لا يأتي الوقت الذي لا نستطيع فيه الاستمتاع بالخدمة بنفس مستوى الجودة والموثوقية في المرحلة الحالية، ورسالتي للجميع الاهتمام بهذا الموضوع بالشكل الكافي نظرا للتكاليف الباهظة التي يتكبدها الاقتصاد المحلي لإنتاج الكهرباء وتوفير خدماتها».